أبوظبي- جمال أبو سمرا
أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، الدكتور أنور قرقاش، أن دول الخليج العربي أعلنت عن دعمها السياسي للتحالف الدولي ضد التطرف خلال اجتماع جدة الأسبوع الماضي.
وأشار قرقاش إلى أن عملية التصدي للدولة الإسلامية "داعش" لا تعني تهميش المكون السني في العراق، أو السماح بتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، أو إعادة تأهيل نظام بشار الأسد الفاقد للشرعية في سوريا.
وأضاف قرقاش أن تلك خطوط واضحة، وما زالت هناك الكثير من التفاصيل يجري التنسيق بشأنها، ودول الخليج لا يمكن أن تسمح بعودة السياسات الإقصائية لسنة العراق، وهي في الوقت ذاته ضد أن تسنح الفرصة للمزيد من التدخل الإقليمي في الشؤون العربية بشكل عام، الذي نرى أنه زاد على الحدّ، مضيفًا: "نحن نميز بشكل واضح، ونعرف من هم داعش، ومن هم سنة العراق".
وأوضح قرقاش أن دول الخليج تتخذ سياسات مرنة، وتعي مخاطر التطرف، ومن السذاجة وصف دورها في التحالف الدولي بأنه يرتكز على دفع فاتورة العمليات العسكرية التي ستشن ضد معاقل المتطرفيين، "ولا يمكن أن نأتي فجأة ونقول إن دول الخليج تستطيع أن تفرض رأيها، هي مسألة أخذ وعطاء، هناك مصالح لمجموعة من الكتل والدول، والجميع يشترك في رفض التطرف، وندرك أننا لن نحصل على نسبة 100% مما نطلبه من هذه العملية".
وأكد قرقاش أن لدى الإمارات خصوصًا، قناعة بأنه يجب أن يكون هناك استراتيجية شاملة لمكافحة التطرف، لأنه يهدد كل الدول العربية، سواء في مصر أو اليمن أو ليبيا، ولا يقتصر فقط على العراق وسوريا، مضيفًا: أننا ندرك ضرورة أن تكون هناك مرونة في التعامل، لأن التحالف دولي وشامل.
وأشار قرقاش إلى أن موقف الإمارات من قطر، يساير موقف الدول الخليجية حول أزمة سحب السفراء، ورأى أن هناك فرصة وآلية موضوعة من خلال الوساطة السعودية الأخيرة، التي تعد أن تحكيم العقل مصلحة للكل.
وأضاف قرقاش أن الخليج يمر بأزمة حادة، لكن الجميع متفائل بوضوح الرؤية والصبر والحكمة لدى القيادة السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز "الذي يملك نظرة تدرك المتغيرات عربيًا، وعواقب الخلل وعدم الاستقرار، وهو يريد مجلس تعاون قويًا، يكون أساسًا لصياغة عمل عربي قائم على الاعتدال، لذلك نثق بأنه سيقودنا إلى بر الأمان".
ورأى قرقاش، أثناء حديثه لمؤتمر الخليج العربي والتحديات الإقليمية، الذي افتتحه في الرياض، أمس الثلاثاء، نائب وزير الخارجية السعودي، الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، أن التغيير في المنطقة يجب أن ينطلق من خلال التطوير الداخلي في الدول، مؤكدًا أن الأعمال التطرفية تهدد وجود الدول الإقليمية، ولا يمكن التحرك من جانب أحادي، وإنما من خلال العمل الجماعي.
وأرجع قرقاش السبب في التمدد الحوثي في اليمن إلى السياسة الطائفية، التي وصفها بأنها ظاهرة سلبية تخلق المزيد من الإشكالات، وعدّ أن الدعوة الطائفية لا يمكن لها أن تقوض العملية السياسية السلمية، من خلال أجندتها الخاصة المدعومة إقليميا.
وذكر قرقاش أن إخفاق السياسات الطائفية في العراق، أدى لاستغلال داعش "ضيم" مكونات أساسية من الشعب العراقي، منبهًا إلى أن الإمارات تعاني من احتلال إيران للجزر الثلاث، وتسعى لحل المسألة عبر القانون الدولي.
وشدد قرقاش على ضرورة حل أزمة الملف النووي الإيراني، سلميًا، والوصول لاتفاق صارم ومحكم لا تكون فيه ثغرات، ولا يسمح بسباق نووي في المنطقة، مؤكدًا في سياق آخر، أن العائدين من مناطق الصراع يشكلون تهديدا لدولهم، وتجربة أفغانستان مرشحة للتكرار مرة أخرى، في ظل عبور الشباب الأوروبي الحدود التركية إلى سوريا من أجل الانضمام إلى جبهة النصرة وداعش.
وأشاد قرقاش الدور المصري في الأزمة الحرب بين حماس وإسرائيل، متطلعًا للوصول إلى حل الدولتين، وأن تكون فلسطين بكامل أجزائها وعاصمتها القدس، مبينًا أن الحكومة الإسرائيلية متطرفة.
من جانبه، دعا نائب وزير الخارجية السعودي، الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، للتصدي للمخاطر والتحديات التي تحيط بدول الخليج العربي، واتباع منحى متعدد الجوانب لمواجهتها، وإنجاز تعاون إقليمي ودولي لاحتواء الصراعات المتفجرة، والتصدي لظاهرة التطرف التي أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار وأمن المجتمع الدولي، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، وتحصين الجبهة الداخلية في دولنا لمواجهة هذه الأخطار في الدول المجاورة.
ولفت عبدالعزبز إلى أن سياسة التهميش والإقصاء وإذكاء روح الطائفية والتبعية كانت سببًا جوهريًا في تردي الأوضاع وفقدان الأمن والاستقرار في العراق، ولم تكن التأثيرات تطال العراق الشقيق وحده، بل كانت تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة كافة.
وأضاف عبدالعزيز أنه على الرغم من التطورات والجهود المبذولة التي يشهدها العراق، التي باركتها المملكة لما فيه خير الشعب العراقي وبقاء وحدته ودوره الحيوي على الساحة العربية، إلا أن الأوضاع لا تزال تمر بمرحلة حساسة تتطلب من الجميع بذل المزيد من أجل الوصول إلى عراق موحد ومستقر.
وتابع عبدالعزيز أنه "وانطلاقا من مسؤوليتها تجاه الأشقاء هناك، قدمت السعودية 500 مليون دولار من أجل المساعدات الإنسانية للشعب العراقي، الذي راح ضحية للمجموعات التطرفية، ولن تألو جهدا في القيام بأي عمل من شأنه مساعدة الحكومة العراقية ليحقق الأمن والاستقرار والحد من التدخلات الأجنبية".
وأوضح عبدالعزيز أن "الشعب اليمني يواجه تحديات ومخاطر عدة تستوجب من دول المجلس والدول الأخرى مواصلة تقديم الدعم والمؤازرة والجهود الرامية إلى تحقيق أمنه واستقراره المرتبط بأمننا واستقرارنا جميعًا، فالأوضاع كما وصفها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن بأنها الأسوأ منذ 2011، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للأوضاع السياسية والأمنية فيه".
وأكد عبدالعزيز أن "استمرار هذه الأوضاع المتردية، يزيد من قلقنا الشديد مع ما يقوم به (الحوثي) من تهديد صريح للدولة اليمنية وتعطيل المسيرة السياسية والتنموية، وما يشكله من خطر ليس على اليمن وحده، بل على كل دول المنطقة وفي هذا الإطار ندعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه الأوضاع المتردية في اليمن في مواجهة التهديدات والمخاطر التي تواجهه، والتأكيد على أهمية استكمال المراحل الأخيرة من المبادرة الخليجية المتمثلة في صياغة الدستور، والانتقال إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية والنيابية".
وأضاف عبدالعزيز أنه "في خضم التحديات الإقليمية لا ننسى أن أزمة الملف النووي الإيراني تشكل هاجسًا وتحديًا كبيرًا لأمن واستقرار منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص وللأمن والسلم الدوليين، وندعو إلى ضرورة تعاون إيران الكامل مع مجموعة (5+1) في سبيل الوصول إلى حل شامل ومتكامل وطويل الأجل، وضمان أن يكون هذا البرنامج ذا طابع سلمي، مما يعزز من الجهود الدولية لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل".
من جهته، أوضح كبير المفاوضين الفلسطينيين، الدكتور صائب عريقات، "أن إسرائيل ليست بارجة لأميركا في الشرق الأوسط، وأن الادعاء بأن تل أبيب تتحكم بالقرار الأميركي غير صحيح".
وأضاف عريقات أنه لا فرق بين تطرف المستوطنين وتطرف الجماعات الأخرى، مؤكدًا أن الغرب لم يصف قتل 29 مسلما في الحرم الإبراهيمي على يد متشدد يهودي بأنه تطرف، وكذلك الأمر بالنسبة للجندي الأميركي الذي أقدم على قتل 20 من زملائه.
ووصف عريقات السياسة التي كان ينتهجها إسماعيل هنية، أثناء رئاسته الحكومة الفلسطينية في عام 2007، بأنها كانت من منظور فئوي، ولم يفصل حينها بين انتمائه لجماعة "الإخوان المسلمين" وحركة "حماس"، ورئاسته للحكومة، كاشفًا أن هنية قال له "لقد فزنا بالانتخابات، وعلى الجامعة العربية أن تلغي مبادرة السلام مع إسرائيل".
وأضاف عريقات أنهم مع ذلك يسعون لضم حماس والجهاد الإسلامي مع بقية الفصائل لتنضوي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية.
ولفت عريقات إلى أنهم يدركون أن هناك تجاذبات بين دول الخليج، وأبلغوا أطرافًا خليجية بأهمية أن لا تنعكس تلك التجاذبات ليدفع ثمنها الدم الفلسطيني، في إشارة واضحة لعرقلة مفاوضات المصالحة بين حماس وإسرائيل أثناء الحرب الأخيرة، التي كانت ترعاها مصر.
من جانبه، أوضح عضو مجلس النواب العراقي، الدكتور ظافر العاني، أن "سياسة حكومة نوري المالكي الماضية في العراق، سعت لاجتثاث أهل السنة، ووصفهم بـ(صدّاميين)"، لافتًا إلى أن طرد أفراد الجيش العراقي من الخدمة، كان عملية مدبرة بعد الحرب، من خلال إيران التي تحتل العراق من عام 2003، مشيرًا إلى أن البوادر توضح إمكانية إعادة دول الخليج لعلاقاتها مع العراق، في ظل المرحلة الجديدة التي يعيشها بعد انتهاء حكم المالكي.