اللاذقية-سانا
ألوان طبيعية تفوح برائحة عصائر الأزهار تأخذك في عوالم صوفية وروحانية تطبع لوحات الفنان السوري عامر ديوب الذي استطاع أن يجد لنفسه مكانا متميزا في المشهد التشكيلي السوري من خلال مسيرة فنية تطورت بشكل تدريجي.
والفنان ديوب الذي تخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 2000 قرر السير في الطريق الذي يخوضه اغلبية الفنانين الشباب بالاطلاع على مختلف المدارس الفنية والاستقاء منها بغية تكوين هويتهم الخاصة فانطلق من الواقعية مرورا بالتجريدية والانطباعية وغيرها من المدارس المتعارف عليها ليسافر بعدها إلى إيطاليا عام 2005 وليتخصص بالتصوير الجداري والأيقونات إضافة إلى التصميم الصناعي حيث غلبت بعدها اللمسة الصوفية على أعماله حتى وان كانت واقعية أو تجريدي.
ويقول ديوب الذي حصل على جائزة دولية في معرض لفناني دول البحر المتوسط حمل اسم منمنمات صغيرة سنة 2006 في حديث مع سانا “تتميز ايقوناتي بتركيزها على المواضيع الإنسانية وأعمل من خلالها على تصوير الإنسان بمختلف حالاته الوجدانية مستخدما تقنية ألوان التيمبرا المرتبطة بفن عصر النهضة إلى حد كبير وتتميز بشفافية الطبقات اللونية وتختلف عن الزيتي والاكرليك”.
وتابع ديوب “أصنع هذه الألوان من عصائر أزهار طبيعية اعدها بنفسي واضيف لها غراء نباتيا طبيعيا أو دهنا حيوانيا من الغنم أو البقر ما يمد بعمر اللوحة ويجعلها قادرة على الحفاظ على رونقها لوقت طويل رغم أنها مكلفة جدا إلى حد كبير” مشيرا إلى أن استاذه الدكتور الياس زيات وهو مدرس مادة التقنيات بكلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق هو أول من علمه استخدام هذه التقنية التي تعلم باقي تفاصيلها أثناء دراسته للماجستير في إيطاليا.
البيئة الشرقية بسحرها وغموضها لعبت دورا كبيرا في تكوين ايقونات عامر ديوب الذي تعلق منذ بداياته بأعمال لؤي كيالي ونزار صابور واعجب بتقنيات محمود حمال والدكتور محمود جليلاتي وغيرهم من الأسماء السورية الكبيرة التي استفاد من تجاربها في تكوين رؤيته الخاصة.
وردا على سؤال حول الهاجس الفني الذي يدفعه للعمل قال ديوب “كان لدى الفنان العالمي بيكاسو حلم أن يرسم كالطفل رغم أنه كان رساما كلاسيكيا ورسم أيضا الواقعية والتكعيبية وغيرها من المجالات وهذا حال جميع الفنانين الذي يحلمون بالرسم بعفوية الأطفال” معتبرا أن كل شيء متاح بالنسبة له سواء في رسم بورتريه او طبيعة صامتة لأن هذه الامور مرتبطة بالفنان ورغبته بالعمل والعطاء.
لا يكرر ديوب عرض أعماله ضمن المعارض التي يشارك بها بل يخصص لكل حدث لوحة جديدة تقدم للجمهور ويعتبر أن لوحة كل فنان تحتاج للوقوف أمامها لوهلة لاكتشاف تفاصيلها وتكوينها وتشريح اللون فيها نافيا أن يكون متوجها لشريحة من الجمهور دون أخرى.
وأضاف قائلا “يهمني بشكل كبير ان يكتشف المتلقي العنصر الجمالي في لوحتي فالشخص العادي يجب أن ترتاح عينه للعمل ومن هنا انتقل لجمهور مختلف من المثقفين والنقاد الذين أتوجه اليهم أيضا في أعمالي سواء داخل وخارج سورية”.
التخصص في الرسم الجداري لم يمنع الفنان ديوب من تنفيذ أعمال فنية بقياسات متنوعة بما فيها اللوحات الصغيرة فسجل مشاركة لافتة بعمل فني واحد في هذا المجال ضمن معرض اللوحة الصغيرة الذي انطلق نهاية شهر تشرين الثاني الماضي بفندق زنوبيا في اللاذقية موضحا أن اللوحة الصغيرة فكرة قائمة بجميع البلدان وتتيح لشريحة كبيرة من الجمهور اقتناء أعمال فنية موقعة بأسماء اصحابها الحقيقيين.
ويعتبر أن اللاذقية تحتاج لمثل هذه الأنشطة الثقافية بشكل دائم في الصالات والمقاهي الثقافية الخاصة ولا سيما أن دور المراكز الثقافية غائب تماما عن المشهد لذلك كان لا بد من إيجاد حلول بديلة تساعد الفنانين المخضرمين والشباب على الاستمرار بالإنتاج الفني المتميز.
ويصر الفنان ديوب على أن أهم مشهد تشكيلي عربي موجود في سورية الآن فلا توجد صالة في المنطقة العربية وأوروبا تخلو من عمل أو معرض لفنان سوري سواء فردي أو جماعي.
وعلى الرغم من أن آثار الأزمة ظهرت على أعمال أغلب الفنانين السوريين ألا أن ديوب ابتعد عن عرض ما أنجزه من أعمال خاصة بها معتبرا أن وقتها لم يحن بعد.
واختتم ديوب حديثه بالقول “سأشارك في معرضين خارج سورية الأول في بيروت والثاني في إيران وذلك في الشهر الأول من العام الجاري كما سأعرض لوحة جدارية جديدة للجمهور في معرض جماعي في ألمانيا في الشهر الرابع من هذا العام وهي أيضا فرصة جيدة لي على اعتبار انني متخصص في هذا المجال”.
يذكر أن الفنان عامر ديوب من مواليد اللاذقية عام 1975 أقام العديد من المعارض الفردية وشارك بمعارض جماعية داخل وخارج سورية كما أنه حاصل على جائزتين دوليتين في روما عام 2006/.