بقلم - جهاد الخازن
قال امرؤ القيس:
ألم أخبرك أن الدهر غول / ختور العهد يلتهم الرجالا
أزال من المصانع ذا رياشٍ / وقد ملك السهول والجبالا
وقال آخر:
لما رأيت من المنون وعيدا / قوضت رحلك سحرة تجريدا
إن اليقين يزيد لحظاً صادقاً / وترى من الأمر الخفي وعيدا
هتكت خطوب الدهر عزك هتكة / أمسى حسامك دونها مغمودا
سيموت من تنسى المنيّة يومه / وتنال بنت الدهر منه بعيدا
وقال غيره:
حلبت الدهر أشطره حياتي / ونلت من المنى فوق المزيد
وكافحت الأمور وكافحتني / ولم أخضع لمعضلة كؤود
وكدت أنال بالشرف الثريا / ولكن لا سبيل الى الخلود
وقال شاعر آخر:
رأيت الفتى ينسى من الدهر حقه / حذار لريب الدهر والدهر آكله
ولو عاش ما عاشت للقمان أنسر / لصرف الليالي بعد ذلك يأكله
وقالت هزيلة:
إن عاداً آثرت حقاً / على الرشد الصدودا
لم تقل في غيّها حين / عتت قولاً سديدا
بل طغت بغياً وقالت / لن نطيع الدهر هودا
عابدين من ضلال / صنماً يدعى الصمودا
وقال آخر:
منزل قد تحكم الدهر فيه / ليس للنازلين فيه ثبات
كل شيء تخني عليه الليالي / آخر الحزن والسرور الممات
وقال غيره:
أقول وقد فاضت بعيني عبرة / أرى الدهر يبقى والأخلاء تذهب
أخلاي لو غير الحِمام أصابكم / عتبت ولكن ما على الدهر معتب
وقال زهير بن أبي سلمى:
لا تأمنن وإن أمسيت في حرم / حتى تلاقي ما يمني لك الماني
فالخير والشر مقرونان في قرن / بكل ذلك يأتيك الجديدان
وقال أبو ذؤيب الهذلي:
أمِنَ المنون وريبها تتوجع / والدهر ليس بمعتبٍ من يجزع
قالت أميمة ما لجسمك شاحباً / منذ ابتذلتَ ومثل مالك ينفع
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعاً / إلا أقضّ عليك ذاك المضجع
فأجبتها أن ما لجسمي أنه / أودى بنيّ من البلاد فودعوا
وأنشد لقمان:
موتي أتى أموت اليوم يا لبد / وحسرتي أني قد تصرم الأبد
فطرْ كما كنت سالماً لبدا / تحيا ونحيا معاً ونحتفد
وقال آخر:
لو كنت يا ذا الخلص الموتورا /
مثلي وكان شيخك المقبورا/
لم تنهَ عن قتل العداة زورا
وقال أحدهم:
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني/ وأين مكان البعد إلا مكانيا