خفض لبنان أسعار رحلات الطيران وأسعار الفنادق هذا الأسبوع في محاولة لإحياء صناعة السياحة، التي تعاني بسبب الحرب الأهلية في سورية المجاورة. وبدأت شركة طيران الشرق الأوسط، الناقل الوطني اللبناني، حسومات تصل إلى 50 في المائة على مجموعة من الخدمات المختارة لمدة 50 يوما، ابتداءً من أمس، في حين قال فادي عبود، وزير السياحة، إنه طلب من السياسيين المحليين خفض نبرة المجادلات السياسية بينهم خلال الترويج. وأضاف: ''نحاول تغيير المزاج''. وتعكس حملة الحسم مدى تأثير الصراع في سورية على السياحة في لبنان التي تعتمد على عائدات من القطاع تشكل أكثر من ربع الناتج الإجمالي المحلي. وانخفض عدد الزوار في العام الماضي بنسبة 18 في المائة عما كان عليه عام 2011، وبنسبة 38 في المائة تقريباً عن 2010، وفقاً لبحث أجراه بنك بيبلوس. وحتى بدء الاضطرابات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط للبنان، كانت الحياة الليلية النابضة ونمط الحياة المتساهلة يسحبان السياح من دول الخليج العربية وأماكن أخرى بشكل أسرع مما يمكن للبنية التحتية استيعابه. وعلى الرغم من تفشي العنف المتفرق الذي ابتليت به البلاد منذ نهاية الحرب الأهلية فيها قبل 22 عاما، إلا أن صحيفة ''نيويورك تايمز'' اختارت بيروت واحدة من أعلى وجهات السفر في العالم عام 2009. لكن الانتفاضة السورية وضعت نهاية لذلك وفقد لبنان السياح من منطقة الخليج، الذين يذهب كثيرون منهم إلى لبنان عبر سورية، في حين زادت الاشتباكات القاتلة في طرابلس، شمالي لبنان، من مخاوف انتشار الصراع الطائفي إلى البلد المتعدد الطوائف. وكان الاغتيال المثير في وسط بيروت لرئيس المخابرات الذي عمل على قضية تتعلق بالمؤسسة الأمنية السورية، وتحذير مواطني الخليج من السفر إلى لبنان بعد موجة من عمليات الخطف المرتبطة بسورية، بمثابة عاملين زادا من مخاوف الزوار المحتملين. ويقول بول عريس، رئيس نقابة أصحاب المطاعم: ''ليس هناك سياح''. ويضيف: ''ظللت في قطاع الأعمال على مدى السنوات الـ 40 الماضية. كان 2012 هو الأسوأ على الإطلاق''، مضيفا أنه حتى خلال الحرب الأهلية في البلاد أنفق الناس أموالا أكثر على وسائل الترفيه. وعلى الرغم من أن هناك مطاعم جديدة تم فتحها، إلا أن أكثر من 40 مطعما تم إغلاقها في بيروت خلال عام 2012 وقد يتضاعف هذا العدد في عام 2013، وفقا لعريس. وتوقف إشغال الفنادق الفاخرة عند 56 في المائة في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، وفقاً لشركة إيرنست آند يونغ، منخفضا 70 في المائة تقريباً عما كان عليه في الفترة المماثلة من عام 2010. وامتد ظل الحرب الأهلية المتصاعدة في سورية إلى أبعد من قطاع السياحة في لبنان، إذ ساهمت المخاوف من عدم الاستقرار إلى انخفاض ثقة المستهلكين وتباطؤ الاستثمار. وشهد لبنان تدفقاً كبيراً من السوريين، بما في ذلك اللاجئين المعدمين والأسر الأفضل حالاً. وعلى الرغم من أن الفئة الأخيرة خففت من الانكماش في بعض أجزاء الاقتصاد، خاصة في سوق إيجار الشقق، إلا أن اقتصاديين يقولون إن أنماط الإنفاق الحذرة لا تعوّض الآثار الاقتصادية السلبية للأزمة السورية. ويعزو نسيب غبريل، كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس، جانبا كبيرا من الانخفاض في الاقتصاد اللبناني، المقدّر بنسبة 6 في المائة من النمو منذ عام 2010، إلى آثار الأحداث السورية على لبنان. ويقول إن نظام الترويج السياحي موضع ترحيب، لكن من غير المرجح أن يعكس الانخفاض. ويقول: ''اجتذاب السياح إلى لبنان مرة أخرى ليس فقط عملية حسومات ومبيعات. إنه يتطلب إعادة الأمن والاستقرار''. لكن الوزير عبود لا يزال متفائلا ويجادل بأن القطاع يعاني مشكلة صورة. ويقول: ''نعم، نواجه مشاكل، نعم، الحرب على الباب المجاور، لكن الحياة يجب أن تستمر''. وينتظر ممثلو الصناعة ليروا ما إذا كان يمكن إغراء السياح بالعروض الخاصة. ويقول غسان حيتي، مدير رابطة وكلاء السفر والسياحة في لبنان، إن الأسعار تنافسية، لكنه غير مقتنع بأن السياح الخليجيين، الذين هم أكبر منفقين، سيعودون بأعداد كبيرة. ويضيف: ''أعتقد أن العرب لن يأتوا لعدة أسباب. نحن نعيش في حالة حرجة للغاية''