لندن - كاتيا حداد
أدين طالبان بريطانيان بالسعي نحو ارتكاب عمليات متطرفة في شوارع لندن تحت راية تنظيم داعش، باستخدام برامج التواصل الاجتماعي المشفرة، في ما يعتقد المسؤولون في مجال مكافحة التطرف أنها كانت واحدة من أخطر المؤامرات المتطرفة التي تستهدف بريطانيا منذ عشرة أعوام.
وكان رجال الشرطة والجنود والمدنيون ضمن الأهداف المقصودة من المؤامرة، مع استخدام دراجة بخارية لتنفيذ عمليات القتل بعد حصول المتطرفين على بندقية وكاتم للصوت وذخيرة من أحد المجرمين في لندن، وأقرّ زعيم العصابة ويدعى طارق حسن البالغ (22 عامًا) بالذنب في توجيه آخرين بتنفيذ المؤامرة من خلال برامج التواصل الاجتماعي المشفرة وقت أن كان طالباً في كلية الطب.
وكان صديقه صهيب مجيد (21 عامًا) وهو طالب الفيزياء في كلية كينغز في لندن والحائز على جائزة في الرياضيات، مدانًا بالتآمر من قِبل هيئة محلفين في محكمة أولد بيلي، وكلاهما ولدا غرب لندن وتربطهما صداقة منذ أن كانا في مدرسة ويستمنستر سيتي وتأثرا بالدعاية التي يقوم بها تنظيم داعش عبر الإنترنت، ويشتبه بكون حسن على علاقة مع محمد إموازي الذي اكتسب شهرة عالمية تحت اسم الجهادي جون، حيث نشأ كلاهما في نفس المنطقة وذهبا إلى نفس الجامع غرب لندن، وكان فارق العمر بينهما خمسة أعوام، وكتب حسن عبر موقع التواصل الاجتماعي بشأن تأثره بالكبار الذين التقي بهم في المسجد حينما كان لا يزال في السادسة عشر من العمر.
ويعتقد المحققون أن حسن زار الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش في سورية، وتعهد بالولاء للتنظيم في تموز / يوليو العام 2014، وأطلقت المجموعة على نفسها في الرسائل المشفرة اسم "فريق التحول للتطرف" وجرى تحفيز المتآمرين في أيلول / سبتمبر العام 2014 بالفتوى من داعش التي تحث أنصارها على قتل "الكفار" في الغرب وهو ما اتضحت آثاره بعدها في باريس وبروكسل وأماكن أخرى.
وكان المتآمرون، الذين يقودهم حسن، في تواصل مع تنظيم داعش في سورية ويتلقون منهم التوجيهات في إتصالاتٍ مشفرة عبر منصّات مواقع التواصل الاجتماعي، بينما كان حسن يعرف باسم "الجراح" ويتواصل مع المتآمرين الآخرين عبر خدمات الرسائل المشفرة تليغرام وبيدجين مستخدماً مزيجاً من العربية واللهجة العامية في لندن، كما يستخدم المتآمرون في تواصلهم مجموعة من أدوات التشفير التي وضعها المتطرفون وتعرف باسم أسرار المجاهدين، والتي خضعت للتطوير من قِبل تنظيم القاعدة.
وتمكن ضابط مراقبة في لندن من القبض على مجيد حينما كان على اتصال مع أحد عناصر تنظيم داعش، والذي كان يخبره بكيفية تثبيت طبقات التشفير على جهاز الكمبيوتر المحمول، كما أدين اثنان من الرجال الآخرين بالعنف المسلح لتوريد السلاح الناري، إلا أن نيال هاملت (25 عامًا) وناثان كوفي (26 عامًا) تمت تبرئتهما من التورط في تنفيذ مؤامرة متطرفة أو معرفة ما كان ينوي مجيد وحسن القيام به، ومن ثم فإن كلاهما يواجهان أحكاماً بالسجن لجرائم حيازة الأسلحة النارية.
وذكر رئيس شرطة سكوتلاند يارد لمكافحة التطرف، القائد دين هايدون، أن المؤامرة التي اشترك في إحباطها جهاز مكافحة التطرف في سكوتلانديارد والمخابرات الداخلية والخارجية في بريطانيا معقدة للغاية، حيث استهداف رجال الشرطة والجيش والمدنيين في وضح النار بعد الحصول على سلاح ناري وكاتم للصوت وذخيرة، والتسبب في الخوف والغم فضلاً عن إحداث اضطراب في جزء معين من غرب لندن.
وكان حسن قد تمت تبرئته من التطرف مطلع العام 2014 على خلفية كتاباته على منصة موقع التواصل الإجتماعي "أسك.أف.أم"، بعدما أشاد بأبومحمد المقدسي الذي ذكرت الولايات المتحدة الأميركية أنه واحداً من المتطرفين الأكثر تأثيراً، فضلاً عن الإشارات لكتابات ومقاطع فيديو خاصة بأنور العولقي رجل الدين المتشدد، الذي تم استهدافه بواسطة طائرة من دون طيار وكان على علاقة بالمؤامرات المتطرفة المتعددة ضد بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
وأشاد حسن بأسامة بن لادن واصفاً إياه بـ"الشهيد"، حينما كتب أنه "من أكبر المجاهدين وعسى أن يتقبله ربه كشهيد"، كما كتب أيضاً أن "المسلمين لا ينبغي عليهم أن يكونوا في المقام الأول داخل بريطانيـا، وأن الديمقراطية كفر"، ووافق على أنه من الواجب الذهاب إلى سورية، وقد درس الطب العام 2013 في مدينة الخرطوم السودانية، والتي تم استهدافها من قبل متشددي.
وسيطر البريطاني المتشدد محمد فخري العام 2013 على الجمعية الثقافية الإسلامية هناك، وأصبح طلاب آخرون متطرفون، وكان فخري الذي هرب من أجل الانضمام إلى داعش إضافةً إلى 17 من طلاب الطب البريطانيين الآخرين قد تخطوا دراستهم للانضمام إلى دولة الخلافة المزعومة.