الشارقه - صوت الإمارات
قصيدة "الجار للجار" للشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، تحية قلبية كبيرة من شاعر وفارس وشيخ إلى بلاده وأهل بلاده، تحية للإمارات وأهل الإمارات إمارة إمارة، ثم تتسع دائرة هذه التحية النبيلة إلى عقد دول مجلس التعاون الخليجي دولة دولة وشعبا شعبا، وقائدا قائدا بروح شعرية صادقة، ولغة صافية مباشرة بلا ترميز ولا حشو ولا مبالغات .
تأتي القصيدة في مناسبة انعقاد الدورة الخامسة والثلاثين لمجلس التعاون الخليجي في دولة قطر الشقيقة، كما تأتي القصيدة احتفالاً واحتفاء بأجواء الأخوة والمحبة والتوافق والاتفاق في الأسرة الخليجية الواحدة التي يمثل مجلسها أنموذجاً فريداً في التعاون والاتحاد، والإشارة واضحة من خلال الإهداء، حيث أهدى قصيدته المطوّلة إلى "روح التعاون"، وهي روح المحبة والود والتآخي بين قادة خليجيين أسسوا لثقافة الاتحاد والوحدة والتعاون، وبنوا دولاً ومجتمعات ومؤسسات رائدة في الإبداع والإنتاج والتنمية وغير ذلك من ركائز الدول الناجحة والفاعلة في خريطة العالم .
قصيدة "الجار للجار" من عنوانها تؤكد على معنى الأخوة بين الأشقاء الجيران في منطقة تتوفر فيها كل شروط الوحدة الناجحة والاتحاد الناجح والتعاون المثمر والإيجابي على كافة الصعد، فهذه المنطقة تقوم على مشتركات راسخة في الدين واللغة والعادات والثقافة والزي والمعمار والفنون والثقافة الشعبية والتراث الشعبي .
قصيدة "الجار للجار" حفاوة بالغة بهذه المشتركات، كما تؤكد القصيدة على روح المنطقة الخليجية وروح الثقافة المشتركة في البيت الخليجي الواحد .
هذا من ناحية المناخ السياسي والاجتماعي والقيادي الخليجي العام الذي جاء فيه القصيدة، وهو توقيت ذكي من شاعر ذكي أيضاً يعرف كيف يذهب بناصية القصيدة إلى تمجيد وطنه وجيران وطنه بل أشقاء وطنه .
من ناحية اللغة جاءت هذه القصيدة النبطية مشبعة بمفردات عربية فصيحة ما يؤكد تماماً أن الشعر النبطي والشعر الشعبي قريب الصلة اللغوية من الشعر الفصيح، والشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم معروف عنه هذه الميزة في كتابة الشعر، فهو صاحب لغة حيوية .
لغة مطواعة للمعنى الذي يرمي إليه وتخدم هذا المعنى بلا جنوح إلى أي غموض أو تعقيد، وبالطبع تبقى روح القصيدة روحاً نبطية أصيلة، ويزيد من أصالة هذه القصيدة نسيجها اللغوي القائم على مفردات من قلب البيئة الإماراتية والخليجية .
المفتتح الأساسي في قصيدة "الجار للجار" . . هو الشعر . إنه ببساطة شعر الفكرة والمضمون والمعنى .
يولي هذه المسألة أهمية كبرى، فالشعر بلا مضمون وأفكار لا معنى له، ويعرف سر الشعر ومواقع قوته فهو "شاعر وتنقده شعّار"، والشاعر الذي يتلقى نقد الشعراء بروح مبدع فارس يعرف بالتأكيد تلك العبقرية الكامنة في القصيد .
اعتمد كالعادة قافيتين . . النون في صدر البيت والراء في عجزه، ومن حيث الإيقاع فهناك جماليات ملحوظة بين صوت النون وصوت الراء، وهي تراكيب لغوية وإيقاعية جعلت من القصيدة قطعة موسيقية بحق قابلة للغناء والحفظ .
تتألف القصيدة من 48 بيتا تشكل معا متواليات جميلة ذات نفس هادئ، ولذلك لا تشعر بالتعب من قراءة النص على رغم طولها . كل بيت يأخذك إلى البيت الذي يليه بالكثير من السلاسة والليونة والاسترسال الموسيقي المشبع للذائقة السمعية التي تتلقى هذا النص الشعري العربي الأصيل، والذي يؤكد بدوره "هذا النص الممتع"، ومرة ثانية، على الوعاء الأكبر والجميل لثقافتنا العربية وهو وعاء اللغة العربية الذي يستوعب الشعبي والنبطي وكل اللهجات المحلية التي من شأنها أن تنصهر في العربية الفصحى وتكتسب معها جماليات لغوية ثرية .
قصيدة "الجار للجار" للشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم قصيدة وطن وشعب وأهل وديرة خير ومحبة وسلام .
قصيدة تنبذ الحقد، وتنبذ الفرقة . قصيدة ذكاء شعري وقصيدة إشارات واشراقات تبعث على الاعجاب، وإذا كان النور جزءاً من النار كما يقول ، فإن هذه القصيدة نور مولود من نور