أنقرة ـ وكالات
منذ أن اقتحمت النساء مجال العمل كمضيفات على متن طائرات الخطوط الجوية التركية لأول مرة أواخر أربعينيات القرن الماضي، كان لباسهن عبارة عن بلوزة قطنية وبدلة زرقاء خيطت لتبرز معالم أجسادهن. واستمر الزي على هذا المنوال في ستينيات وسبعينيات القرن نفسه مستلهما خطوط الموضة الباريسية، بينما اعتبرته صحيفة نيويورك تايمز نزعة تركية لإظهار ميولها الأوروبية في خطوطها الجوية الوطنية. الآن والبلاد تشهد تحولا في العادات والأعراف، انعكس ذلك على شركة الخطوط الجوية التركية التي اقترحت زياً جديداً محتشماً لمضيفاتها يتمثل في الملابس الطويلة ذات التنورات التي تمتد إلى ما تحت الركبة مع طربوش فوق الرأس على الطراز العثماني. هذه هي تركيا حيث يمكن لأشياء "تافهة" أن تثير صراعا مريرا على الهوية وردود أفعال عاطفية من العلمانيين والمتدينين على حد سواء، ومن أولئك الذين يتمسكون بتقاليد تركيا الحديثة، وآخرين يراودهم الحنين إلى أيام الإمبراطورية العثمانية الخوالي. وسخر بعض الأتراك على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي من زي المضيفات الجديد الذي يُذكّرهم بالملابس التي كان يرتديها الممثلون في المسلسل التركي "سليمان العظيم" الذي تدور أحداثه حول الحقبة التي حكم فيها السلطان سليمان القانوني البلاد في القرن السادس عشر. ولم يكتسب هذا الخلاف زخما إلا بعدما أعلنت الخطوط الجوية أنها بصدد حظر تناول الخمور في بعض رحلاتها الداخلية والخارجية. ووصف آخرون المظهر الجديد للمضيفات بأنه مفرط في المحافظة وخطوة قصد منها إرضاء حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية والذي يتزعمه رئيس الوزراء طيب رجب أردوغان. وتقول نيويورك تايمز إن عشر سنوات على وجود الحزب على سدة الحكم أحدثت تغييرات في الثقافة العلمانية للمجتمع، من قبيل السماح للنساء بارتداء الحجاب في الأماكن العامة وحرم الجامعات، وفرض قيود على تعاطي المشروبات الكحولية في أماكن بعينها. وفي بيان لوسائل الإعلام المحلية، حاولت الخطوط الجوية التركية وضع حد للجدل الدائر بقولها إن التصميم الجديد تم تسريبه قبل الأوان، مع أنه مجرد خيار ضمن بدائل عديدة قيد الدراسة. ويرى البعض أن الخطوط الجوية التركية -التي تملك الحكومة نصف أسهمها تقريبا- تحاول ببساطة إرضاء أردوغان "الذي -وإن لم يتهمه معارضوه بأنه إسلامي متشدد- يُشار إليه بأنه سلطان زمانه لأنه استأثر بالسلطة لنفسه"، على حد وصف الصحيفة الأميركية.