القدس المحتلة - ناصر الأسعد
نشرت جماعة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسليم" مقطع فيديو يكشف إطلاق جندي إسرائيلي النار على فلسطيني مصاب في الخليل بعد دقائق من طعن جندي آخر، بينما زعم جيش الاحتلال اعتقال الجندي المسؤول عن إطلاق النار قبيل ظهور الفيديو بناءً على أوامر قائد الوحدة.
وسجّلت بتسليم اللقطات، صباح الخميس، خلال حادث وقع في حي تل الرميدة في المدينة الواقعة جنوب الضفة الغربية، والتي جاءت رداً على الهجوم الذي أصيب على إثره جندي إسرائيلي من قبل اثنين من الرجال الفلسطينيين، ووقع حادث الطعن قبل أن يجوب المستوطنون الإسرائيليون المدينة في موكب احتفالاً بعيد البوريم.
وصوَّر المتطوع في بتسيلم، عماد أبوشمسية، الفيديو وكشف أن أحد الفلسطينيين المتهمين بالهجوم، وهو عبدالفتاح الشريف (21 عاماً) كان يرقد مصاباً على الأرض، ثم سقط قتيلاً على أيدي الجنود الإسرائيليين خلال هجوم الفلسطيني الثاني رمزي القصراوي (20 عاماً) عقب إطلاق النار عليه، بينما ذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية أنه جرى اعتقال الجندي المسؤول عن إطلاق النار قبيل ظهور الفيديو بناءً على أوامر من قائد الوحدة، الذي أبلغ عن واقعة إطلاق النار، وفي لقطاتٍ مصورة، يمكن رؤية الجندي المصاب بينما يتم وضعه في سيارة إسعاف، في حين يقف حوله الجنود والمسلحون المدنيون من الإسرائيليين.
وبدا واضحاً في الفيديو إصابة الفلسطيني شريف بطلقٍ ناري، ولكن رأسه كانت لاتزال تتحرك، وبعد ما يقرب من دقيقتين، اقترب أحد الجنود منه ووجه سلاحه إلى رأس الفلسطيني ثم أطلق النار عليه، وهو ما أدى إلى استشهاده، ليظهر بعدها في وقتٍ لاحق وهو يرقد بلا حراك والدم يسيل من رأسه، ويأتي الفيديو ليؤكد المطالبات المتكررة من قبل الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان في الأشهر الأخيرة بأن قوات الأمن الإسرائيلية تقتل المهاجمين المشتبه بهم ممن لا يشكلون أي تهديد.
وذكر شاهد عيان لوكالة أنباء معًا الفلسطينية أنه سمع دوي إطلاق نار فخرج من منزله للتحقق مما حدث، ليجد الكثير من الجنود الإسرائيليين يصيحون بينما يستلقي اثنان من الشباب على الأرض، ثم اقترب جندي من أحدهم الذي كان يتحرك وهو يصرخ وقام بفتح النار عليه من مسافة لا تذكر، وأظهر التحقيق العسكري الإسرائيلي المبدئي أن إطلاق النار وقع بعد ثلاث دقائق من تعرض الجنود الإسرائيليين للطعن بواسطة سكين.
وقالت المتحدثة باسم بتسيلم، ساريت ميخائيلي، إنه من الواضح قيام جندي بإعدام فلسطيني مصاب كان قد هاجم الجنود، فضلاً عن ظهور جندي آخر مصاب أيضًا، إلا أن هذا النوع من السلوك يعد صادماً، في ظل وجود بقية الجنود وعدم إبدائهم أي اندهاش، وعلى الرغم من الدليل بقيام جندي إسرائيلي بإطلاق النار على رجلٍ مصاب، إلا أن ميخائيلي لا تبدو متفائلة بالتحقيق بشكل صحيح في الواقعة.
وأوضح الجيش الإسرائيلي، عبر المتحدث الرسمي بيتر ليرنر، تعليقاً على الحادث أن هذه الواقعة تمثل انتهاكاً خطيراً لقيم الجيش الإسرائيلي ومعايير العمليات العسكرية، وأنه بدأ إجراء تحقيق من قبل الشرطة العسكرية، وتم اعتقال الجندي المتورط، كما وصف وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، في وقتٍ لاحق بأن ما قام به ذلك الجندي يعد خرقاً تاماً لعقيدة الجيش، وأنه حتى وإن كان منفعلًا بشدة، إلا أنه لا يجب السماح بفقدان العقل والسيطرة.
وأدان زعيم كتلة الأحزاب العربية في الكنيست الاسرائيلي، أيمن عودة، بشدة واقعة القتل التي وثقها شريط الفيديو، مضيفاً أن إسرائيل تحولت في الأشهر الأخيرة إلى المكان الذي يتم فيه تنفيذ الإعدام علنًا بتشجيع من هتافات الغوغاء، كما أثارت وزير الخارجية السويدية، مارغو والستروم، المخاوف في كانون الثاني/ يناير الماضي بشأن عمليات القتل التي تقوم بها القوات الإسرائيلية خارج نطاق القضاء، وهو ما نتج عنه خلافاً دبلوماسياً وصفت فيه الخارجية الإسرائيلية هذه التصريحات بغير المسؤولة ولا تستند إلى الواقع، معلنة عن عدم الترحيب بها في إسرائيل.
ولم تكن هذه الواقعة الأولى للقوات الإسرائيلية التي تمتلك تاريخًا طويلًا من تنفيذ عمليات قتل غير قانونية، بما في ذلك الإعدام خارج نطاق القضاء، في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع الإفلات من العقاب، ووثقت منظمة العفو الدولية عدداً من الحالات المماثلة خلال تصاعد أعمال العنف التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وألقت فيها إسرائيل باللوم على التحريض من جانب القادة الفلسطينيين ومواقع التواصل الإجتماعي، وتحدث مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيليب لوثر، قائلاً إن إطلاق النار على أحد المصابين والذي كان عاجزاً عن الحركة يعد غير مبرر، حتي وإن كان متورطًا في الهجوم، ويجب أن يحاكم ذلك الجندي باعتبارها جريمة حرب محتملة.