الشيخ الدكتور أحمد عمر هاشم

أكد متخصصون في العلوم والثقافة الإسلامية أن الجوهر الأساسي والحقيقي للثقافة الإسلامية يقوم على مبادئ التعارف والتسامح والحرية في الفكر والمعتقد، وأن الإسلام حرص على خلق ثقافة مستمرة وقادرة على مواجهة التحديات في ضوء الأصول الكبيرة التي تستند إليها من القرآن الكريم والسنة الشريفة مما أهلها للثبات الدائم لاعتمادها على التواصل مع جميع البشر، وقدرتها على استيعاب جميع الظروف والمتغيرات التي تعتمد على الحكمة والموعظة الحسنة في الحوار مع الآخر.
 
وجاءت هذه التأكيدات خلال ندوة "الثقافة الإسلامية في مواجهة التحديات" التي أقيمت في قاعة الفكر ضمن فعاليات الدورة الـ33 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب 2014، وأدارها ماجد بو شليبي، وشارك فيها كل من: الداعية الإسلامي رئيس جامعة الأزهر الأسبق، الشيخ الدكتور أحمد عمر هاشم، والشيخ الدكتور رشاد سالم، وحضرها جمع غفير من زائري المعرض الذي حرصوا على إثراء الحوار بالأسئلة والمداخلات المهمة، وبيان تجربة معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي عزز حضور الثقافة الإسلامية واستوعب الثقافات الأخرى في أروع الصور المعاصرة التي يشهدها عالم اليوم.
 
وبين الدكتور أحمد عمر هاشم إن الثقافة الإسلامية تعتز أنها تعتمد على أصول ومصادر ومعارف وعادات وأخلاق ولغة وسائر الوجوه التي تميزها بأنها ثقافة بناء وتنوير، لا ثقافة هدم وتدمير، وثقافة تسامح لا عداوة، وتدعو إلى الرقي الأخلاقي باعتبارها تستند إلى أصلين عظيمين هما كتاب الله سبحانه وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وهما وحي منزل من عند الله، ولا مجال فيه للخطأ والوهم، أو التحول الفكري الذي يعتري البشر نتيجة تقدم الزمان، مما جعلها معلمًا قويًا وقادرًا على مواجهة التحديات عبر العصور.
 
وبيّن هاشم أنه جرت الكثير من المحاولات لتشويه صورة الثقافة الإسلامية من خلال الترويج أنها ثقافة تدعو إلى العنف والتطرف وإهانة المرأة، وأن الإسلام انتشر بالسيف، والكثير من الأكاذيب والافتراءات، ولكنها أثبتت قوتها في إدخال المزيد من الناس إلى الإسلام في نفس الدول التي خرجت منها أقلام وألسِنة تسيء إلى الإسلام، وذلك لأن قوة الثقافة الإسلامية تنطلق أيضًا من مرونتها ومحاكاتها لحاجات البشر، وبالتالي مرونتها وصمودها أمام التحديات في وجه أي ثقافة يمكن أن تقوم، ويحق للجميع أن يفخروا بها، لأنه لا توجد - على الأقل في وقتنا الحاضر- ثقافة تتميز بكل هذا البهاء ولفترة زادت على ألف وأربعمائة سنة.
 
من جهته أشار الشيخ الدكتور رشاد سالم إلى كلمة عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، التي ألقاها في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب مؤخرًا، وأكد فيها أن الثقافة كمصطلح عربي فصيح، تفوق على كل معاني الثقافة الموجودة في اللغات الأخرى من العالم، وأن هذه الحكمة في تناول مصطلح الثقافة - والقول لرشاد - يضعنا أمام الروحية الكبيرة التي تسكن الثقافة العربية من قبل الإسلام، إلى الدرجة التي انطلق فيها الكثير من فلاسفة الغرب في إثبات أنها الثقافة الأكفأ والأكثر اتزانًا وقدرة على مواجهة التحديات بين الثقافات الأخرى حول العالم، الماضية منها والآتية.
 
وقسم رشاد أنواع الثقافات التي سادت حول العالم بالاستناد إلى تقسيم الأديب مالك بن نبي، أنها توزعت بين "الماركسية، والرأسمالية"، ولم تستوعب كلاهما حاجات الإنسان وتطلعاته واهتماماته مثلما فعلت الثقافة الإسلامية التي تركز على الإنسان، ثم تساءل في رده على من يدعي أن الثقافة الإسلامية قائمة على العنف والتطرف، مضيفًا "كيف يعقل أن تكون متطرفًا وهي مصدر الخير والعلم والفضل؟، ألا يكفيها أنها تنطلق من قاعدة "لا إكراه في الدين"، والكثير من الشواهد التي لا تحصى.
 
وأكد الضيفان في ختام الندوة أهمية دور المجتمع المسلم في معرفة والحفاظ على ثقافته وتمثيلها بالوجه المشرق التي دعت إليه، والقائم على الحرية والتسامح والحوار والتواصل المثمر، كما أشادا بجهود الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة التي كفلت للجميع الحرية في العيش الآمن واعتناق الأديان وممارسة الشعائر في صورة ترسم للثقافة الإسلامية واقعًا يستحق الاحترام والتقدير.