أنقرة ـ جلال فواز
حاول آلاف اللاجئين السوريين اجتياز السياج الفاصل بين الأراضي التركية وبلدة تل أبيض التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، على أمل النجاة بأرواحهم في ظل المعارك العنيفة التي تدور على تخوم البلدة إثر التقدم الكبير الذي تحققه حماية الشعب الكردي المدعمة بالفصائل المقاتلة وطائرات التحالف الدولي.
واكتفت القوات التركية بمشاهدة مقاتلي "داعش" عاجزة عن فعل أي شيء أمامهم وهم يعيقون حركة اللاجئين السوريين لمنعهم من مغادرة البلدة التي يتشكل النسيج السكاني فيها من العرب والأكراد، وحثهم على البقاء فيها، علمًا أنَّ السلطات التركية أعلنت عبور 13 ألف مدني سوري عبر حدودها خلال الأيام العشرة الماضية.
وتتواصل الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي المدعمة بالفصائل المقاتلة وطائرات التحالف الدولي من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة أخرى في المشارف الشرقية لأطراف مدينة تل أبيض وفي الريف الجنوبي الغربي للمدينة.
وتمكنت الوحدات الكردية والفصائل من التقدم في جنوب شرق المدينة، والتقدم كذلك الريف الجنوبي الغربي والسيطرة على أكثر من 20 قرية جديدة فيها، بالتزامن مع قصف لطائرات التحالف على مناطق متعددة في ريف المدينة، وترافقت الاشتباكات مع تفجير التنظيم لجسري الجلاب وشريعان في جنوب شرق وجنوب غرب تل أبيض، في محاولة لمنع الوحدات الكردية ومقاتلي الفصائل من التقدم.
وصرَّح الناشط الكردي عرين شخموس، الذي يتواجد على الخطوط الأمامية يوميًا، بأن بلدة تل أبيض الحدودية هي مزيج من السكان الأكراد والعرب الذين يسعون إلى إيجاد ملاذ آمن بعد أن أصبحت البلدة تكاد تكون محاصرة بالكامل وبالتالي نجد الصور تظهر آلاف من اللاجئين يصطفون خلف السياج الشائك، طالبين العبور إلى تركيا فيما يحاول الأطفال تسلق ذلك السياج للعبور.
وأكد أحد الناشطين الأكراد مصطفى عبدي، يتواجد في مدينة عين العرب "كوباني" التي تحررت من قبضة "داعش" في وقت سابق من هذا العام، أنَّ السلطات أقامت معسكرًا للنازحين، مضيفًا أنهم ينتظرون تحرر جميع البلدات الحدودية من شمال شرق سورية وبطول الطريق حتى مدينة كوباني.
وأعلنت القوات الكردية السورية المعروفة باسم "YPG" في بيان لها، أنَّ مقاتليها قاموا بتطويق بلدة سلوك، التي يسيطر عليها "داعش" والواقعة على بعد أميال قليلة جنوب غرب بلدة تل أبيض التي تعد مهمة من الناحية الإستراتيجية.
وأوضح البيان أنَّ الميليشيات التابعة لـ"داعش" فقدت السيطرة على بلدة سلوك في الوقت الذي تحرز فيه القوات الكردية تقدمًا نحو بلدة تل أبيض، كما أن الطريق الذي يربط بين الرقة وبلدة تل أبيض بات تحت سيطرة قوات شعبية كردية تختص بحماية المدنيين في سورية.
يُذكر أن بلدة تل أبيض، تفصل بين مدينة عين العرب "كوباني" ضاحية الحسكة الواقعة شمال شرق سورية، وتعد المنطقة الواقعة شمال سورية الأكثر تعقيدًا من حيث المواجهات بعد مرور ما يزيد عن أربعة أعوام من الحرب الأهلية التي تواجه فيها "داعش" الميليشيات الكردية والقوات الحكومية السورية إلى جانب تحالف المتمردين الذي يشتمل على متطرفين من تنظيم "القاعدة".
واستطاعت القوات الكردية السورية "YPG" منذ بداية أيار/ مايو بمعاونة الولايات المتحدة إعادة السيطرة مرة أخرى على أكثر من 200 بلدة كردية ومسيحية تقع شمال شرق سورية، إضافة إلى الجبال الإستراتيجية التي كانت قد استولى عليها في السابق تنظيم "داعش".
ومع فرض السيطرة علي بلدة تل أبيض، سيتم فتح طريق مباشر على طول الحدود مع تركيا وربط المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في محافظة الحسكة مع كوباني وحتى الشرق ما قد يثير غضب تركيا التي ترى أنَّ القوات الكردية السورية "YPG" ما هي إلا جزء من حركة حزب "العمال" الكردستاني الذي شن تمردًا مناهضًا للحكومة في جنوب شرق تركيا.
مع ذلك، لا يزال تنظيم "داعش" يحكم قبضته على نحو ثلث العراق وسورية، بما في ذلك ثاني أكبر المدن العراقية وهي الموصل، كما يستمر التنظيم المتطرف في محاربة القوات العراقية والميليشيا الشيعية، في شمال وشرق العاصمة بغداد.