ميليشيا جماعة الحوثيين

انتهزت ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية الذكرى السنوية الـ14 لمقتل مؤسسها حسين الحوثي، للتعبير عن مزيد مِن التوحش وصفه ناشطون يمنيون بالفكري والطائفي الذي يضع سلوكها في خانة واحدة مع نهج الجماعات المتطرفة، ويضرب النسيج الاجتماعي اليمني التعددي الذي بات الشعب قلقًا من احتضاره أمام سلاح الجهل والقمع وفرض الخطاب الطائفي بمناطق سيطرة الانقلاب.

بدأت حفلة القمع الحوثية مِن خطاب زعيم الميليشيا التي تدعمها إيران، عبدالملك الحوثي، الذي أسبغ على أخيه في ذكرى مقتله صفات تتجاوز الحدود البشرية والتعاليم المتفق على عدم تخطيها في اليمن، فضلا عن اعتباره الملازم الخمينية التي جاء بها شقيقه دستورًا قادرًا على حل مشاكل الإنسانية، حسب زعمه.

ولم تفوّت الجماعة المناسبة من دون إضفاء قمعها الذي يعبّر عن مشروعها الذي تنتهي مخرجاته عند تفكيك النسيج اليمني ومعتقداته الفكرية وإرثه الثقافي.

في صنعاء، التفّت عناصر الجماعة على عدد من المساجد التي لم يتم الاستيلاء عليها بعد، وفرضوا خطباء من لونهم، لإلحاقها ببقية مساجد العاصمة التي أصبحت في أغلبها منابر لتقديس الجماعة وزعيمها وبث الأفكار الإيرانية، فضلًا عن جعل بعضها بوابات للاستقطاب الطائفي والتجنيد في صفوف الميليشيات. ووفقًا لشهود عيان، اقتحمت عناصر حوثية مسجدًا في منطقة "دارس" شمالي العاصمة لفرض خطيب حوثي، إلا أن المصلين رفضوا هذا السلوك وأجبروا عناصر الجماعة على المغادرة، في ظل توعد وتهديد بحسم الأمور لصالحهم في الأسبوع المقبل بالقوة.

في مسجد آخر جنوب صنعاء، فرضت الميليشيات أحد الخطباء التابعين لها، فكان الردّ حسب سكان في حي "بيت بوس"، أنْ غاب أكثرية المصلين الذين كانوا يتجاوزون 20 صفًا في أثناء أداء صلاة الجمعة.

وإلى محافظة إب (نحو 200 كيلومتر جنوب صنعاء)، وتحديدًا في الجامع القديم (التاريخي) حيث مركز المحافظة؛ أطلق مسلحو الجماعة الرصاص الحي لترويع المصلين بعد رفضهم ترديد الصرخة الخمينية. وأفاد شهود لـ"الشرق الأوسط" بأن هلع المصلين وتدافعهم إثر إطلاق الرصاص، أدى إلى مقتل أحد المسنين دهسًا، وإصابة آخرين، في حين، وثّق ناشطون في مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من الميليشيات وهم يطلقون النار ويهرعون إلى ساحة المسجد لإسناد عناصرهم الموجودين في الداخل.
وتنفيذًا لتوجيهات زعيم الجماعة التي أطلقها في الأسابيع السابقة لمحاربة ما أطلق عليه "الغزو الفكري والثقافي"، دشّن أتباعه في صنعاء حملات لتمويه الرسوم الدعائية بالطلاء في محلات تزيين النساء والعرائس، فضلًا عن ملاحقة مجسمات العرض النسائية في محلات الملابس.
وفي حين شملت الحملة كل المتاجر في شارع الشوكاني (شارع كلية الشرطة) وسط العاصمة، برروا قيامهم بذلك بأنهم يحمون أخلاق المجتمع من الرذيلة، وبأن هذه الصور من العوامل التي قد تسبب هزيمة الجماعة وعدم انتصار مشروعها. وسخر الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي من السلوك الحوثي الذي وصفوه بالظلامي، مؤكدين أنه يتطابق مع تصرفات الجماعات الإرهابية.
وتعليقًا على حفلة القمع، قال البرلماني أحمد سيف حاشد، إنه "آن له أن يتحسس رأسه"، تعبيرًا عن إمكانية إعدامه بناءً على تفكير الجماعة وسلوكها الطائفي المتشدد. وعبّر عن مخاوفه رغم أن الأمر لم يستتبّ كليا للجماعة في السلطة، فكيف سيكون الحال لو تمكنت من الحكم واستقر لها الأمر، على حد ما ذكره في منشور على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

وفي سياق متصل، منعت الجماعة أي اختلاط بين الجنسين في المقاهي المنتشرة في صنعاء، كما أصدرت تعليمات لمنع الحديث الجانبي بين طلاب وطالبات جامعة صنعاء أو المشي المتجاور بين زميل وزميلته حتى ولو كانا أقارب أو مرتبطين بخطوبة أو زواج. واطّلعت "الشرق الأوسط" على خطاب رسمي أصدرته الجماعة الحوثية إلى المدارس تمنعهم من إقامة أي حفلات تخرّج مختلطة، أو عرض أي أغانٍ أو أناشيد غربية، أو إقامة أي "بازارات خيرية".

كما طلبت الجماعة أن تقدم المدارس خطة مسبقة إلى إدارة التربية تتضمن شرحًا تفصيليًا عن أي أنشطة مزمعة، ولم يستغرب التربويون ذلك من جماعة نصّبت شقيق زعميها، يحيى الحوثي، وزيرًا للتربية والتعليم في حكومة انقلاب غير معترف بها دوليًا.

وحذّرت الميليشيا، المدارس من قبول أي زيارات للمنظمات الأجنبية قبل أن تحصل على إذن، كما حضّت على أن يرتدي التلاميذ الملابس التقليدية في أي احتفال، وأن يتم التركيز على الفقرات التي وصفها معلمون بالطائفية التي تمجد الجماعة.​