بقلم - جهاد الخازن
أبو الطيب المتنبي قال:
منىً كن لي أن البياض خضاب / فيخفى بتبييض القرون شباب
أعز مكان في الدنا سرج سابح / وخير جليس في الزمان كتاب
وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا / ودون الذي أملتُ منك حجاب
وفي النفس حاجات وفيك فطانة / سكوتي بيان عندها وخطاب
وله في العاشق:
لو فكر العاشق في منتهى / حسن الذي يسبيه لم يسبِهِ
لم يرَ قرن الشمس في شرقه / فشكت الأنفس في غربه
يموت راعي الضأن في جهله / موتة جالينوس في طبّه
وقال أيضاً:
وإذا لم يكن من الموت بد / فمن العجز أن تكون جبانا
كل ما لم يكن من الصعب في الأنـ / ـفس سهل فيها إذا هو كانا
وله:
يهون على مثلي إذا رام حاجةً / وقوع العوالي دونها والقواضب
كثير حياة المرء مثل قليلها / يزول وباقي عيشه مثل ذاهب
وله أيضاً:
بذا قضت الأيام ما بين أهلها / مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد
ومن شرف الإقدام أنك فيهم/ على القتل موموق كأنك شاكد
وأن دماً أجريته بك فاخر / وأن فؤاداً رِعته لك حامد
وكلٌّ يرى طرق الشجاعة والندى / ولكن طبع النفس للنفس قائد
وقال في سيف الدولة:
لكل امرئ من دهره ما تعودا / وعادة سيف الدولة الطعن في العدى
هو الجد حتى تفضل العين أختها / وحتى يصير اليوم لليوم سيدا
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته / وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وقيدت نفسي في ذراك محبةً / ومن وجد الإحسان قيداً تقيدا
ويقول عنه أيضاً:
أزِل حسد الحسّاد عني بكبتهم/ فأنت الذي صيّرتهم لي حُسّدا
أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما / بشعري أتاك المادحون مرددا
وقال:
كم قتيلٍ كما قُتلتُ شهيد / ببياض الطلى وورد الخدود
وعيون المها ولا كعيون / فَتَكَت بالمتيّم المعمود
هذه مهجتي لديك لحيني / فانقصي من عذابها أو فزيدي
وأيضاً:
شيب رأسي وذلتي ونحولي / ودموعي على هواك شهودي
وقال:
أفكر في معاقرة المنايا / وقود الخيل مشرفة الهوادي
وما ماضي الشباب بمستردٍ / ولا يوم يمر بمستعاد
وله أيضاً:
أذمُّ الى هذا الزمان أهيله / فأعلمهم فَدم وأحزمهم وغد
وأكرمهم كلب وأبصرهم عمٍ / وأسهدهم فهد وأشجعهم قرد
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى / عدواً له ما من صداقته بدُّ
وقال في الحسناء:
إذا غدرت حسناءُ وَفَّت بعهدها / فمن عهدها أن لا يدوم لها عهد