واشنطن ـ رولا عيسى
كشفت صحيفة "الديلي ميل" عن توقيف خمسة رجال سوريين أحدثوا قلقًا دوليًا عندما تم اعتقالهم في أميركا الوسطى في طريقهم إلى الولايات المتحدة بعد تأخر رحلتهم.
وأوضحت مصادر مطلعة أن الموقوفين إذا لم يتم تأجيل رحلتهم على خطوط "أفيانكا" الجوية من سان خوسيه في كوستاريكا إلى تيغوسيغالبا في هندوراس لتمكنوا من السفر بحرية، إلا أنهم تأخروا وفاتتهم رحلتهم إلى المدينة الشمالية لهندوراس وهي سان بيدرو سولا على بعد 20 ميلًا من الحدود، ومنها كانوا يعتزمون عبور الحدود إلى غواتيمالا والسفر عن طريق البر عبر المكسيك إلى الولايات المتحدة.
وأفاد مسؤولون في هندوراس لجريدة "ديلي ميل أونلان"، بأن هؤلاء الرجال لا يعتبرون متطرفين، وذكر المتحدث باسم الشرطة أنيبال باكا أنهم كانوا يخشون الضغط عليهم أو اختطافهم من قبل "داعش" ولذلك انطلقوا في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر.
وأضاف باكا: "هم سوريون عاديون تركوا بلادهم هاربين من العنف هناك"، وأبرزت رحلة هؤلاء الرجال ثغرات عديدة في النظام الأمني يمكن استغلالها بواسطة "داعش" والجماعات المتطرفة الأخرى، وخطط الرجال السوريون لرحلتهم بعناية مستغرقين خمسة أو ستة أيام في ثلاث دول مختلفة هي البرازيل والأرجنتين وكوستاريكا وشقوا طريقهم إلى الشمال.
وذكر مسؤول في هندوراس: "لم يريدوا أن يثيروا الشكوك حولهم ولذلك جعلوا الأمر يبدو وكأنهم سياح يقضون وقتًا في كل مكان".
وأكد مصدر أميركي أنهم ذهبوا من البرازيل إلى الأرجنتين برًا من خلال الحدود الثلاثية التي يسهل اختراقها بالقرب من شلالا اجوازو وهي مقصد سياحي حيث تلتقي البرازيل والأرجنتين وباراغواي، وتنتمي الدول الثلاثة إلى كتلة جمارك ميركوسور، حيث يستطيع المسافرون عبور الحدود بواسطة وثائق هوية بسيطة بدلًا من جوازات السفر، ودخل السوريون الخمسة حيز هندوراس بحقيبة واحدة صغيرة باعتبارها حقيبة يد.
وينتظر السوريون الخمسة حاليًا في هندوراس لاتخذ قرار بشأنهم إما بإعادتهم إلى بلادهم أو البرازيل حيث حصلوا على جوازات السفر اليونانية المزورة أو ما إذا كان سيسمح لهم بالبقاء في هندوراس باعتبارهم لاجئين.
وأوصى القاضي الجمعة، بأنهم يجب أن يمكثوا في سجن "ماركو أوريليو سوتو" بالقرب من العاصمة الهندوراسية تيغوسيغالبا حتى الثلاثاء ليتم تقرير مصيرهم، وتأخرت جلسة المحكمة لساعات بسبب صعوبة العثور على مترجم للغة العربية.
وجرى توقيف السوريين في مطار "تونكونتين" في تيغوسيغالبا في وقت متأخر الثلاثاء وكانوا أمضوا ستة أيام في كوستاريكا، وعندما أدركوا أنهم فقدوا آخر رحلة لهم إلى سان بيدور سولا توجه قائد المجموعة مازن ميخائيل (30 عامًا) إلى ضابط الأمن وسأله عن ما ينبغي القيام به.
وبيّن مسؤول في هندوراس: "شك الضابط فيه لأن السوري كان شديد العصبية وعندما طلب رؤية جواز سفره ووجده يوناني أبلغ شؤون الهجرة".
وسأل المسؤول ميخائيل عن ما إذا كانوا حصلوا على تطعيم الحمى الصفراء وبدا ميخائيل غير واضح في حين أن وثائق سفرهم تفيد بأنه تم تطعيمهم، إلا أن جوازات السفر كانت مزورة بشكل جيد بحيث لا يمكن كشفها بسهولة، ولم يعلم المسؤول بوجود شيء خاطئ إلا عندما تواصل مع أثينا.
وأضاف المسؤول: "أجابت اليونان بأن جوازات السفر الأربعة مسروقة والجواز الخامس مفقود، وحينها تم استجواب الشباب السوريين لمدة 14 ساعة في المطار وتم استدعاء أحد الدبلوماسيين اليونانيين والذي أكد أن أحد منهم لا يمكنه التحدث بكلمة يونانية".
وكان المزورون في البرازيل انتهكوا مميزات الأمن في الوثائق لإضافة صور الرجال السوريين، وأوضح باكا أن السلطات الهندوراسية تعتقد بأن الشباب هربوا من سوريا خوفا من "داعش" الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات باريس التي أسفرت عن مقتل 130 شخصًا.
وأشارت مدير قسم الهجرة في هندوراس كارولين مينغيفار، إلى أن الرجال السوريين ليس لديهم سوابق جنائية حسبما أفادت هيئات التحقيق في بلادهم الأصلية لكنهم ما زالوا يواجهون اتهامات لأنهم سافروا بوثائق مزورة.
وتفاخر تنظيم "داعش" بكون الرجال الثمانية الذين نفذوا هجمات باريس تسللوا إلى أوروبا بين آلاف المهاجرين الذين فروا من بلادهم على مدى الأشهر القليلة الماضية، وهذا ما يثير قلق الولايات المتحدة، حيث يعتقد الكثير من المتطرفين بأنهم يمكنهم استخدام طرق تهريب البشر مثلما فعل الفارين من العنف والفقر في هندوراس وغواتيميلا والسلفادور إلى حدود الولايات المتحدة.
ولفت مسؤولو الأمن الداخلي الأميركي الخميس، إلى أن أفراد عائلتين سوريتين سلموا أنفسهم إلى السلطات الأميركية في لاريدو في ولاية تكساس على الحدود المكسيكية، وتم تسليم رجلين وامرأتين وأربعة أطفال لمسؤولي الهجرة، وتم توقيف السيدة السورية السادسة في هندوراس الأربعاء وإعادتها إلى السلفادور بعد أن سافرت باستخدام جواز سفر يوناني، وتم توقيفها لأن وثائقها لم تظهر أنها حصلت على تطعيم الحمى الصفراء.
وأوقفت السلطات المكسيكية تسعة سوريين لا يحملون وثائق بين كانون الثاني / يناير و أيلول / سبتمبر عام 2015، وذلك حسبما أفادت إحصاءات الهجرة من قبل وزارة الداخلية المكسيكية، وقال السناتور الجمهوري رون جونسون من ولاية ويسكونسن ورئيس لجنة الأمن الداخلي فيي مجلس الشيوخ في جلسة استماع: "إنه أمر مقلق للغاية".
وأفاد بول بابيو وهو شريف مقاطعة بينال في أريزونا والتي تعد الطريق الرئيسي للمهربين للوصول إلى الولايات المتحدة عبر أميركا اللاتينية لجريدة "نيويورك تايمز"، حول الموضوع: "ما أخشاه وما يجب أن يخشاه جميع الأميركيين أن المتطرفين يستخدمون طرق التهريب الراسخة عبر أميركا الوسطى من خلال المكسيك حتى يصلون إلى الحدود"، وغرّد الخميس: "أوباما جعل حدودنا مفتوحة وسوف يستغلها المتطرفون وهذه فقط البداية".
وأوضح مسؤول أميركي، أن الرجال السوريين اختاروا هندوراس لأنهم أخبروا أن الرقابة على الحدود في البلاد متراخية، وأخبر الرجال السوريون المسؤولين في هندوراس في البداية أنهم فقط خططوا للذهاب إلى غواتيمالا، إلا أن مصادر من هندوراس والولايات المتحدة أوضحت حاليًا أنهم مقتنعون أنهم يعتزمون السفر إلى الولايات المتحدة.
وأخبر أصغر أعضاء الرجال السوريين وهو لورانس سمعات (19 عامًا) أقاربه أنه أراد أن يصل إلى شقيقه الذي يعيش في الولايات المتحدة، وأضاف شقيق سمعان: "إنه شاب يريد كسب الرزق وما الذي سيفعله في سورية، إن الوضع هناك خطير".
ويعتقد بأن السوريين الخمسة ميخائيل وسمعان ومجد كوسا (21 عامًا) وفادي فريج (26 عامًا) وويليام غنام (19 عامًا) سافروا باستخدام جوازات سفر يونانية قاموا بسرقتها قبل السفر إلى أميركا الجنوبية، إلا أن المسؤولين يقولون إنهم حصلوا على وثائق السفر المزورة في البرازيل، وكان الخمسة يسافرون منتحلين أسماء يونانية، ودفع كل منهم عشرة آلاف دولار من أجل هذه الرحلة، وأفاد المسؤولون بأنهم جمعوا المال بواسطة عائلاتهم وأصدقائهم.
ومكث الشباب السوريون في زنازين قسم شرطة هندوراس حتى جلسة استماع الجمعة، واقتيدوا صباح الجمعة في شاحنتي شرطة إلى المحكمة، وشوهد أفراد الشرطة وهم يحملون حقائب الرجال في إحدى الشاحنات.
وتولت مجموعة هندوراس لحقوق الإنسان القضية، وقالت المتحدثة باسم المجموعة ناتاليا لوزانو: "إن الرجال يريدون اللجوء في هندوراس، وبعد اكتشاف السلطات أن ليس لديهم صلة بالتطرف يجب على الحكومة أن توافق على منحهم صفة لاجئين".