مهرجان صيف الفنون

نجح مهرجان صيف الفنون 6 في الشارقة، أخيراً، في إضفاء رونق نجاح متمايز على طبيعة فعالياته، استقطب معه تجارب إبداعية فنية، مهمة، على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وهو ما أفرز احتفاء واغتناء فضاءات المهرجان تحت إشراف وتنظيم مجمع الشارقة للآداب والفنون، بالعديد من المشاهد البصرية المشكلة ببانوراما جداريات ومعارض ولوحات فريدة، لمجموعة من الفنانين البارزين، والمنتشرة في شتى أماكن وساحات الإمارة، إذ إنها تعكس حالة الحوار الحضاري الإنساني الذي تطلقه وتتبناه وتعزز مساراته الشارقة، في الأساس، عبر الانفتاح على الثقافات والسخاء في تمهيد كل السبل التي من شأنها ترسيخ دور الفن والنهوض بمستوى التلقي والتذوق.

وتلقى اللوحة الجدارية التجريدية، التي تزين واجهة رواق الشارقة للفنون، للفنان الأميركي مات دبليو مور، في هذا السياق، إقبالا وشعبية نوعيتين، إذ إنها ترتقي بذائقة المتلقين وتمدهم بخبرات ومشاعر جمالية مهمة، خاصة وأنها تقوم على مبدأ «الامتداد يفضي إلى الإبداع»، وهي بطول 41 مترا وارتفاع 3.5 أمتار، وتغطي الواجهة البحرية لرواق الشارقة للفنون، حيث يتصدرها تصميم هندسي مدروس بعناية، ويتألف من مساحات لونية متجاورة تفصل بينها خطوط بكافة الاتجاهات.

ويطالع الجمهور في واجهة المجاز المائية، قرب مركز ألوان، آلافا من العبوات البلاستيكية المعاد تدويرها عبر الفن، وجرى تشكيلها على هيئة زهور ملونة ومتشابكة، وهي منسوجة مع بعضها لتكون عملا فنيا تركيبيا يحتفي بالأرض «أفق الفرح، جسور التواصل» للفنانة ديل وين.

واستطاعت الفنانة تحويل المخلفات البلاستيكية التي يسعى المرء إلى التخلص منها إلى عمل فني، لتستكشف بذا ألوانا وأشكالا كأفق للفرح والتواصل.

ومن بين الأعمال، أيضا، ما جسدته الفرنسية موريس في جداريتها الفنية «أوريغامي» في ميغا مول الشارقة.. فمن الملاحظ أن أعمالها متأثرة بفن تصميم الورق الياباني أوريغامي (فن يعتمد على تشكيل الورق بعد طيّه).

وهناك أيضا، مجموعات فريدة غنية كثيرة من البرامج والأنشطة التي يشتمل عليها المهرجان، وكان متميزا من ضمنها ما لقيه من حفاوة، معرض رؤى إسلامية الذي نظمه مركز الذيد للفنون بالتعاون مع اتحاد المصورين العرب لأربعة من الفنانين الضوئيين، وهم :يوسف الزعابي، أبوبكر الأحمر، حسين البحراني، وسيم خير بك.

وتتجلى فيه ملامح العمارة الإسلامية في الإمارة، فنجد مفردات وتفاصيل بصرية توصل لها المعمار العربي في الشارقة على مدى قرون، لتظهر ماثلة ومكونا أساسيا في البناء الإسلامي الحديث والمعاصر، اعتمادا على تاريخ من التراكم الثري للمنجز المحلي.

وتُعرض في بيوت الخطاطين في الشارقة، نماذج القوالب الخطيّة لقامات من المتخصصين، وهم :مصطفى الراقم وعبد الله الزهدي وسامي أفندي ومحمد نظيف.

وهذه القوالب مأخوذة بالحجم الطبيعي عن بعض المساجد والمدارس. وفي مقدمها: قالب خطي لسورة النبأ في مسجد نصرتية التاريخي في إسطنبول وهو لمصطفى الراقم، مجموعات مدرسة خليل أغا في القاهرة للخطاط عبد الله الزهدي.

وفي العموم، يمكن للمتلقي في زيارة هذا المعرض، أن يرى نوادر فنية تعكس أصالة الخط العربي والتقنيات التي تسهم في إخراجه بالشكل النهائي بالرخام أو الخشب أو غير ذلك من الخامات الصلبة.