عدن ـ عبدالغني يحيى
شهدت الأيام الأخيرة تساقطًا واسعًا للقيادات الحوثية الميدانية في مختلف جبهات القتال، جراء المعارك والضربات الجوية لتحالف دعم الشرعية، وسط أنباء عن انشقاق أرفع قائد عسكري موالٍ للميليشيات الحوثية في الحديدة والساحل الغربي وانضمامه إلى قوات الشرعية، في الوقت الذي ضاقت المستشفيات الرسمية بأعداد جرحى الجماعة، ما دفعها إلى تحويل المقرات الحكومية إلى مستشفيات إضافية لاستقبالهم.
وفي هذا السياق، أفادت تسريبات عسكرية في جبهة الساحل الغربي، السبت، بأن العسكري البارز المعين من قبل الحوثيين قائدًا للمنطقة العسكرية الخامسة في الحديدة، اللواء سعيد أبو بكر الحريري، انشق عن الجماعة بعد أن وصل إلى قناعة بدنو نهايتها في الحديدة، والساحل الغربي، معلنًا انضمامه إلى صفوف القوات الحكومية.
ولم تكشف المصادر عن مزيد من التفاصيل المتعلقة بملابسات انشقاق الحريري، لكنها أشارت إلى أنه تواصل مع قيادة ألوية العمالقة في الساحل الغربي من أجل القفز من قارب الجماعة الحوثية، وهو ما قوبل من قبل القوات الحكومية بالترحاب، حيث نسقت معه لعملية هروبه، قبل أن يصل إلى مكان آمن خاضع لسيطرتها.
ويعد الحريري من القيادات الجنوبية، التي انضمت قبل ثلاثة أعوام إلى صفوف الميليشيات الحوثية، قبل أن تعينه قائدا لمنطقتها العسكرية الخامسة في الحديدة، حيث يرجح أن دافعه للالتحاق بها كان الحصول على مكاسب مادية.
في غضون ذلك، نقلت مصادر ميدانية تصريحات للقائد العام لجبهة الساحل الغربي وقائد ألوية العمالقة، أبو زرعة المحرمي، قال فيها إن ألوية العمالقة ترحب بكل المنشقين من صفوف الميليشيات، داعيًا كل القادة الموالين للجماعة الحوثية إلى سرعة الانسحاب من صفوفها قبل فوات الأوان، كما دعا المحرمي المقاتلين مع الميليشيات إلى تسليم الحديدة سلميًا وتخليصها من ظلم واستبداد الجماعة التي تسعى - على حد قوله - إلى إحداث فوضى عارمة فيها القتل، والدمار، والخراب، وهدم هياكل الدولة المدنية.
وأكد المحرمي أن ألوية العمالقة التي يقودها تحت راية الشرعية اليمنية، وبإسناد من التحالف الداعم لها، تخوض معارك شرسةً وتسطر أروع الانتصارات؛ نصرةً للحق، وردعًا للانقلاب وتعرف أنه تم التغرير بالكثير من أتباع الجماعة وقادتها، لذلك فإن قواته في استعداد تام لاستقبال المنشقين.
تحرير الحديدة
وعلى وقْع هدوء حذر ومحاولات اختراق حوثية فاشلة، يرافقها قصف مدفعي وتحصن للميليشيات وسط الأحياء السكنية، يترقب سكان مدينة الحديدة، بدء معركة تحرير الميناء، من قبل قوات الجيش والمقاومة الشعبية المسنودة بتحالف دعم الشرعية، لإنهاء معاناتهم القائمة تحت وطأة الميليشيات الحوثية، وأثنى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، على الأدوار الكبيرة لتحالف دعم الشرعية، كما أشاد هو ورئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر، بحجم الانتصارات المتسارعة في جبهة محافظة البيضاء.
وفي الوقت الذي تتواصل الانهيارات الحوثية في جبهات لحج وصعدة ونهم وصرواح، أفادت مصادر عسكرية وثيقة، بأن قوات الجيش في المنطقة العسكرية السادسة، تستعد لإطلاق عمليات واسعة لاستكمال تحرير محافظة الجوف، والتوغل نحو محافظة عمران المجاورة غربًا.
وقالت المصادر، إن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، ناقش في اجتماع خاص مع قادة المنطقة العسكرية السادسة، الخطط التي أعدها القادة لإطلاق العمليات المرتقبة، وشدد على الإسراع في تنفيذها، بالتزامن مع الانهيارات التي تتكبدها الجماعة الحوثية في مختلف الجبهات.
وجاء، امتداح الرئيس هادي لجهود التحالف الداعم للشرعية، السبت، في عدن، لدى استقباله محافظ حضرموت فرج البحسني وقيادات التحالف في المحافظة، وأفادت وكالة «سبأ» الرسمية بأن هادي «أشاد بدور وجهود قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية وبمشاركة فاعلة من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في دعم اليمن وشرعيته الدستورية».
وذكرت الوكالة أن هادي ناقش، بحضور رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري، ومحافظ حضرموت اللواء فرج البحسني، ورئيس لجنة الشرطة من وزارة الداخلية الإماراتي، وقائد قوات التحالف العربي بمحافظة حضرموت «الأعمال المستقبلية الداعمة المقدمة من دولة الإمارات لتطوير ودعم الأمن العام في محافظة حضرموت».
وفي سياق الثناء على قوات الجيش في محافظة البيضاء، أجرى الرئيس هادي اتصالًا مع قائد اللواء 173 العميد صالح عبد ربه المنصوري وشدد خلاله -وفقًا للمصادر الرسمية- على أهمية مواصلة «الانتصارات النوعية حتى تطهير محافظة البيضاء بالكامل من الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران».
انتصارات في البيضاء
وأفادت وكالة «سبأ» بأن رئيس الحكومة بن دغر، أثنى بدوره على انتصارات الجيش في البيضاء، ودعا خلال لقاء في عدن جمعه بمحافظها ناصر الخضر السوادي «أبناء محافظة البيضاء واليمن عمومًا إلى الوقوف إلى جانب الشرعية الدستورية والمشروع الوطني الجامع الذي اتفق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني"، ووعد بأن تلبي حكومته احتياجات المحافظة من المشاريع الخدمية وتقوم بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين ودفع مرتبات الموظفين بانتظام وذلك في كل المديريات المحررة من الميليشيات الحوثية الانقلابية».
وكانت قوات الجيش قد حررت مديرية نعمان بالكامل وتقدمت من محورين لمسافة تزيد على 50 كيلومترًا، لتلتحم في منطقة فضحة، استعدادًا لتحرير مديرية الملاجم، وبقية مناطق المحافظة، بمشاركة نحو 12 لواءً عسكريًا وأمنيًا.
إلى ذلك، كشفت المصادر الرسمية، بأن نائب الرئيس اليمني، عقد اجتماعًا، في مأرب مع قادة المنطقة العسكرية السادسة وبحضور، المفتش العام للقوات المسلحة القائم بأعمال رئيس الأركان اللواء الركن عادل القميري، ومدير دائرة العمليات الحربية اللواء الركن خالد الأشول، وقائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء الركن هاشم الأحمر، وقادة الوحدات والألوية وممثلي قوات التحالف في المنطقة.
ووفق ما ذكرته وكالة «سبأ»، اطّلع الفريق الأحمر «على سير العمليات العسكرية وجهود استكمال التحرير وأوضاع الوحدات العسكرية، مشيداً بالملاحم التي يسطرها أبطال الجيش بدعم الأشقاء في التحالف والانتصارات التي يحرزونها في سبيل استكمال التحرير».
وقال الأحمر في الاجتماع «لا خيار أمامنا سوى دحر وهزيمة المشروع الإيراني في اليمن ولا يوجد خيار آخر غيره، وإنه لا عزة لليمنيين إلا باستعادة دولتهم وشرعيتهم وإنهاء الانقلاب"، وحض «على مضاعفة الجهود وتنفيذ الخطط واستكمال تنفيذ المهام العسكرية والجاهزية القتالية، مثمنًا تثمينًا عاليًا الدعم العسكري واللوجيستي والإغاثي لدول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة».
من جهته، عدّ الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني العميد فيصل حلبوب، معركة تحرير الحديدة نقطة فاصلة في مسار الحرب التي تخوضها الحكومة الشرعية بإسناد من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وسيكون تحريرها «آخر مسمار في نعش مشروع إيران الإرهابي».
ووفق حلبوب، فإن مدينة الحديدة مدينة إستراتيجية، وهي ميناء للصادرات والواردات، وبها كثير من المصالح والخدمات والمصانع مثل صوامع غلال الدقيق والألبان والإسمنت والحقول الزراعية الأكثر والأكبر على مستوى محافظات الشمال. وقال إن «تعنت ميليشيا الحوثي وتحديها لإرادة التحالف وقوات الجيش والمقاومة ممثَّلة في ألوية العمالقة وغيرها، دفع بالتحالف إلى خوض عملياته المشتركة بعد فشل المفاوضات إلى التقدم باتجاه الحديدة وحسم الأمور عسكريًا، وهو ما تحقق خلال فترة وجيزة وبأقل التكاليف».
ميدانيًا، واصلت قوات الجيش مسنودة بالمقاومة الشعبية وطيران التحالف، تقدمها الميداني لاستكمال تحرير مديرية القبيطة شمالي محافظة لحج لليوم الثاني على التوالي، وأكد مصدر عسكري للمركز الإعلامي للقوات المسلحة، أن «قوات الجيش المرابطة في جبهة السحر وطور الباحة تمكنت، السبت، من تحرير عدد من المناطق وصولًا إلى مستوصف سوق الخميس جنوبي مديرية القبيطة».
وأضاف المصدر أن «قوات الجيش تواصل التقدم شرقي مديرية القبيطة، حيث تمكنت، من تحرير مناطق العنين وجبل موجر ومناطق صبيح والتحمت بجبهة العمالقة في سوق الخميس، حيث ستتحرك جميع القوات نحو تحرير مناطق المرابحة».
وكانت القوات في الجبهة ذاتها، قد حررت، الجمعة، جبال دار سفيان، والسبد، والبياضي، والقناص، ومرتفعات الضواري، كما تمكنت من تحرير تلة السحي، المطلة على الخط الرابط بين الشريجة، والراهدة، ووصلت إلى جبل العصيدة الإستراتيجي الذي يطل على أجزاء من الراهدة، وتلال أخرى في ميمنة جبهة الشريجة، فضلًا عن تحرير عدد من المواقع التي كانت تتمركز فيها الميليشيات الحوثية بجبهة حيفان، ومنها مدرسة خالد بن الوليد، ووادي الهجمة.
معارك متجددة في نهم
وفي جبهة نهم شمال شرقي صنعاء، حررت قوات الجيش مواقع جديدة بعد معارك عنيفة مع الميليشيات الحوثية، وأفاد موقع الجيش اليمني بأن المعارك أسفرت عن تحرير عدد من التلال في منطقة وادي محلي، ووفقًا للموقع الرسمي نفسه، صد الجيش هجومًا حوثيًا في صرواح، غرب مأرب، ما أدى إلى مقتل أكثر من 25 مسلحًا من عناصر الجماعة الحوثية.
إلى ذلك، أوضح سكان في مدينة الحديدة، أن الميليشيات الحوثية وزعت مبالغ مالية على المئات من السكان، أملًا في موافقتهم على الانضمام إلى صفوفها، كما ذكر شهود أن الجماعة واصلت القصف المدفعي على المطار، انطلاقًا من أماكن تمركزها وسط الأحياء الجنوبية.
ويرجح السكان، أن الهدوء النسبي، الذي تشهده هذه الجبهة، يمهد، لإطلاق معركة تحرير الميناء، واستكمال استعادة المدينة من قبضة الميليشيات، حيث يتوقعون أن تبدأ العمليات من قبل قوات الجيش والمقاومة الشعبية، بمجرد أن تنتهي الاستعدادات لها، بتأمين المطار والأنحاء المحيطة به.