الشارقة - صوت الامارات
نظمت جمعية التشكيليين الإماراتيين مساء أمس الأول الاثنين في مقرها في قلب الشارقة، محاضرة ثقافية بعنوان "علاقة الفن التشكيلي بالشعر والموسيقى" قدمها الباحث والتشكيلي علي العبدان، وأدارها رئيس الجمعية الفنان ناصر عبدالله .
واستهل المحاضرة التي تأتي ضمن فعاليات المجلس الثقافي الذي تنظمه الجمعية شهريا، رئيس الجمعية بقوله: "إن هذا المجلس حلقة تواصل نجتمع فيها مع التشكيليين والإعلاميين والمتابعين لحركة الفنون في الشارقة، حيث نستضيف في كل شهر واحدة من التجارب الفنية والفكرية التي يمكن أن تطرح تساؤلات عديدة تشكل مفاتيح لتفعيل الحراك التشكيلي والثقافي بصورة عامة" .
وأضاف: "إن الفنان علي العبدان واحد من الأسماء اللافتة في المشهد الفني الإماراتي، وله إسهامات واضحة على صعيد التشكيل، والموسيقى، والشعر، وكذلك التراث" .
وبدأ العبدان حديثه بالقول: "إن الفنون تجمعها مرجعية واحدة، هي الخيال، وهو يكمل الأمل في الحياة، ويتمم الآمال غير المحققة، لهذا يقول موندريان: "سيختفي الفن، بقدر ما تحقق الحياة المزيد من التوازن"، ومن هنا لجأ الإنسان إلى الفن ليطبق خياله بصورة حسية، فتظهر إما في صيغة لوحة أو منحوتة أو مقطوعة موسيقية، أو غيرها .
وبيّن العبدان في طرحه موضوع المحاضرة، أن هناك علاقة وخيطا يربط مختلف الأجناس الإبداعية مع بعضها، ويتمثل هذا فيما اصطلح عليه الوحدة الجمالية، التي تتكون من التقابل، والتكرار . فالتقابل ينشأ بين الشيء ونقيضه، مثل الظل، والنور، والتكرار هو تكرار ذلك التقابل في العمل الإبداعي .
وأوضح العبدان أن هذه العلاقات تظهر في فضاء العمل التشكيلي عبر اللون والتكوينات والخطوط . وفي الوقت نفسه تتجسد في مختلف الأعمال الإبداعية كالموسيقى والشعر، وغيرهما، إذ يظهر التقابل في الموسيقى عند الحديث عن الجواب والقرار في النغمة الواحدة، وتكرار هذا التقابل، وفي الشعر يظهر من خلال الوزن والمقابلة في المعاني والمفردات .
وأشار العبدان إلى جوانب من تاريخ ظهور المدارس الفنية، كاشفاً بذلك عن عناصر الوحدة الجمالية ودورها في بناء الأعمال الفنية، وإنتاج مدارس فنية متميزة في تاريخ حركة الفنون في العالم الغربي .
وأوضح أن المدارس الفنية التي ظهرت على يد أعلام في التشكيل العالمي لم تشكل أثراً في المدارس التي تفرعت منها، وإنما توزع أثرها في مختلف أشكال الفنون، فقد ظهرت في أوروبا أنماط من العمارة المستوحاة من أساليب فنانين تشكيليين عالميين .
وتوقف العبدان عند المدرسة التجريدية في التشكيل الحديث، مقدما تشخيصا لأثر مفاهيم الوحدة الجمالية في العمل التجريدي، بقوله: "ينقسم التجريد إلى نوعين: إما خطي مستند إلى التكوين، وإما لوني يعتمد على الانسجام والتقابل، ولذلك يواجه العديد من المتلقين صعوبة في فهم الأعمال التجريدية، ويعتبرون أنها لا تشير إلى شيء، على الرغم من أنها تقدم جمالية خالصة تقرأ من خلال الانسجام اللوني أو الخطي" .
واعتبر أن تذوق التجريد يشبه إلى حد بعيد تذوق القطعة الموسيقية، إذ حين نستمع إلى مقطوعة موسيقية لا يعنينا كثيرا لماذا استخدم المؤلف هذا الشكل من اللحن في تلك المساحة الزمنية، بقدر ما نحس معه بسلسلة من المشاعر التي يثيرها اللحن فينا .
واستشهد بحادثة وقعت للموسيقار الألماني بيتهوفن، سأله فيها أحد المستمعين: ماذا يعني هذا المقطع الموسيقي؟ فما كان من بيتهوفن إلا أن أعاد اللحن نفسه كإجابة عن سؤال المستمع، مشيراً إلى اللوحة التجريدية التي يتم تلقيها بهذه الصيغة، "ليس علينا أن نبحث عن تفسير لما نراه، بل علينا أن نشعر بما رسمه الفنان" .