تقدّم القوات الحكومية السورية يفتح كل الاحتمالات

أكّد وزير الخارجية الاميركي جون كيري إن واشنطن تقترب من لحظة حاسمة لسورية، فاما أن تحرز تقدماً في اتجاه وقف للنار أو تبدأ التحرك في اتجاه "الخطة ب" وعمليات عسكرية جديدة. وهذه الاستراتيجية الاميركية  اعتمدها أيضاً المبعوث الاميركي الخاص الى الائتلاف الدولي ضد "داعش" بريت ماكغورك الذي قال إن واشنطن ملتزمة التوصل الى وقف للنار في سوريا، ولكن عليها "أن تفكر بشكل استباقي" وتدرس خيارات إذا فشلت الجهود الدبلوماسية.

وأقرّ رئيس الديبلوماسية الاميركية جون كيري عشية مؤتمر ميونيخ  اليوم الخميس للمجموعة الدولية لدعم سورية التي تضم 17 دولة وثلاث منظمات متعددة الطرف وتبنت في تشرين الثاني 2015 "خريطة طريق" للنزاع بأن "النضوج" اساسي في المفاوضات "فاذا اعتقد فريق أنه يربح فهو يقدم مطالب لن يقبلها الفريق الخاسر، فتتواصل المذبحة".ولكنه حذر من أنه سيكون "اهمالا ديبلوماسيا من المستوى الاسوأ" عدم القيام بمحاولة أخيرة لوقف للنار يمكن أن يساعد الاف المدنيين الهاربين أخيراً من حلب.وأضاف:"ما نفعله هو اختبار جدية الروس والايرانيين وإذا لم يكونوا جديين، عندها سيكون علينا التفكير ب "خطة ب."..لا يمكن الجلوس وعدم القيام بأي شيء".ومع أنه لم يناقش خيارات عسكرية محددة، قدم بعض العناوين
العريضة.فالهدف في رأيه هو "قيادة تحالف ضد "داعش"، وأيضاً دعم المعارضة ضد الاسد"، لافتاً الى أنه سبق لاوباما أن وجه وزارة الدفاع "البنتاغون" والاستخبارات للتحرك "على نحو أقوى وأسرع" ضد متطرفي "داعش" من أجل "كبح جماح الجماعة الارهابية واضعافها والقضاء عليها في أسرع وقت".

وعندما سأله الصحفي الأميركي دايفيد اغناسيوس هل يدعم أوباما تكتيك عمليات أكثر هجومية للقوات الخاصة، أجاب أنه سبق للرئيس الاميركي أن اتخذ قرار وضع قوات خاصة على الارض. وسأله أيضاً هل تقبل الادارة الاميركية العروض الاخيرة من السعودية والامارات لارسال قوات برية الى سورية، أجاب:"بالتأكيد"، لافتاً الى أن القوات الخاصة العربية "يمكن أن تزيد على نحو كبير القدرة على لحاق ضرر أكبر بداعش سريعا".

وأشار كيري ايضاً بعد لقائه وزير الخارجية المصري سامح شكري الثلاثاء في واشنطن، الى ما يسميه اللحظة الحاسمة  قائلاً: "نذهب الى ميونيخ بامل كبير في لحظة حاسمة". وجدّد دعوته روسيا للانضمام الى الجهود الرامية لتطبيق وقف فوري للنار والسماح بوصول الطواقم الانسانية ، محذرا من أن"ما تفعله روسيا في حلب والمنطقة يجعل الامور اكثر صعوبة للجلوس الى طاولة المفاوضات واجراء محادثات جدية"، في اشارة الى الغارات الجوية الروسية. ودعا موسكو الى ان "تساهم في ايجاد مناخ يمكننا فيه التفاوض" مشيرا الى
ان الروس "جعلوا الامور بالغة الصعوبة في الايام الاخيرة".

ونسبت صحيفة "الفايننشال تايمس" البريطانية أن السعودية تناقش خططا لنشر قوات برية مع حلفاء اقليميين، بينهم تركيا لاقامة منطقة آمنة في سورية، في مسعى أخير لانقاذ المعارضة التي تواجه خطر الانهيار أمام الهجوم الذي تنفذه القوات السورية مدعومة بغارات روسية في حلب.

وقال مسؤولون غربيون إن أفكاراً كهذه تفتقر الى الصدقية، لكن الصحيفة نسبت الى شخصين مطلعين على الخطط السعودية أن مسؤولين خليجيين رفيعي المستوى هم في الرياض لاجراء اجتماعات مع مسؤولين أتراك ومناقشة الخيارات لنشر قوات برية في سورية في اطار تحالف.ويبدو أن هذه الخطط هي بقيادة ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وأفاد مسؤول سعودي أن "لا خطة واحدة جاهزة بعد لتدخل عسكري وعلى التحالف أن يتخذ قراره".

ومن جهتها، تبدو أنقرة مهتمة بوقف التقدم الذي يحرزه الاكراد على طول حدودها، وهي تبدي استياء واضحا من الدعم الاميركي ل"وحدات حماية الشعب" الكردية.ومع ذلك، نفى مسؤول رفيع المستوى التقارير التي تداولتها وسائل الاعلام أخيرا عن استعدادات تركية لارسال قوات الى سوريا، وإن يكن أقرب"أننا نتحدث مع السعوديين وجميع الشركاء في شأن سبل دعم المعارضة المعتدلة.كشريك في الائتلاف لمحاربة داعش، تجري تركيا حوارا وثيقاً وتتعاون مع مجموعة من الدول".

وتؤكّد تركيا أن تفاصيل اي تدخل مفترض ومواقعه المحددة لا تزال في اطار التكهنات. فاذا نشرت قوات سعودية وروسية في المعابر الحدودية مع تركيا في شمال غرب سورية، ستكون داخل مسرح العمليات الروسية وقريبة من المناطق التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" الكردية .وهذا السيناريو في رأي الخبير في الشؤون التركية آرون ستاين من "الاتلانتيك كاونسيل" "سيكون كابوسا كاملاً للولايات المتحدة اذ ماذا يحصل اذا قتلت روسيا تركيا؟ ستكون عندها تقتل عضوا في حلف شمال الاطلسي؟".

المطلعون على الخطط السعودية يقولون إن نقاشات بعيدة من الاضواء تجرى بين مسؤولين سعوديين وروس في شأن تحديد مسارح العمليات، منطقة لمقاتلي المعارضة المدعومين من الخليج والاتراك ومنطقة لقوات الاسد وحلفائه. واذا صح ذلك، فان الخيار الاكثر احتمالا بحسب الصحيفة البريطانية، هو محاولة اقامة قاعدة للمعارضة في شرق سورية ،وهي المنطقة التي تسيطر عليها حاليا "داعش".ومن شأن هذا الاحتمال أن يؤدي الى معركة دموية وطويلة، ذلك أن مسلحين كثرا قد لا يقبلون الاستسلام للنظام في حلب وشمال غرب سورية.

أما الخيار الثالث فهو اقامة منطقة آمنة في الجنوب بمحاذاة الاردن، الا أن ديبلوماسيين يقولون إن عمان القلقة على الاستقرار عند حدودها تبدو أقل حماسة لدعم المقاتلين. ومع دعم روسيا هجوماً آخر للنظام في المنطقة، قد تبدو عمان أكثر اهتماماً في التوصل الى اتفاق معها. ويمكن لأنقره استخدام "سلاح" اللاجئين للضغط على الدول الغربية. فبعدما نزح عشرات الاف
السوريين الجدد الى حدودها، يمكن أن تعيد احياء طلبها اقامة منطقة آمنة داخل سورية أو التهديد بالسماح لهؤلاء بالتدفق صوب أوروبا. وفي غياب منطقة آمنة، قد تسعى دول الخليج وتركيا بحسب "الفايننشال تايمس" الى تزويد المعارضة بأسلحة أكثر تطورا.الا أن خيارا كهذا قد يدفع موسكو أيضاً الى الرد بأسلحة أكثر فتكا.