بقلم - جهاد الخازن
قال المتنبي:
أود من الأيام ما لا تودّه / وأشكو اليها بيننا وهي جنده
يباعدن حباً يجتمعن ووصله / فكيف بحبٍ يجتمعن وصدّه
وأتعبُ خلق الله من زاد همّه / وقصّر عما تشتهي النفس وجده
فلا مجدٌ في الدنيا لمن قلّ ماله / ولا مال في الدنيا لمن قلّ مجده
وفي الناس من يرضى بميسور عيشه / ومركوبه رجلاه والثوب جلده
ولكن قلباً بين جنبيّ ما له / مدى ينتهي بي في مرادٍ أحُدّه
وقال أيضاً:
أما في هذه الدنيا كريم / تزول به عن القلب الهموم
أما في هذه الدنيا مكان / يسرّ بأهله الجار المقيم
وله:
عيد بأية حال عدت يا عيد / بما مضى أم لأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم / فليت دونك بيداً دونها بيد
العبد ليس لحرٍ صالح بأخٍ / لو أنه في ثياب الحر مولود
لا تشترِ العبد إلا والعصا معه / إن العبيد لأنجاس مناكيد
وله أيضاً:
زيدي أذى مهجتي أزدكِ هوى / فأجهل الناس عاشق حاقد
حكيتَ يا ليل فرعها الوارد / فاحكِ نواها لجفني الساهد
طال بكائي على تذكرها / وطلتَ حتى كلاكما واحد
ما بال هذي النجوم حائرة / كأنها العمي ما لها قائد
وقال لسيف الدولة:
وجيش كلما حاروا بأرضٍ / وأقبلَ أقبلت فيه تحار
يحفُّ أغرّ لا قود عليه / ولا ديةٌ تساق ولا اعتذار
وقال:
أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر / وحيداً وما قولي كذا ومعي الصبر
ومن ينفق الساعات في جمع ماله / مخافة فقرٍ فالذي فعل الفقر
وله أيضاً:
الرأي قبل شجاعة الشجعان / هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرة / بلغت من العلياء كل مكان
ولربما طعن الفتى أقرانه / بالرأي قبل تطاعن الأقران
لولا العقول لكان أدنى ضيغمٍ / أدنى الى شرفٍ من الإنسان
وقال:
نُعدّ المشرفيّة والعوالي / وتقتلنا المنون بلا قتال
رماني الدهر بالأرزاء حتى / فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهامٌ / تكسرت النصال على النصال
يدفن بَعضُنَا بضعاً وتمشي / أواخرنا على هام الأوالي
وقال في حسناء:
ترشفتُ فاها سحرةً فكأنني / ترشفت حر الوجد من بارد الظلم
فتاة تساوى عقدها وكلامها / ومبسمها الدريّ في الحسن والنظم
وله أيضاً:
ما لنا كلنا جوٍ يا رسول / أنا أهوى وقلبك المتبول
كلما عاد من بعثتُ اليها / غار مني وخان فيما يقول