محكمة

تبدأ أولى جلسات المحاكمة في قضية وفاة طفلة آسيوية في الرابعة من عمرها داخل حافلتها المدرسية، الأربعاء المقبل.

وأمرت النيابة العامة بإحالة سائق الحافلة والمشرفة عليها إلى المحاكمة مع حبسهما على ذمة اتّهامهما بالتسبّب بخطئهم في وفاة المجني عليها؛ بأنَّ أهملوا مهام وظيفتهم ومهنتهم وتركاها داخل الحافلة المدرسية دون التأكد من نزولها وخلو الحافلة من مستقليها.

كما تضمن أمر الإحالة اتّهام الموظفة المسؤولة عن مراجعة كشوف الطلاب، والمَدرسة كشخصية اعتبارية ممثلة في مديرها، بإهمال تدارك اختفاء المجني عليها مبكرًا من الفصل الدراسي؛ حيث لم يتخذا الإجراء المعتاد والضروري بمطابقة كشف أسماء الطلبة مستقلي الحافلة محل الواقعة علي مثيله للطلبة الحاضرين بالفصل الدراسي الخاص بالمجني عليها. 

كما وجّهت النيابة العامة للمدرسة وصاحب شركة النقليات المالكة للحافلة اتّهامًا بتعريض حياة طلاب المدرسة للخطر باستخدامهم حافلات غير مرخصة للنقل المدرسي وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس، يقودها سائقون ليس لديهم تصاريح بقيادة الحافلات المدرسية، واستخدام مشرفات غير مؤهلات وغير حاصلات على تصريح من الجهات المختصّة، مما أدى إلى وفاة المجني عليها.

كما وجّهت لصاحب شركة النقليات منفردًا اتّهامًا باستخدم أجانب على غير كفالته، وذلك بتشغيله عشر مرافقات في الحافلات المدرسية دون الالتزام بالشروط والأوضاع المقررة لنقل الكفالة.

ومن جهته، طالب النائب العام لإمارة أبوظبي، المستشار علي محمد عبدالله البلوشي، بإلتزام مقدمي الخدمات التعليمية بالشروط والضوابط والإجراءات المعتمدة، وتفعيل الدور الرقابي والإشرافي لجهات الاختصاص على خدمة النقل المدرسي من أوجهها كافةً، مع اعتماد حِزمة من الإجراءات الحازمة في مواجهة المخالفين، مؤكدًا ضروورة التنسيق بفعّالية بين هذه الجهات بما يحفظ سلامة وأمن الأطفال خلال رحلتهم من وإلى المدرسة.

وأشار النائب العام في إمارة أبوظبي إلى تعاطف المجتمع بفئاته كافةً مع الطفلة التي تُركت وحدها بداخل الحافلة تصارع الموت مستنجدة بمن في الخارج حتي خارت قواها وأنهك جسدها النحيل من شدة الحرارة، وأصيبت بهبوط في الجهاز التنفسي والدوراني نتيجة الانهاك الحراري، مما تسبّب في حدوث وفاتها وفق تقرير الطب الشرعي، مؤكدًا حرص النيابة على تحقيق العدالة للطفلة وعائلتها بما يساهم في التخفيف من ألمهم لفقد صغيرتهم بهذه الطريقة المؤلمة.

وثمّن النائب العام للإمارة التزام وسائل الإعلام بقرار عدم تداول القضية إعلاميًا، موضحًا أنَّ هذا المنع كان في مصلحة القضية وهو لا ينقص من احترام حرية الإعلام وحق المجتمع في المعرفة، وشكر سعادته وسائل الإعلام وأفراد المجتمع لتفهمهم قرار النيابة الذي اتخذ لمصلحة العدالة، مطالبًا بالتعاون مع النيابة العامة من خلال الالتزام بالضوابط التي تعلن عنها في هذا الإطار.

ومن جهة أخرى، أوضح مصدر في مكتب النائب العام أنَّ تحقيقات النيابة أسفرت عن عثور سائق الحافلة على الطفلة المجني عليها وهي ممدة خلف باب الخروج من الحافلة، وذلك في الساعة الحادية عشر وخمسة وأربعين دقيقة، عندما استقل الحافلة عند نهاية الدوام المدرسي، واعترف السائق في أقواله أنه وضع الحافلة صباح يوم الواقعة وبعد نزول الطلاب في الموقف الخاص بحافلات المدرسة خلف مبناها ونزل منها بعد أنَّ أغلق أبوابها ودون أنَّ يقوم بالتدقيق بداخلها للتأكد من خلوها من الطلبة، منكرًا ما وجّه إليه من اتّهامات.

كما أوضحت مشرفة الحافلة في اعترافاتها أنَّ المجني عليها استقلت الحافلة الساعة السادسة وأربعين دقيقه صباحًا، ووصلت الحافلة للمدرسة الساعة السابعة وخمسة وأربعين دقيقة، وعقب الإنتهاء من  مساعدة الطلبة  في النزول صعدت إلى الحافلة للتاكد من عدم تخلّف أحد إلا أنها اكتفت بالمرور حتى منتصف الحافلة ولم تمر على كافه المقاعد للتثبت من ذلك، ثم نزلت وطلبت من سائق الحافلة الإنصراف، وأكدت أنها سلّمت قائمة أسماء الطلبة إلى المسؤولين عن الحافلات بالمدرسة.

من جهتها، أكدت المتّهمة المزعومة الثالثة أنها ليست المسؤولة عن كشوف غياب الطلاب ولكن إدارة المدرسة أوكلت لها المهمة بسبب غياب المشرفة، واعترفت المتهمة أنها لم تقم بمضاهاة كشوف الطلاب الذين صعدوا إلى الحافلات مع كشوف الطلاب الموجودين في الصفوف الدراسية، مبرّرة ذلك بأنها كانت مكلّفة بعدة مهام في ذلك اليوم، إضافة إلى ارتفاع نسبة غياب الطلبة نظرًا لكون يوم الواقعة جاء بعد أجازة عيد الأضحى المبارك، وهو ما أكده مدير المدرسة، ولكنه حمّل مشرفة الحافلة المسؤولية موضحًا أنَّ مهام عملها تتضمن مراجعة كشوف أسماء الطلاب لدى صعودهم إلى الحافلة وكذلك عند نزولهم بالمناداة عليهم بأسمائهم، وحول اتّهامه بتعريض حياة الطلاب للخطر اعترف مدير المدرسة بعلمه أنَّ الحافلات المدرسية التي تستخدمها الشركة المتعاقد معها غير مرخصة للنقل المدرسي من دائرة النقل، وأنَّ سبع من الحافلات لا تتوافر فيها المواصفات المقررة في لائحة دائرة النقل.

وذكر أنَّ صاحب شركة النقليات أخبره أنَّ لديه استثناء من دائرة النقل لتسيير تلك الحافلات، مشيرًا إلى أنَّ أي من الجهات القائمة على الإشراف والمتابعة على النقل المدرسي في دائرة النقل لم يسبق لهم الحضور للتأكد من صلاحية الحافلات للنقل المدرسي.

وفي أقواله أمام النيابة أنكر صاحب شركة النقليات ما أسند إليه من اتهامات، وأكد أنه تعاقد مع المدرسة لنقل الطلبه بحافلات، وقد وفّر سبع وعشرون حافلة ولكنه لم يحصل على تصريح باستخدامها للنقل المدرسي، مشيرًا إلى أنَّ عشرون حافلة جهّزها وفقًا للمواصفات، بينما كان هناك سبع حافلات ومنها الحافلة التي كانت تستقلها المجني عليها لم تكن مطابقة للمواصفات، مؤكدًا أنَّ إدارة المدرسة تعلم بذلك، وأنَّ جميع السائقين لديهم ترخيص بقيادة الحافلات إلا أنهم لم يحصلوا على ترخيص من دائرة النقل لقيادة الحافلات المدرسية، وجميع المرافقات يتبعنّ المدرسة بمن فيهم المتهمة المزعومة الأولى، ثم عاد وقرر بأنَّ عشر من المرافقات على غير كفالته ويعملنّ بمؤسسته.