لندن – صوت الإمارات
استعادة بعض خطوط «الريترو» لتلك السنوات وإعادة نشر مختارات من إصدارات بعض قطع الأثاث الشهيرة، والتي تعتبر «أيقونات» التصميم الإيطالي، كانت مناسبة لاستحضار أسماء كبيرة لعمالقة الفن الزخرفي الإيطالي، أولئك الذين تركوا بصماتهم المؤثرة ليس في تعريف الآفاق الزخرفية والتصميم في العالم، وإنما أيضاً في تطوير مفاهيمها ورفدها بمعطيات شكلت – ولا تزال – ملامح الحداثة الزخرفية وما بعدها.
وكان إعلان الأمم المتحدة 2015 «عام الضوء»، مناسبة لتفاعل المصممين والمنتجين وأصحاب الماركات الراقية وتجاوبهم النشط مع هذا الإعلان. وقد تجسد ذلك في السيناريوات المختلفة، التي أضفت على عالم الإضاءة وعناصره لمسات مبتكرة وطرافة متميزة، ساهمت في إبراز روعة الضوء بأسلوب تشكيلي رائع، يعكس أهمية الإضاءة واستحقاقها هذا العام العالمي. فالضوء، الى جانب أهميته وضرورته الحيوية للحياة والحضارة، ورمزيته التي تتجاوز كل التصنيفات والخصوصيات، فإنه يشكل في الحياة المعاصرة مصدراً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بكل قيمها العملية والجمالية، وكذلك الروحية أيضاً.
معرض الضوء، كان صدى لهذه الرؤية التي تمت صياغتها كتحفة فنية داخل هيكل زخرفي كأنه قلب جوهرة. إن سبر هذا «الداخل» يقدم إجابات وافية للأسئلة الكثيرة التي يطرحها هذا الشكل بغلافه الخارجي المحايد... كأنه يقول إن الضوء مضمون وليس مجرد شكل فقط.
التصاميم كثيرة وجذابة حملت بصمات العديد من عمالقة الفن الإيطالي والعالمي، وقد برزت بينها أسماء شهيرة مثل: «فيليب ستارك» و«باتريسيا ايركيولا» و«جاسبر موريسون» و«أنطونيو سيتيريو» و«بيارو ليسوني»...
والمفارقة البارزة هذا العام، أن هذا المعرض شكل نقطة التقاء بين عالمين لكل منهما خصوصياته وشروطه: الأول تجاري والثاني فني. وقد بدا واضحاً أن طرح الرؤى المختلفة حول هذه الأمور والمسائل، كان يهدف الى تأكيد الصلات والعلاقات الحاسمة بين هذين العالمين، فبدا المعرض وكأنه يقيم جسراً بديعاً بينهما، ليس لتقريب المفاهيم فقط وإنما لصياغة شروط مشتركة، أصبح من الصعب الاستمرار من دونها.
إن الانطباعات الأولية التي تتبادر الى الذهن، أمام روعة التصاميم وفرادتها، وثراء الأفكار والطروحات المثيرة، تتجلى في الانتقال بنا الى باحة متحف من نوع فريد، تتغير فيه المشاهد وتتطور العناصر وتتجاور المبتكرات في إلفة بين العملي والجمالي، مما يؤسس لقيم جديدة ستتشكل مظاهرها في المقبل من السنوات.
وتظهر آفاق هذه القيم في ما قدمته العلامة التجارية «كارتيل» من مبتكرات راقية من خلال إعادة اصدارات لبعض اعمال اثنين من رموز الفن الزخرفي الإيطالي: «ممفيس» و «إيتور سوتزاس» كنوع من التكريم لإبداعهما.
فتكريم عبقرية «سوتزاس» تجلت من خلال إعادة ابتكار مجموعة من الزهريات ومصابيح الإضاءة التي تم تحديثها برؤية عصرية وطابع يجمع بين التوظيف والأصالة... بينما نجد في تكريم اعمال «ممفيس» إعادة نشر لمبتكرات من قطع الأثاث المميزة بخطوط هندسية تتلاءم مع آخر صيحات الموضة الزخرفية لهذا العام...
من ناحية أخرى، نجد الكثير من اللعب على التناقضات في بعض تصاميم الأثاث وأكسسوارات الديكور المستخدمة يومياً، مثل المرايا والوسائد والمصابيح المصاغة بأشكال عصرية مع لمسة من الطرافة والباروكية...
وأكثر ما يلفت أيضاً، الأعمال البارعة لسلسلة ورق الجدران المبتكرة، والتي تقدم إلى جانب الجدّة الكثير من الطرافة، إذ تضفي على أجواء الداخل مسحة من السحر الخاص الذي ينتج عادة من المفاجآت التي تستمد جوهرها من الوقائع العادية.
أما من ناحية الألوان، فهناك عودة الى البرتقالي، الأخضر والوردي، بإيقاعات زاهية ومنعشة تنشر حولها الإحساس بالبهجة والتفاؤل.
ويظهر الخشب جميلاً دافئاً بمظهر طبيعي وعروق ظاهرة، وبألوان فاتحة او داكنة ترفد الديكور بأناقة ملحوظة وتؤكد أصالته...
ويحضر «الورنيش» ليلقي برونقه اللامع فوق العديد من المبتكرات المتعددة المواد والأجواء.
أما في ما يتعلق بالأرائك، فهي مريحة متمددة، لكن استُبدلت قاعدتها التي درجت عليها سابقاً بسيقان من الخشب او المعدن...
ويحضر الجلد أنيقاً كالعادة إلى جانب أنواع مختلفة من النسيج الذي يهيمن عليه المخمل الناعم بألوان ناعمة دافئة مع بعض من التأثيرات القزحية.
كما يعود النحاس ليفرض حضوره وفي شكل ملحوظ على الكثير من التصاميم، على حساب العديد من المعادن المصقولة. وباختصار، يمكن القول إن المعرض هذا العام، خصص مساحة معتبرة للمواد النبيلة بكل مراتبها.