القاهرة - أ ش أ
كشف الباحث الأثرى، أحمد عبد القادر، أن الشمس ستكون عمودية فى ظاهرة فلكية نادرة على معبد الكرنك بالأقصر فى يوم 21 ديسمبر من كل عام "بداية فصل الشتاء" الذى يوافق بعد غد السبت، ويعد إيذانا ببدء فصل الشتاء فى نصف الكرة الشمالى، مشيرا إلى أن الكرنك هو المعبد الوحيد فى مصر الذى يمكن رؤية قرص وضوء الشمس فى ذلك اليوم بداخله. وقال عبد القادر، إنه فى الساعة السادسة و45 دقيقة ستشرق الشمس فى معبد الكرنك، بحيث يرى قرص وهو يتوسط البوابة الشرقية للمعبد، والتى تقع على المحور الرئيسى له والذى يمثل أقصى الجنوب الشرقى للأفق الذى تشرق منه الشمس والذى يحدد فلكيا بيوم الانقلاب الشتوى. وأضاف: أن عقب ذلك ستكون الشمس عمودية على الأماكن المقدسة بالمعبد (الفناء المفتوح وصالة الأعمدة وقدس الأقداس) وتنتشر بداخلها عند منتصف النهار فى حوالى الساعة 12 ظهرا. وأوضح أنه فى هذا التوقيت تبدأ الشمس رحلتها من أدنى ارتفاع لها من الأرض لترتفع بالتدرج فى الأفق لتصل إلى أقصى ارتفاع لها يوم 21 يونيو من كل عام "الفصل الصيفى"، مؤكدا عدم تكرار تلك الظاهرة بعد يوم 21 ديسمبر ورؤية قرص الشمس وأشعتها بنفس الطريقة لأن الشمس تكون بعيدة عن المحور الرئيسى لمعبد الكرنك. وأكد أن تلك الظاهرة التى تحدث يوم الانقلاب الشتوى تختلف فى معبد الكرنك عنها فى معبدى قصر قارون بالفيوم ومعبد حتشبسوت بالدير البحرى، فى البر الغربى بالأقصر، حيث يرى الزائرون والمتابعون لتلك الظاهرة ضوء الشمس الذى ينعكس على منطقة معينة أو تماثيل محددة، إنما فى معبد الكرنك يتم رؤية قرص الشمس وأشعتها التى تنتشر فى جميع أرجاء المعبد. وأشار إلى أنه يرجع الفضل لإحياء العلوم الفلكية فى مصر القديمة إلى عالم الفيزياء الفلكية البريطانى سير نورمان لوكير عندما نشر كتابه فجر الفلك فى عام 1894 حيث أشار إلى التوجيهات الفلكية لمحاور المعابد المصرية ومن أهمها معبد الكرنك بالأقصر، واستمرت العلوم الفلكية الحديثة مابين مشكك ومؤيد إلى آن قامت البعثة المصرية الاسبانية المشتركة بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار من عام 2004- 2008 بدراسة المحاور الرئيسية للمعابد المصرية وصلتها بالفلك. ولفت عبد القادر إلى أن الدراسة كشفت أن المحور الرئيسى لمعبد الكرنك تم توجيهه فلكيا لكى يستقبل شروق الشمس فى يوم الانقلاب الشتوى مما يثبت العبقرية المصرية القديمة فى فن العمارة، حيث إن الضوء والماء هما عنصرا الحياة فى مصر القديمة فالضوء هو "رع "والماء هو "نون الأزلى" الذى انبثقت عنه الحياة. وأوضح أن هذا اليوم هو أقصر نهار فى السنة وأطول ليلة، وتكون الشمس عند أدنى ارتفاع لها من الأرض بحيث أمكن للمهندس المصرى القديم أن يشيد البوابة الشرقية لمعبد الكرنك لكى تستقبل ضوء الشمس فى هذا اليوم الذى تقصر فيه ساعات اليوم، حيث كان يتسبب عدم دخول الضوء إلى المعبد لعدم إتمام منظومة الحياة الدينية من صلاة وطقوس عبادة فى المعبد حيث تكون نسبة الظلام مرتفعة. وقال إن عبقرية المصرى القديم ظهرت من خلال تشييده البوابة الشرقية للمعبد بهذا الارتفاع والاتساع وعن طريق النوافذ وعن الأفنية الموجودة فى المعبد مثل الفناء الأول وصالة الأعمدة الكبرى بنوافذها العلوية التى صممت بشكل هندسى يسمح للضوء ليعبر وينتشر ويملأ جميع أنحاء المكان بالطاقة والحياة. وأضاف أن هذا اليوم " الانقلاب الشتوى " يعد بداية رحلة الشمس فى مسارها السنوى، حيث تمثل البوابة الشرقية للمعبد الكرنك أقرب نقطة إلى الجنوب الشرقى من الأفق الذى تبدأ فيه الشمس مسارها بحيث الارتفاع التدريجى من أقرب نقطة لها فى الأرض حتى ترتفع إلى الأفق السماوى لكى تصل إلى أقصى درجة ارتفاع لها عند حلول فصل الصيف فى 21 يونيو من كل عام " الانقلاب الصيفى". وأكد أن عبقرية المصرى القديم جعلته يتتبع تلك الظاهرة الفلكية واعتبر أن هذه الرحلة تعبر عن مراحل الحياة الإنسانية ومراحل حياه الشمس وتمثل البداية والظهور التى أطلق عليها المصرى كلمة "خبر" بمعنى الظهور. وشدد على ضرورة استغلال تلك الظاهرة الفلكية النادرة لجذب السائحين للأقصر خاصة من قارتى آسيا وأمريكا اللاتينية واللتين يحتفل سكانهما بشكل خاص بهذا اليوم " الانقلاب الشتوى " كيوم لبداية الحياة ودخول فصل الشتاء، مشيرا إلى ضرورة الترويج السياحى لتلك الظاهرة فى هذا اليوم لتشجيع حركة السياحة الوافدة لمصر التى تعتمد على 70% من مواردها من قطاع السياحة.