الحوثيين

استمرت الاشتباكات في معظم جبهات القتال في المحافظات اليمنية، فيما قصفت "قوات التحالف" مواقع متعددة للميليشيات "الحوثية"، حتى اللحظات الأخيرة، قبيل بدء سريان الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار في اليمن.

وأوضحت مصادر محلية في محافظة تعز، أن تحالف "الحوثيين" حشد قوة كبيرة، بعد استقدام تعزيزات من صنعاء ومناطق أخرى، وذلك لمحاصرة مدينة تعز التي منع المواطنون من الدخول أو الخروج إليها.

وأرجعت المصادر هذه الخطوة إلى سعي الميليشيات إلى التحكم في إدخال المساعدات الإنسانية التي يفترض أن تتدفق أثناء فترة سريان الهدنة، التي تم التوصل إليها من أجل إيصال المساعدات الإنسانية لسكان المدن المنكوبة والمحاصرة من قبل الميليشيات وقوات الحرس الجمهوري الموالي للمخلوع صالح.

وقتل عدد من المسلحين "الحوثيين"، في اشتباكات عنيفة شهدتها المدينة الخميس، وذكرت المصادر أن الاشتباكات امتدت إلى محيط جبل جره والزنوج داخل مدينة تعز، وبحسب مصادر محلية، قصف المسلحون "الحوثيون" وبشكل عنيف عددًا من أحياء المدينة بينها الشماسي وكلابة والروضة والأربعين.

ونفذت "قوات التحالف" بقيادة المملكة العربية السعودية، سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع للميليشيات "الحوثية" شمال المدينة، وأفاد شهود عيان أن الغارات كانت كثيفة وتركزت على شمال العاصمة، واستهدفت إحدى الغارات صالة أهلية للمناسبات، يتخذ منها المسلحون مقرًا لهم.

وشن طيران "التحالف" الخميس سلسلة من الغارات التي استهدفت المسلحين "الحوثيين" وقوات صالح في محافظة مأرب النفطية المهمة في شرق البلاد، حيث دمر الطيران عتادًا عسكريًا لهذه القوات، بحسب مصادر قبلية.

وفي سياق متصل، قتل عدد من المسلحين "الحوثيين" في هجوم نفذته المقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في مدينة رحاب، مركز مديرية القفر في محافظة إب وسط البلاد، وأفادت مصادر محلية أن المهاجمين انسحبوا عقب الهجوم دون خسائر تذكر في صفوفهم.

وأبرمت الهدنة الإنسانية بعد جهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأطراف محلية ودولية، وأكدت مصادر مطلعة أن الجهود الدولية سوف تتواصل، خلال فترة الهدنة، من أجل تقريب وجهات نظر كل الأطراف والسعي إلى جمعهم إلى طاولة الحوار مجددًا عقب إجازة عيد الفطر المبارك.

وأكد مراقبون يمنيون أن الأطراف المتقاتلة وصلت إلى طريق مسدود، حيث أفاد نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق عبد الباري طاهر، "إذا نظر الإنسان بقدر من التفاؤل، فإن الرهان على الحرب بدأ يضعف، أفق هذه الحرب المقبلة، مسدودة ولن تحقق نتيجة لقوى الداخل أو لقوى الخارج".

وأعرب طاهر عن اعتقاده أن الهدنة الإنسانية قد تكون الخطوة الأولى للتخلي عن منطق الحرب الواصلة إلى طريق مسدود والمرفوضة من قبل أبناء الشعب اليمني والعربي، وأن الأطراف المتقاتلة قد تكون وصلت إلى قناعة بالطريق المسدود للحرب، لأن كل طرف لم يستطع تحقيق أي نتيجة بالسلاح.

في غضون ذلك، أوضحت مصادر سياسية في صنعاء، أن بعض الأطراف السياسية تبذل مساع لدى قيادات في حركة "أنصار الله" للإفراج عن مئات المعتقلين في السجون منذ أيلول / سبتمبر الماضي وحتى اللحظة.

وأضافت المصادر أن المساعي التي تبذل تأخذ الطابع الإنساني للإفراج عن المعتقلين مع العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وخصوصًا أن الكثير منهم يعانون أوضاعًا إنسانية غاية في الصعوبة.

وشكلت في الآونة الأخيرة هيئات ومنظمات خاصة للضغط والمطالبة بالإفراج عن المختطفين والمعتقلين من قيادات أحزاب سياسية، وخصوصًا حزب "التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي" الذي يعتقل عدد من كبار قادته ومن كوادره وكفاءاته ونشطائه في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية.

وذكرت أسر المعتقلين والمخفيين أن الميليشيات "الحوثية" تمنع الزيارة عنهم وترفض الطلبات التي تقدم بها عدد من المحامين لزيارتهم والاطمئنان عليهم، وتتزايد المخاوف بشأن المعتقلين لدى أسرهم، مع الأنباء المتواترة عن استمرار الميليشيات في وضع المعتقلين في المواقع المستهدفة بالقصف كدروع بشرية.

وأفرجت ميليشيات الحوثي، قبل أيام عن القيادي في حزب "الإصلاح" الدكتور فتحي العزب، وهو مرشح رئاسي سابق في انتخابات 2006، واعتبرت بعض الأوساط خطوة الإفراج عن العزب، مؤشرًا إيجابيًا للإفراج عن مزيد من المعتقلين، خصوصًا مع تطبيق الهدنة الإنسانية التي تمتد حتى آخر شهر رمضان الحالي.

وبيّن المتحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن العميد ركن أحمد عسيري، أن التحالف "غير معني" بالهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة، وذلك لأن المنظمة الدولية "لم تنسق معنا"، و"لم يجر تقديم آلية لمراقبة تنفيذ هذه الهدنة".

وشدد عسيري على عدم تقديم ضمانات أممية، مفيدًا "لا آلية لتطبيق للهدنة، وبالتالي فلا أعتقد أن هدنة من طرف واحد، ستكون في صالح المواطن اليمني".

وكان مقررًا عقد مؤتمر صحافي بخصوص الإعلان عن الهدنة المفترضة في نيويورك، لكن المؤتمر ألغي وصدر عوضًا عنه بيان جاء فيه أن الأمم المتحدة تحشد كل جهودها لإرسال أكبر كميات ممكنة من المساعدات خلال الأيام الباقية في شهر رمضان إلى اليمن، وأنها تعبر عن امتنانها لموافقة الأطراف اليمنية على الهدنة.