بغداد – نجلاء الطائي
أكمل مطار بغداد الدولي استعداداته كافة لاستقبال العام الميلادي الجديد ، حيث تم توزيع أشجار الميلاد العملاقة في مداخل الصالات العاملة اضافة للعديد من الزينة والأشجار الصغيرة التي توزعت في مرافق المطار. وقال مدير عام الطيران المدني حسين محسن بحسب بيان لوزارة النقل ، إن تلك الاستعدادات ، جاءت بتوجيه وزير النقل كاظم فنجان لإظهار مطارنا بشكل افضل واجمل من خلال تلك الفعاليات التي تبعث روح البهجة والفرح عند المسافرين.
وأضاف أن المسافر سيلمس تغيرًا واضحًا في مستوى الخدمات والإهتمام بالمسافرين حيث اتخذت خطوات تماشيًا مع تطور الخدمات. من جانبه أشار مدير مطار بغداد الدولي علي جواد إلى أن الشركات العاملة في المطار قد أبدت تعاونًا كبيرًا من أجل إظهار المطار بحلته الجديدة.
تقول غفران (37 عامًا) تعمل موظفة حكومية: "إصرارنا على الاحتفال هذا العام يعطينا الأمل بعودة الأمن والاستقرار إلى بلدنا، بعد نجاح القوات العراقية في تحرير أجزاء واسعة من الموصل وفك أسر الكنائس والأديرة من سيطرة داعش.
وتضيف غفران أن "المسيحيين على قناعة تامة أن المسلمين لا شأن لهم بالمتطرفين الذي اتخذوا من الإسلام طريقاً لتنفيذ جرائم شنيعة، استهدفت المسلمين والمسيحيين والأيزيديين والتركمان والصابئة نحن في العراق أمة واحدة وسنبقى كذلك".
وقالت: "سنحتفل بأعياد الميلاد بسعادة وسرور وسنتبادل التهاني والهدايا مع الأهل والأخوة في الطوائف الأخرى".
وزينت أشجار أعياء الميلاد ودمى بابا نويل وعربته الشهيرة الشوارع الرئيسية الكبرى في بغداد استعدادًا للاحتفال بأعياد الميلاد والعام الجديد.
وتصدرت معالم الزينة وأشجار الميلاد الكبيرة المزينة بمختلف أنوع الإنارة والدمى، واجهات المولات والمراكز التجارية والمطاعم وأنواع مميزة من دمى سانتا كلوز وعربته المحملة بالهدايا بأحجام كبيرة جداً ومتوسطة وصغيرة، إضافة إلى هدايا أخرى متنوعة حظيت بإقبال كبير من الزبائن لتقديمها كهدايا ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد والعام الجديد.
وتشهد الأسواق إقبالًا كبيرًا من قبل بالمتبضعين لاقتناء أنواع مميزة من الهدايا، التي تباع بأسعار متفاوتة، فيما انتشرت أشجار أعياد الميلاد بكثافة أمام واجهات المحال التجارية والمطاعم لاستقطاب الزبائن في مشهد يعكس رغبة العراقيين لأحياء هذه المناسبة بمستوى الاستعدادات التي تجرى في دول أخرى أكثر أمناً واستقرار من العراق، الذي يخوض حرباً ضروسًا ضد "داعش".
وفي دور العبادة المسيحية تجرى الاستعدادات على قدم وساق وبصورة مبكرة للاحتفال بأعياد الميلاد والسنة الجديدة في ظل إجراءات أمنية مشددة.وتجري حاليًا في حديقة الزوراء ببغداد عملية نصب أكبر شجرة ميلاد، استعداداً للاحتفال الجماهيري الذي ستشهده بغداد ليلة الاحتفال بالعام الجديد، ترافقها ألعاب نارية وسط حضور جماهيري كبير.
وتقول هيلين (28عاماً) مسيحية تعمل في صالون نسائي: "أعياء الميلاد مناسبة مقدسة ونحتفل بها، حتى وإن كنا في قمة الحزن، لأنها تعطينا فسحة من الأمل من أن الخير قادم والخلاص من الظلم هدف كل الإنسانية أيًا كانت".
وأشارت إلى أنه رغم جراحات بلدنا إلا أن الأسواق والمتاجر تعج بأجواء الفرح والبهجة وهدايا أعياد الميلاد، وهذا بحد ذاته يمثل انتصار الحياة والحرية على الظلم.وسيكون بوسع المسيحيون إحياء مراسم الاحتفال بأعياد الميلاد بحرية في الكنائس بعد أن فرضت السلطات إجراءات أمنية في محيط الكنائس والشوارع المؤدية إليها.
ويقول أمجد (16 عاماً) طالب في مرحلة الدراسة الثانوية: "استكملنا شراء مستلزمات أعياد الميلاد، وتم نصب شجرة عيد الميلاد وتزيينها بأنواع من مواد الإنارة والدمى، وسنقضي ليلة عائلية رائعة بحضور الأهل والأقارب".
وشرعت شركات السياحة بالإعلان عن جولات سياحية إلى مدن كردستان للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد، التي ستكون كبيرة بسبب تواجد أعداد غفيرة من المسيحيين، وتوفر الأمن والاستقرار.
كما ستخصص محطات فضائية عراقية مساحات من بثها لنقل وقائع الاحتفال في قداس منتصف الليل والصلوات في الكنائس، ومباهج الفرح والاحتفالات في الشوارع والحدائق رغم موجة البرد والأمطار التي بدأت تغزو البلاد.
تعد الكرادة، وسط بغداد، واحدة من أكثر المناطق التي سجلت سكن أبناء الديانة المسيحية، ما يمنحها طعماً خاصاً يتجلى بإغلاق شوارعها أمام المركبات، وتلوّن سمائها بالألعاب النارية احتفالاً بالمناسبة، كما وتنتشر فيها ثماني كنائس لطوائف مختلفة من المسيحية.
وإيذانًا منها بانطلاق استعدادات احتفالات رأس السنة، شرعت المحال التجارية في الكرادة بعرض بضائعها أمام المارة من المتسوقين، مسجلةً بذلك سبقاً في النزعة نحو الاحتفال والاستمرار.
ويقول أحمد (29 عاماً)، وهو يتنقل بين الأشجار المعلبة بالورق المقوّى، انه "موسم أحياء السوق بعد أشهر من الجفاف، تبعت تفجير الكرادة"، مذكراً بالتفجير الذي استهدف المنطقة مطلع تموز الماضي، وذهب ضحيته ما يقارب 300 شهيد، جلهم من النساء والأطفال.
ويضيف صاحب المحل الذي يكاد يكون أسواقًا بكاملها لتعدد البضائع فيه ، أن السوق بدت شبه ميتة بعد التفجير، خصوصًا وإن الاحترازات التي اتخذتها القوات الأمنية خوفاً من تكرار الاستهداف، قد أسهم بتحويل جزء كبير من المتبضعين الى مناطق أخرى، كالمنصور وبغداد الجديدة.
وفي الشارع الطويل الذي يربط بين ساحة كهرمانة، وتقاطع الأورزدي (1 كم باتجاه الجنوب، عن مكان الحادث)، أغلقت العديد من المحال بسبب توقف السوق، كما ولا زالت العديد من قطع "للبيع"، أو "للإيجار" معلقة على محال هذه المنطقة.
الأهالي هنا علت محياهم بوادر الراحة أيضاً، متأثرين بمظاهر الفرح في الشارع، أو حتى بفعل الزمن، حيث مرت أكثر من خمسة أشهر على الحادثة، مسجلين إقبالاً ملحوظاً على شراء الأشجار وزينتها من كرات ملونة، وأشرطة لمّاعة، في جو تتراوح درجة حرارته بين 10-4 درجات مئوية، ما يضفي شيئاً من الحميمية على المشهد بكامله.
وبرغم كون المناسبة تحرك بشكل او بآخر الأسواق العراقية، إلّا إن نسبة كبيرة مما يتم بيعه لم يصنع في العراق، فالأشجار البلاستيكية أتت عبر الاستيراد من الصين، الى جانب زينتها، في حين تأتي الملابس من تركيا، أو الصين ايضاً، بل حتى ان الأغذية فيها مستوردة، ابتداءً من الموز الأفريقي، وليس انتهاءً بالمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة سعودية الصنع.
ويقول علي، وهو بائع في السوق في عقده الثالث، كان قد قدم من محافظة جنوبية طلباً لفرصة عمل، ان "الاحتفال بأعياد راس السنة صار من المناسبات التي لا غنى عنها هنا، وهو أمر ربما أقل انتشاراً في المحافظات الجنوبية، لكنه فرصة للتخلص من ضغوطات الحياة، والاستراحة".
ويضيف بائع الحقائب النسائية، أن العمل ازدهر خلال شهر ديسمبر/كانون الأول، بعد انتهاء المناسبات الدينية، وشهري محرم وصفر، وانطلاق العام الدراسي، متابعًا أن تلك الفترة تسمى بالموسم الشتوي، وتستمر لما يقارب الشهرين.
ويشير علي إلى أن مظاهر الاحتفالات بدأت فعلاً، قبل ما يقارب أسبوعين من ليلة رأس السنة ، في إشارة إلى انتشار الألعاب النارية، والتي تحرص السلطات في المناسبات المماثلة على التحذير منها، خصوصًا في ظل الاستخدام الخاطئ لهذه الـ "صعّادات".
أما على الصعيد الرسمي، فإن المناسبة تعتبر عطلة رسمية في المحافظات العراقية كافة، عملت الحكومات المتعاقبة على منحها للموظفين طوال السنين الماضية، كما وتطبق خطة أمنية خاصة بها، بالتزامن مع التهديدات التي تعيشها مناطق العراق.
وبين التهديد الأمني، والرغبة بالاحتفال التي يبديها العراقيون في كل مناسبة تدعو للبهجة، تبقى المنطقة واحدة من أعرق مناطق العاصمة، وأكثرها تنوعًا اجتماعيًا، ما يجعل منها عينة نموذجية من البلاد، بألوانها، وغناها، وقدرتها على التعافي بين فاجعة وأخرى.