واشنطن - يوسف مكي
كشفت صحيفة أميركية في تقرير لها، عن معلومات جديدة تفيد بأن حملة المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون ولجنة الحزب "الديمقراطي" قد ساعدت عن طريق شركة "فيوجن GPS"، في تمويل بحث أسفر عن الملف الشهير الذى يتضمن اتهامات حول صلات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بروسيا، واحتمال وجود تنسيق بين حملته والكرملين.
وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن تلك المعلومات تسببت في هجوم من البيت الأبيض، بعد أشهر من الرد على التسريبات والمزاعم المثارة حول هذا الموضوع. وفي مؤتمر صحفي عقد في البيت الأبيض الأربعاء، هاجم ترامب الملف الذى اتهمه بـ"المزور"، ووصفه بأنه كان حجر الزاوية في ما أسماه بـ"خدعة روسيا" بأكملها. ووصف ترامب الملف أيضا بأنه "عار وتعبير محزن للغاية عن السياسة الأميركية"، مضيفا أن الديمقراطيين يتشبثون بمزاعم في ملف البحث المعارض كذريعة لتبرير خسارة الانتخابات، وأنهم لم يعرفوا ماذا يقولون، فاختلقوا قصة روسيا بأكملها، في إشارة إلى قضية التدخل الروسي في الانتخابات.
على الجانب المقابل، استغل بعض الجمهوريين القصة ونشروا تصريحات صحفية عن كيفية عمل حملة هيلارى كلينتون والديمقراطيين مع شركة "فيوجين جي بي إس"، المعروفة بارتباطها بعمل مع روسيا، بينما أطلق الجمهوريون في مجلس الشيوخ تحقيقات جديدة حول تعامل كلينتون مع مواد سرية، وبيع شركة "يورانيوم" لشركة روسية، خلال عملها وزيرة للخارجية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
كما أعلن نواب جمهوريون، الثلاثاء، عن فتح تحقيقين برلمانيين جديدين، يستهدف الأول الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما، بينما يستهدف الثاني المرشحة الديموقراطية السابقة للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون. ويرمي التحقيق بحق كلينتون إلى جلاء ملابسات قرار مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي آي" ووزارة العدل خلال الحملة الانتخابية في 2016 بعدم ملاحقة المرشحة الرئاسية في حينه في قضية استخدامها حساباً بريدياً إلكترونياً خاصاً في تعاملاتها الرسمية حين كانت وزيرة للخارجية. وأما التحقيق بحق الرئيس السابق فيستهدف قراراً اتخذته إدارته في 2013 ووافقت فيه على صفقة بيع مجموعة "يورانيوم وان" المنجمية الكندية لشركة "روساتوم" الروسية، والقرار الذي أصدرته إدارة أوباما بعدما قامت المجموعة المنجمية بالعديد من التبرّعات لمنظمة كلينتون التي أسسها الرئيس السابق بيل كلينتون سمح للشركة الروسية بالاستحواذ على 20% من مخزونات اليورانيوم الأميركي.
ويأتي هذان التحقيقان في الوقت الذي يتعرض فيه الجمهوريون والرئيس دونالد ترامب لانتقادات شديدة بسبب سلسلة تحقيقات قضائية وبرلمانية حول تدخل روسيا في حملة الانتخابات الرئاسية في 2016. وسارع الديمقراطيون إلى اعتبار التحقيقين محاولة من الجمهوريين لـ"صرف النظر"، عن التحقيقات بشأن التدخل الروسي والخطر الذي تشكله روسيا على الأمن القومي الأميركي.
كما تناول التقرير بعض الحقائق الجديدة والمثيرة، عن دور الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية الخاسرة في الانتخابات الرئاسية الأميركية هيلاري كلينتون، في إثارة ما يسمى ملف روسيا عن علاقات مزعومة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومساعديه مع روسيا، وخاصة إبان الحملة الانتخابية التي فاز بها ترامب ممثلا عن الحزب الجمهوري، وهي تطورات يمكن أن تطيح بالتحقيقات الجارية حول دور روسيا في الانتخابات الأميركية.
وتشير المعلومات الجديدة إلى أن كلينتون واللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي دفعا أموالا لشركة أبحاث لنشر ادعاءات فاضحة حول علاقة ترامب ومساعديه بالكرملين، وفقا لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز". ويذكر أن صحيفة "واشنطن بوست" هي أول من نشر، الثلاثاء، معلومات عن دور حملة كلينتون في إثارة الملف الروسي. وقال متحدث باسم شركة محاماة، إن الشركة استعانت بباحثين من واشنطن العام الماضي لمحاولة جمع معلومات مدمرة عن ترامب في عدة مجالات، أهمها علاقاته المحتملة مع روسيا، موضحًا أن هذه الخطوة جاءت بتكليف من حملة كلينتون واللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي.
وبعد إعداد الملف الروسي المذكور عن ترامب، جرى تسريبه ونشره في وسائل الإعلام الأميركية. ومن المرجح أن يؤدي هذا الكشف الجديد الذي ظهر من رسالة قدمت إلى المحكمة، الثلاثاء، إلى تأجيج هجمات حزبية جديدة تستهدف التحقيقات الفيدرالية وتلك التي يجريها "الكونغرس" عن محاولات روسيا عرقلة انتخابات العام الماضي، وما إذا كان أي من مساعدي ترامب قد تورط في تلك الأنشطة. ودفع الرئيس ترامب وأنصاره منذ أشهر أن التحقيقات المذكورة ذات دوافع سياسية. وتحدوا المعلومات الواردة في الملف الذي جمع معلوماته جاسوس بريطاني سابق تعاقدت معه من قبل شركة أبحاث في واشنطن اسمها "فيوجن جي بي إس". وجاء في الرسالة التي قدمت إلى المحكمة أن شركة "فيوجن" بدأت العمل لصالح مكتب المحاماة "بيركنز كوي" في أبريل/نيسان 2016.
وكتب الرسالة الشريك الإداري لشركة المحاماة، ماثيو جيه جهرينغر، حيث أكد أن "فيوجن" أجرت أبحاثا لعميل أو عملاء آخرين خلال السباق الانتخابي لاختيار مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الأميركية التي جرت في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وخضع عمل شركة "فيوجن" في الملف الروسي لفحص من قبل محققي الكونغرس الذين حققوا مع أحد مؤسسيها وطلبوا الإطلاع على سجلاتها المصرفية. وفي محاولة من "فيوجن" لحماية سجلاتها المصرفية من الفحص لتحديد الجهة التي مولت البحث، تقدمت بالرسالة المذكورة إلى المحكمة الاتحادية، كاشفة فيها عن علاقاتها مع شركة المحاماة، رغم جهودها للحفاظ على سرية العملاء. وحصلت شركة المحاماة "بيركنز كوي" على 12.4 مليون دولار مقابل العمل مع حملة كلينتون والحزب الديمقراطي خلال الحملة الانتخابية عام 2016. وفي الوقت الذي بدأ فيه الحزب الديمقراطي تسديد أموال لجمع معلومات مسيئة عن ترامب، كان الأخير في طريقه إلى الترشيح الجمهوري للرئاسة، وسط جدل من المرشحة الديمقراطية المنافسة آنذاك كلينتون لبحث كيفية التصدي لمرشح استطاع النجاة من كل هجمات المرشحين المنافسين على ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات، وهي هجمات طالت مواقفه السياسية وأعماله وسجله التجاري.
بدورها، استأجرت شركة "فيوجن"، كريستوفر ستيل، وهو جاسوس بريطاني سابق لديه خبرة واسعة عن روسيا، لجمع معلومات عن أي صلات بين ترامب وحملته وبين موسكو. وكتب ستيل سلسلة من المذكرات التي تحدثت عن مؤامرة مختلقة بين حملة ترامب والحكومة الروسية للتأثير على انتخابات عام 2016. وتضمنت المذكرات أيضا روايات لا أساس لها عن لقاءات جمعت بين ترامب ومومسات روسيات، وعن صفقات عقارية حاول ترامب عقدها مع روسيا لاستخدامها كرشاوى. وانتشرت محتويات مذكرات الجاسوس البريطاني السابق في واشنطن أواخر عام 2016. واطلع ترامب على ملخصات لها أعدها مسؤولو استخبارات بارزون، وذلك خلال الفترة الانتقالية الفاصلة بين فوز ترامب في نوفمبر وتوليه السلطة فعليا في يناير/كانون الثاني الماضي. والمذكرات التي نسبت إلى الجاسوس البريطاني السابق، وعرفت باسم "ملف ستيل" نشرها موقع "بازفيد" االشهير، مثيرا تساؤلات حول دقة المعلومات الواردة فيها والجهات التي تولت تمويلها.
وبدأت شركة "فيوجن" نشاطها بثلاثة موظفين سابقين من "وول ستريت جورنال". وعملت الشركة مباشرة مع "بيركنز كوي" ومحاميها الرئيسي للانتخابات، مارك الياس، وفقا للمتحدث باسم مكتب المحاماة، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته. وقال المتحدث إن الدفعات المالية التي سددها مكتب المحاماة إلى شركة فيوجين حول الملف الروسي انتهت قبل يوم الانتخابات الرئاسية مباشرة. وأكد المتحدث أن حملة كلينتون واللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي لم تكونا على علم بأن شركة "فيوجن" كانت تعمل لصالحهما، على اعتبار أنها كانت تتعاون سرا مع شركة المحاماة.
وفي وقت سابق من هذا العام، نفى إلياس أنه كان مشرفا على الملف الروسي قبل الانتخابات. وإلى ذلك، قالت انيتا دون، وهي ناشطة ديمقراطية مخضرمة تعمل مع "بيركنز كوي"، الثلاثاء، إن إلياس كان على دراية تامة ببعض المعلومات وليس كلها في الملف. وأضافت: لم يطلع على الوثيقة الكاملة، كما لم يشارك في تقديمها للصحفيين. والثلاثاء، قال بريان فالون، السكرتير الصحفي لحملة كلينتون، إنه لا يعلم أن الشخص المكلف بكتابة ملف عن ترامب كان يعمل نيابة عن حملة كلينتون.
وغرد فالون، الثلاثاء، على "تويتر": "إنه لا يعلم أن ستيل كان يعمل نيابة عن حملة كلينتون قبل الانتخابات. وقال: لو كنت أعلم لتطوعت للذهاب إلى أوروبا ومحاولة مساعدته. وإلى ذلك، قالت متحدثة باسم اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، إن رئيس الحزب الديمقراطي، توم بيريز، لم ينتخب إلا بعد انتخابات العام الماضي، وإنه هو وفريقه القيادي لم يشاركوا في أي عملية لصنع القرار فيما يتعلق بالملف الروسي، وذلك في محاولة واضحة للنأي بالحزب الديمقراطي عن أي تداعيات.