طرابلس ـ فاطمة سعداوي
نفى القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، تخطيطه إلى انقلاب عسكري في البلاد، لكنه أبقى في المقابل على خيار “التدخل إذا ما استنفدت جميع الوسائل المعتادة في انتقال السلطة سلميا عن طريق انتخابات حرة ونزيهة”، ورأى أن “تفويض” الشعب للجيش لتولي السلطة سيصبح “خيارا متقدما، قد لا يوجد سواه على الساحة السياسية”، وبعد ساعات فقط من إعلان اللواء ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة بالجيش عن تحرير كامل منطقة إخريبيش في مدينة بنغازي، آخر معاقل المتطرفين في شرق البلاد، بدا أن حفتر الذي أشاد بحملة الحراك الشعبي لتفويضه لتولى السلطة في البلاد، يرغب في أن يلعب مجلس النواب دورا رئيسيا خلال المرحلة المقبلة.
وقال حفتر، إنّه “في الوقت الحاضر لدينا مؤسسة تشريعية منتخبة تمثل إرادة الشعب، وهي المعنية بتلبية هذا المطلب ألا وهو البرلمان المنتخب”، في إشارة إلى مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق مقرا له، كما نفى معارضته للحل السياسي أو عرقلة الجهود السلمية المحلية والدولية أو رفض التوافق بين الليبيين، معتبرا أن القيادة العامة للجيش الوطني تتعرض لما وصفه بـ”دعاية مغرضة”، وقال إنّ “الحقيقة هي أننا نحن من دفع العالم إلى القبول على مضض بمسار الانتخابات كحل أساسي ومبدئي يتقدم كل المراحل للوصول إلى اتفاق سياسي، نحن أول من نادى بهذا المسار ولا زلنا نتمسك به وبكل قوة، كل الجالسين على هرم السلطة حاليا باستثناء القلة لا يريدون الانتخابات ويعملون على عرقلتها أو تأجيلها إلى أبعد مدى ممكن ويبحثون عن أي ذريعة للتمديد لأنهم يخشون على عدم بقائهم في السلطة ولهم حساباتهم الخاصة وهذه هي الحقيقة”.
ولفت إلى أن هناك أيضا أطرافا دولية، لم يسمها، قال إنها لا ترغب في إجراء الانتخابات قبل أن تضمن نجاح الموالين لها ولو جزئيا، مضيفا: “كل الوفود الدولية التي تزور القيادة العامة من وزراء وسفراء، وكذلك رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم غسان سلامة يعلمون حقيقة تمسكنا القوي بمسار الانتخابات وضرورة التعجيل بها وهم يشهدون على ذلك”، وتابع حفتر “وفي كل زيارة نقوم بها للخارج نضع ملف الانتخابات في مقدمة المباحثات ونؤكد لهم أنه لا حل في ليبيا إلا أن يختار الليبيون رئيسا لبلادهم عبر صناديق الاقتراع في انتخابات مباشرة حرة ونزيهة وأن يختاروا نوابهم أيضا”، مضيفا: “ولا يستطيع أحد أن يزايد علينا في التمسك بالمسار الديمقراطي وحمايته والدفاع عنه وهذا أحد أهم واجباتنا في الجيش الوطني، لكنهم يماطلون من أجل مصالحهم ومناصبهم ويريدون إلصاق التهمة بنا على أننا ضد الانتخابات، نحن نمارس كل الضغوط من أجل إجراء انتخابات دون مماطلة ودون غش أو تزوير ونحذر كل من تسول له نفسه التلاعب بالعملية الانتخابية، وندعو كل الليبيين من الفئات العمرية المسموح لها بالمشاركة في العملية الانتخابية أن يبادروا بالتسجيل في سجلات الناخبين”.
وكرر حفتر تأكيده على انتهاء صلاحية اتفاق السلام المبرم بمنتجع الصخيرات في المغرب برعاية أممية قبل نحو عامين، موضحا أن “انتهاء الاتفاق السياسي شيء وعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا شيء آخر، فالاتفاق السياسي انتهى بشكل تلقائي وهذا كلام غير قابل للنقاش أو الجدل”، وتابع “بالنسبة لنا الاتفاق السياسي انتهى وهو من الأساس مطعون في شرعيته والحديث عنه أصبح مقززا لأنه يذكرنا بمرحلة سياسية غاية في السوء، والذي يعتقد أن الاتفاق السياسي ما يزال نافذا إنما يخادع الشعب”.
ودعا حفتر المبعوث الأممي إلى الانتباه لمن وصفهم بالمعرقلين والمزورين للانتخابات المقبلة التي قال إنها “تأتي أولا والبقية تأتي تباعا”، ولفت إلى أنه أوضح في بيانه الأخير حول انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات في الـ17 من الشهر الجاري، أن الجيش الوطني لن يخضع لأي سلطة ما لم تكن منتخبة من الشعب الليبي وهذا لا مجال للشك فيه، ومع ذلك، شدد على “تمسكنا وإيماننا بالمسار الديمقراطي والذي أساسه الانتخابات الحرة المباشرة”.
وأكد الجيش الوطني انتزاع السيطرة من مقاتلين إسلاميين على آخر حي في بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية، حيث قال اللواء ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة إن قوات الجيش قضت على المتطرفين في منطقة إخريبيش، معلنا تحرير مدينة بنغازي من الإرهابيين والقضاء على “داعش” بعد عمليات استمرت لأكثر من خمسة أشهر، ودعا بوخمادة بقية المدن الليبية إلى حذو بنغازي والانتفاضة على المتطرفين، مؤكدا أن الجيش الوطني مستمر لاستكمال مهمته في تحرير كامل الأراضي الليبية من الجماعات المتطرّفة، وطبقا لما أوضحه المتحدث باسم القوات الخاصة العقيد ميلود الزوي، فقد بدأت وحدات الجيش في عمليات تمشيط وتأمين بعد هروب بعض الإرهابيين غربي مدينة بنغازي، فيما قال مصدر عسكري إنه تم قتل 12 إرهابيا، بعد فرارهم باتجاه منطقة جروثة، داعيا السكان إلى الإبلاغ عن الإرهابيين، في حال رصد تحركاتهم.
وكشف العقيد وسام الجامع رئيس جهاز الأمن الدبلوماسي التابع لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج, عن مباشرة عدد من سفارات دول الاتحاد الأوروبي مهامها من داخل العاصمة الليبية طرابلس مطلع العام المقبل، ونقلت وكالة “شينخوا” الصينية عنه قوله “من ضمن السفارات العربية التي ستباشر مهامها من طرابلس خلال الفترة المقبلة هي السفارة التونسية”، مشيرا إلى أن السفارة المجرية، من بين السفارات التي باشرت مهامها أخيرا من العاصمة طرابلس، في انتظار فتح باب التأشيرات عقب انتهاء أعياد الميلاد في بلادهم، وكانت معظم السفارات والبعثات الدبلوماسية والهيئات الأجنبية قد غادرت طرابلس إلى تونس المجاورة لتسيير أعمالها بشكل مؤقت اعتبارا من شهر يوليو (تموز) عام 2014 بعد اندلاع معارك بين ميلشيات “فجر ليبيا” وقوات من الزنتان، وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة، عن ترحيل 299 مهاجرا غير شرعي إلى نيجيريا وغينيا، في عمليتين منفصلتين ضمن برنامج العودة الطوعية الذي تنفذه المنظمة, علما بأنه ومنذ منتصف هذا الشهر فقد تم ترحيل أكثر من 17 ألف مهاجر غير شرعي إلى بلدانهم خلال العام الجاري، يمثلون جنسيات 24 بلدا من قارتي أفريقيا وآسيا.