دبي- صوت الإمارات
استضافت ندوة الثقافة والعلوم في دبي مساء أمس الأول الاربعاء ، رئيس معهد التراث في الشارقة، عبدالعزيز المسلم في ندوة تحدث فيها عن كتابه "الثقافة الشفهية في الإمارات" .
قدم الباحث وأدار الندوة نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، بلال البدور بحضور رئيس جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، عبدالغفار حسين و المستشار في هيئة دبي للثقافة والفنون، د. صلاح القاسم و مؤسسة ورئيسة متحف المرأة، د. رفيعة غباش وعدد من أعضاء مجلس إدارة الندوة .
في البداية شكر البدور عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على إنشاء معهد التراث، كما هنأ المسلم على ترؤسه لهذا المعهد الذي سيبادر إلى متابعة هذا الموضوع المهم، وفي السياق ذاته سيشجع الشباب والباحثين ويمنحهم فرصة جمع وصون التراث وتوثيقه، كما أشار إلى الكتاب الذي يتضمن مادة غنية في موضوعه وتستحق البحث والنقاش والتعليق .
استهل المسلم حديثه بتوضيح أن الكتاب هو عبارة عن خلاصة لمجموعة من المشاركات التي قدمت في مؤتمرات وندوات وورش عمل، وهي من الموضوعات التي تشكل في مجموعها مادة مهمة بمثابة منابع أساسية في الثقافة والأدب الشفهي، ومن ذلك: اسم الإمارات القديم "الساحل، ساحل الإمارات المتصالحة" وذلك قبل تأسيس الدولة، التي كانت من وجهة نظره نتاج تسميات استعمارية صرفة، كما عرج على بعض المصطلحات التي كانت دارجة في الإمارات مثل "المقيظ" أو "القيظ" وهو فصل الصيف، والمعتقدات الشعبية وارتباطها بالبحر، والمطر، والمهن والحرف التقليدية في الإمارات .
وأكد المسلم أن كتابه الذي أصدرته دائرة الثقافة الإعلام في الشارقة، هو عبارة عن رؤية في أهم منابع الثقافة الشعبية في الإمارات العربية المتحدة، وهو خلاصة لمسيرة طويلة من البحث في مجالات الثقافة الشعبية خصوصاً جانب الرواية الشفهية منها، حيث ركزت مقدمته على الثقافة الشفهية التي يعتقد المسلم أنها لب التراث والتي يميل المسلم إلى اعتبارها "حصيلة ما تراكم عبر الأجيال لدى شعب من الشعوب من الخبرات والمعارف والفنون" .
وفي الشق المتعلق بتسمية الإمارات، أوضح المسلم أن هذا الموضوع محل الكثير من الحكايات الشعبية التي يكتنفها الغموض، ومن ذلك ما كان يطلقه أهل المناطق الشرقية وعمان على الشريط الممتد من أبوظبي إلى رأس الخيمة مرورا ببقية الإمارات، ويستدل على ذلك أيضاً بالمرويات التراثية من الشعر .
في الباب الثاني من الكتاب "التاريخ في الذاكرة الشعبية"، يعتقد المسلم أن الذاكرة الشعبية تظل دائماً هي الوعاء الأكثر مصداقية وقوة في حفظ التاريخ المحلي برموزه وشواهده وأحداثه من دون زيف أو خوف .
في باب "القيظ"، يتناول المسلم المرويات الشعبية المرتبطة بهذا الفصل، وكيف تتغير حياة الناس فيه، حيث ينقسم سكان المناطق الساحلية إلى قسمين، الأول قسم الشباب والعارفين بالبحر ممن يذهبون في رحلة الغوص والبحث عن اللؤلؤ، والقسم الآخر ويتعلق بالنساء والأطفال وكبار السن من الرجال ومن لا يستطيعون الغوص، وهؤلاء بحسب ما يصفهم الكتاب يتوجهون عبر قوافل منظمة على ظهور الإبل إلى الواحات في مناطق معروفة تسمى المقيظ أو "لحْضارة" .
البحر في المعتقد الشعبي بحسب ما يصفه المسلم هو من الأشياء الملهمة، وهو يتكون من ثلاثية اعتقادية رئيسية هي الماء والملح و"التيه" (وتعني البحر نفسه)، وهو رمز الطهارة، حيث كان الناس يحثون على التطهر فيه، وزيارته، وأما الملح فيدفع الشياطين ويرش به المصاب بالعين دفعا للحسد، والبحر إلى جانب ذلك ينطوي على مهابة وشموخ وهو محل لكثير من التعاويذ والأحاجي التي تقي من التيه والموت .
كان المطر بحسب ما طرحه الكتاب يتمتع بمركزية خاصة في المخيلة الشعبية، وهو الموسم الذي يترقب فيه الناس اخضرار البر، ونمو نباتاته وظهور خيراته، أما في باب المهن والحرف التقليدية، فيستعرض المسلم مجموعة من هذه المهن المتوارثة، التي شكلت بعضها حرفة فنية، أبدعها أصحابها، كما أن اندثار كثير من تلك المهن، واندثار الحكايات الشعبية والأساطير المنسوجة حولها، بالنسبة للمسلم جاء نتيجة تغير أنماط الحياة، وتخلي المجتمع عن أشكال الاقتصاد التقليدي .
في ختام الندوة قدمت الكثير من الملاحظات المهمة حول موضوعات الكتاب من قبل الحاضرين، كما قام عبدالغفار حسين بتكريم المسلم .