أبو ظبي ـ صوت الامارات
قررت المغنيتان اليابانيتان ميغومي ومانامي منذ 15 عاما العمل مع جمهور خاص، هو نزلاء السجون ومراكز التوقيف، في خيار قد لا يحقق الكثير من المال والشهرة لكنه يمد يد العون للسجناء الراغبين بالانفصال عن ماضيهم السيء.
واختارت المغنيتان اسم "سلام2" لفرقتهما، وهما قدمتا قبل ايام حفلا امام جمهور من الرجال في مركز التوقيف في توشيغي قرب طوكيو، ليكون هذا الحفل الثاني والستين بعد الثلاثمئة في سجون البلاد، خلال 15 عاما.
وتعتلي المغنيتان خشبة العرض مسلحتين بآلتي غيتار كهربائي، امام جمهور من نحو خمسمئة شخص حليقي الرؤوس وباللباس الاصفر الموحد.
وتأتي هذه الحفلات لتكسر النظام الصارم المعتمد في سجون اليابان، اذ يطلب من السجناء عادة ان يلزموا الصمت مع وضع اليدين على الركبتين، الا في حال الحصول على اذن خاص بخلاف ذلك.
اما في هذه الحفلات، فيسمح لهم بالتصفيق والغناء على مدى ساعة ونصف الساعة.
ومع انتهاء العرض، قال احد السجناء في قضية مخدرات "اغاني هذه الفرقة جعلتني افكر مليا في معنى الحياة".
واضاف هذا الرجل البالغ اربعين عاما "اقنعتني ان علي ان افعل ما في وسعي هنا الى ان يحين يوم خروجي من السجن".
واذا كانت الفرقة الثنائية لا تحصر عملها بالسجون، اذ انها تقدم بعض الحفلات خارجها، الا ان كلماتها المغناة على انغام تمزج بين الموسيقى التقليدية والروك، تجد آذانا صاغية لدى السجناء.
ومن هذه الكلمات ما يقول ان ارتكاب الاخطاء أمر عادي، ومنها ما يشجع الانسان على عدم الاستسلام للسقوط مجددا.
ويقول تورو ماتسومورا وهو مسؤول عن البرامج التثقيفية في السجن ان الهدف من هذه الحفلات "اعطاء السجناء فرصة ان ينقذوا انفسهم مما وقعوا فيه".
ومع ان نسبة الجرائم والمخالفات القانونية تسجل تراجعا في اليابان، الا ان نسبة عودة المجرمين السابقين الى ارتكاب جرائم بعد خروجهم من السجن تسجل ارتفاعا، فقد ارتفعت نسبتها من 28 % في العام 1997 الى 47 % في العام 2013، بحسب الارقام الرسمية.
أما نسبة السجناء فهي في معدلات منخفضة. وتأمل الحكومة ان يتواصل انحسار عدد السجناء، وهو يبلغ الآن ستين الفا، علما ان عدد سكان اليابان 127 مليونا، اي ان نسبة السجناء تشكل 51 الى 100 الف.
وهي نسبة ضئيلة مقارنة مع دول اخرى مثل الولايات المتحدة حيث تصل الى 710 سجناء لكل 100 الف نسمة، وفرنسا حيث تبلغ 98 سجينا.
وتسعى ميغومي ومانامي الى مساعدة السجناء على عدم السقوط مجددا في فخ الجريمة، وكذلك إخبار الناس في الخارج عن واقع السجون.
وتقول مانامي "اعتقد ان المفاهيم العامة قد تختلف في حال اطلع اليابانيون على الحياة وراء القضبان".
فهي نفسها لم تكن تدرك شيئا عن حياة السجناء وعن النظام الصارم الذي يعيشون فيه حين بدأت تغني في السجون مع صديقة طفولتها ميغومي.
وبدأت رحلة المغنيتين مع السجون حين شاهد مسؤولون في السلطات حفلا لهما في مدينة توتوري غرب اليابان في العام 2000. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف عروضهما في مختلف سجون البلاد ومراكز التوقيف فيها دون استثناء، وهما تسعيان الى دخول كتاب غينيس للارقام القياسية.
وتستذكر المغنيتان الرعب الذي عاشتاه في اول حفل امام سجناء.
وتقول مانامي "كانوا يحدقون انظارهم الينا ولا يبتسمون ولا يبدون اي رد فعل".
واليوم باتت المغنيتان المشارفتان على سن الاربعين "معبودتي المساجين".
ومع ان هذا العمل لا يجلب المال ولا الشهرة كما تفعل الحفلات التجارية في الخارج، بل يقتصر مردوده في الحفلة الواحدة على مبلغ بسيط لا يتجاوز 300 يورو، الا ان ميغومي ومانامي واثقتان من جدوى ما تفعلان.
وتقول ميغومي "حين يأتي سجين سابق لملاقاتنا ويخبرنا انه انقطع عن ماضيه الاجرامي، نشعر اننا نلنا مكافأتنا الحقيقية".