العقيد تركي المالكي

أطلقت جماعة الحوثيين، في وقت يزور المبعوث الأممي الخاص لليمن العاصمة صنعاء، لإحياء مفاوضات السلام بين الأطراف اليمنية، سبعة صواريخ باليستية، متتالية على المملكة العربية السعودية مساء الأحد، قبل فعالية أقامتها الجماعة الحوثية الإثنين، في ميدان السبعين بمناسبة مرور ثلاثة أعوام على عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد مسلحي الجماعة، والتي كان من المفترض أن تستمر ثلاثة أشهر فقط، وفق تصريحات الناطق الرسمي للتحالف آنذاك، أحمد عسيري. 

 وكانت قد أطلقت جماعة الحوثيين سبعة صواريخ باليستية نحو الأراضي السعودية، وقال المتحدث باسم قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، العقيد تركي المالكي، إن الدفاع الجوي للتحالف العربي رصد عملية إطلاق الصواريخ من داخل الأراضي اليمنية باتجاه أراضي المملكة، مضيفًا أن ثلاثة من هذه الصواريخ كانت باتجاه مدينة الرياض وواحد باتجاه خميس مشيط وواحد باتجاه نجران واثنان باتجاه جازان وتم إطلاقها بطريقة عشوائية وعبثية لاستهداف المناطق المدنية والآهلة بالسكان.

 وأكد المالكي أنه تم اعتراضها جميعًا وتدميرها من قبل قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، مشيرًا إلى أن عملية اعتراض الصواريخ أدت إلى تناثر الشظايا على بعض الأحياء السكنية "نتج عنها مقتل مقيم من الجالية المصرية وأضرار مادية للأعيان المدنية"، معتبرًا ما وصفه بـ"العمل العدائي والعشوائي من قبل الجماعة الحوثية المدعومة من إيران يثبت استمرار تورط دعم النظام الإيراني للجماعة الحوثية المسلّحة بقدرات نوعية في تحدٍ واضح وصريح لخرق القرار الأممي "2216" والقرار "2231" بهدف تهديد أمن المملكة العربية السعودية وتهديد الأمن الإقليمي والدولي".

 وقال المالكي، إن إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه المدن والقرى الآهلة بالسكان "يعد مخالفًا للقانون الدولي الإنساني"، مؤكدًا أن "ما تقوم به المليشيا الحوثية يعد تطورًا خطيرًا في حرب المنظمات الإرهابية ومن يقف خلفهم من الدول الراعية للإرهاب كنظام إيران".

وأطلقت اقوة الصاروخية التابعة لجماعة الحوثيين، في اليمن أكثر من 100صاروخ باليستي نحو الأراضي السعودية منذ بداية الحرب، فيما تطلق العديد من الصواريخ الباليستية، على مواقع لقوات الشرعية والتحالف العربي في مدينة مأرب شرقي اليمن، ومحافظة الحديدة غرب البلاد.

وعرض التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، خلال مؤتمر صحافي في الرياض، أدلة بشأن تهريب إيران صواريخ لميليشيات الحوثي، وقال العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف، إن اليمن عانت من تدخلات إيران ودعمها لميليشيات الحوثي الانقلابية، معتبرًا أن امتلاك ميليشيات الحوثي لصواريخ باليستية تطورًا خطيرًا.
 
وعرض المتحدث صاروخًا إيرانيًا هربته طهران إلى الميليشيات الانقلابية، وتم ضبطه في اليمن، وظهر عليه كتابة بالفارسية، كما عرض التحالف صورًا لحطام الصواريخ الباليستية التي اعترضتها دفاعات التحالف الأحد، موضحًا أن التحالف تمكن من ضبط شحنة صواريخ إيرانية في اليمن من نوع "صياد" وحال دون إطلاقها، وقال المالكي إن استخدام الحوثيين لمطار صنعاء الدولي كثكنة عسكرية يشكل مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي والإنساني، ما يعرض طائرات الإغاثة إلى خطر الاستهداف.
 
ولفت المالكي إلى أن التحالف رصد صواريخ إيرانية من نوع "قيامة" كان الحوثيون يخططون لإطلاقها على السعودية في يوم المملكة الوطني، وقال إن التحالف سيستمر في دعم جهود الإغاثة في اليمن، مؤكدًا أن للمملكة حق الرد على إيران في الوقت والشكل المناسب، الحق الذي يكفله القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، ودعا مجلس الأمن لمحاسبة إيران على خرقها القانون الدولي، مشيرًا بيده إلى صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على الرياض وقال إنه "إيراني من نوع قيام".
 
واعتبر المالكي أن العالم يواجه خطر دعم الميليشيات والمنظمات الإرهابية والجريمة المنظمة بالصواريخ الباليستية، وقال إن إيران استهدفت العاصمة الرياض، وفيها 8 ملايين مدني، وأوضح أن معظم الصواريخ، ومنها ما استهدف مكة المكرمة، تأتي من صعدة ومن شمال عمران، معقل ميليشيا الحوثي، كما عرض "صممات" هي إحدى ميزات الصواريخ الإيرانية، مشيرًا إلى أن الحوثي لا يمتلك هذه القدرات الصاروخية، مبينًا أن المحرك في الصاروخ كان مصممًا ليصل الرياض.
 
وعبر صواريخ ضبطت في اليمن وصور عرضها المالكي أمام الصحافيين، أوضح المتحدث كيف يتم تجميع الصواريخ بعد تهريبها من إيران لليمن، إلى ذلك، قال المالكي إن إيران تستغل ميناء الحديدة لتهريب تلك الصواريخ، عارضًا صورة لعناصر حوثية ترتدي زيًا مدنيًا تتولى مهمة إطلاق الصواريخ، وبث فيديو يظهر ميليشيا الحوثي تُحرك أنظمة إطلاق الصواريخ أثناء هبوط وإقلاع طائرات الأمم المتحدة في مطار صنعاء الدولي، كذلك، عرض منظومة رادات إيرانية ضبطها التحالف ومعها صاروخ صياد.
 
ونظمت جماعة الحوثيين فعالية في العاصمة صنعاء، الإثنين، في الذكرى الثالثة لبدء التدخل العسكري بقيادة الرياض، وتدفق المتظاهرون إلى ساحة السبعين في صنعاء، بضغوطات من مشرفي الجماعة في العاصمة، رافعين لافتات تحمل صورة زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي وأخرى كتب عليها "ثلاثة أعوام على العدوان".
 
ومنذ 26 آذار/ مارس 2015، تقود السعودية التحالف العسكري دعمًا لسلطة الرئيس المعترف به دوليًا عبد ربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين الشيعة المتهمين بتلقي الدعم من طهران، وتختم عاصفة الحزم عامها الثالث وسط فشل ذريع في تحقيق الهدف المنشود إعادة الشرعية برئاسة هادي، بالإضافة إلى تحرير كافة الأراضي اليمنية من المسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وإب وذمار وعمران وصعدة وعمران وحجة وأجزاء من محافظات البيضاء ومأرب والضالع ولحج وتعز والجوف. 
 
ويأتي إطلاق الحوثيين الصواريخ على الرياض بمثابة تحد واضح لقوات التحالف العربي، وتأكيدًا على استمرارهم في الحرب، واعتبرت الحكومة اليمنية، أن مهاجمة ميليشيا الحوثي الانقلابية، مساء الأحد، بأكثر من صاروخ باليستي، للمدن السعودية المكتظة بالسكان، تأكيدًا على "الطبيعة الإجرامية لهذه العصابة".
 
وشدد رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، على أن ذلك لم يترك للحكومة الشرعية والتحالف العربي سوى خيار واحد فقط هو النصر، وقال "علينا هزيمتهم وكسر شوكتهم ومن يقف خلفهم"، وأضاف في تغريدات نشرها على صفحته بموقع "تويتر"، تعليقًا على إطلاق ميليشيا الحوثي 7 صواريخ باليستية باتجاه الأراضي السعودية،  "لم ولن يسلم أحد من شرور هذه العصابة الإجرامية، ها هم يطورون أسلحتهم بدعم إيراني غير محدود، يهاجموننا ويعرضون أمننا للخطر".
 
من جانبه، جدد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، التأكيد على إعادة الشرعية والأمن والاستقرار لليمن وإنقاذ الشعب اليمني من إيران، وقال في تغريده على صفحته بـ"تويتر"، تعليقًا على ذات الموضوع "آمنون بفضل من الله ثم حكمة قيادتنا وجنودنا البواسل حفظهم الله ورعاهم"، مضيفًا "خسئت إيران وميليشاتها الحوثية في اليمن. ولن نحيد عن أهدافنا في إعادة الشرعية والأمن والاستقرار لليمن وإنقاذ الشعب اليمني من إيران، وحماية أمننا الوطني وممرات التجارة البحرية".
 
وفي الوقت الذي يقول التحالف العربي إنه تمكن من تدمير كافة مخازن الأسلحة والصواريخ الباليستية، تطور الجماعة صواريخ جديدة وتطلقها نحو العمق السعودي، رغم الحصار المفروص على اليمن منذ مطلع العام 2015، واعتبر مراقبون أن إطلاق الحوثيين صواريخ باليستية تزامنًا مع جولة جديدة من المفاوضات لإحلال السلام في البلاد تأكيدًا على أن الجماعة لا تريد للحرب أن تتوقف، مضيفين أن إطلاق صواريخ نحو الرياض، في وقت يزور المبعوث الأممي مارتن غيريفث العاصمة صنعاء إشارة إلى استمرارها في حربها العبثية. 
 
وقال الكاتب الصحافي، نجم عبدالواحد، إنه بعد مرور ثلاثة أعوام على عاصفة الحزم، لم تحقق أهدافها سوى في إضعاف حكومة هادي وإنشاء مليشيا مسلحة تعمل لصالح أطراف في التحالف، وأضاف في تصريح لـ«العرب اليوم» أن إطلاق الحوثيين للصواريخ نحو الرياض والمدن الأخرى تأكيدًا على الفشل الذريع للتحالف، مبينًا أنه كانت جماعة الحوثيين قد حصلت على الصواريخ من إيران فمن أين وصلت إلى أيديهم، في وقت تفرض قوات التحالف العربي حصارًا خانقًا على اليمن منذ انطلاق العمليات العسكرية. 
 
وأشار عبدالواحد، إلى أن الحوثييين يسعون من خلال إطلاق الصواريخ الباليستية، والاحتشاد، الإثنين، لإرسال رسالة إلى الأمم المتحدة أنهم أقوياء وهم من يملكون السلطة الحقيقية على الأرض، مضيفًا "الاحتفال مسميات جديدة للحوثيين حيث وصفت رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد بفخامة رئيس الجمهورية بالإضافة إلى وصف رئيس حكومة الانقلاب بدولة عبدالعزيز بن حبتور، إضافة إلى وزير الخارجية بسعادة الوزير، وهي ألقاب تطلق على المسؤولين الشرعيين".
 
من جانبها أدانت الولايات المتحدة الأميركية إطلاق الحوثيين الصواريخ الباليستية، على السعودية، وأكدت جوان بولاشيك، النائب الأول لمساعد وزير الخارجية الأميركي، خلال لقائها وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، بحضور السفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تويلر،  على دعم واشنطن الثابت للحكومة الشرعية وللشعب اليمني"، وعبرت عن إدانة حكومة بلادها للاعتداء الحوثي على الشعب اليمني، وعلى أمن المملكة واستهداف مدنها بالصواريخ الباليستية.
 
 من ناحيته، بيّن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمنية عبدالملك المخلافي، أن الصواريخ التي أطلقتها مليشيا الحوثي على المملكة العربية السعودية والمبعوث الأممي لا يزال في صنعاء رسالة واضحة للعالم بأن هذه المليشيات لا تريد السلام وليس لديها استعداد للاستجابة لمتطلباته، وأضاف في سلسلة تغريدات في حسابه على "تويتر"، " كلما بدا للعالم أن اليمن يمكن أن يخطو خطوات نحو السلام واستعادة الدولة والأمن والاستقرار باستعداد واستجابة الحكومة اليمنية لكل الجهود والتوجهات الدولية أوعزت إيران لمليشياتها الحوثية في اليمن بإطلاق صواريخها لتدمير أَي فرصة سلام".
 
ونوه المخلافي بأن "وفدًا أوروبيًا من عدد من السفراء قام بزيارة صنعاء بناء على طلبهم ليكتشفوا بأنفسهم ما قلناه لهم إن جماعة الحوثي لاتفهم معنى السلام وإنها ستفهم زيارتهم فهمًا خاطئًا يشجعها على استمرار جرائمها ونعتقد أن تصعيد المليشيا بعد الزيارة يثبت ذلك"، مؤكدًا أنها ليست المرة الأولى التي يفشل فيها الحوثيون مساعي السلام، بل إن كل مرة يبدو أن هناك أمل للسلام تبدد الصواريخ الإيرانية هذا الأمل لمرات أربع سابقة، وبعد لقاءات للمبعوث الأممي مع الحكومة اليمنية ودعمها لخططه ولقاءاته المقترحة مع الحوثيين، كانت تأتي الصواريخ لتبدد أَي فرصة للسلام، وطالب العالم أن يكون حازمًا من الانقلابيين الحوثيين ومن ورائهم إيران، وقال "على العالم أن يكون حازمًا في رسالته إلى الانقلابيين الحوثيين ومن ورائهم إيران، يجب الالتزام بالقرارات الدولية والالتزام بمتطلبات السلام ومنها وقف اعتدائهم على المدن اليمنية والمدنيين وإطلاق الصواريخ وإلا فإنهم سيواجهون موقفًا دوليًا موحدًا وحازمًا".
 
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الإثنين، إن رسالة صواريخ الحوثي الإيرانية واضحة، مشددًا على أنه لا تعايش مع الميليشيات الإرهابية، مضيفًا في تغريدة على حسابه في "تويتر"، "رسالة صواريخ الحوثي الإيرانية واضحة، لا تعايش مع ميليشيا إرهابية تستهدف استقرار منطقتنا وتكون مطيّة لطهران، ومصيرنا في المعركة مرتبط بالرياض، وهدفنا مستقبل أمن المنطقة ويَمَن عربي متجانس مع محيطه".
 
وتشهد اليمن حربًا عنيفة منذ ثلاثة أعوام بين مسلحي جماعة الحوثيين والقوات الموالية للحكومة الشرعية مدعومة بقوات التحالف العربي، مخلفة أكثر من 10 آلاف قتيل وأكثر من خمسين ألف جريح ونزوح ثلاثة ملايين شخص داخل اليمن، بالإضافة إلى تفشي الأوبئة والأمراض في مختلف المحافظات اليمنية، ناهيك عن افتقار 22 مليون شخص من إجمالي السكان البالغ تعدادهم  27مليون نسمة إلى أبسط مقومات الحياة.