أبوظبي – صوت الإمارات
رغم كل ما كتب عن حياة الآباء والأجداد قديماً؛ يظل هناك الكثير من الحكايات والتجارب التي تستحق أن توثق وتروى للأجيال المقبلة لتستفيد منها، وتظل ذكريات الآباء والأجداد رافداً مهماً للباحثين والدارسين باعتبارها مصدراً مهماً من مصادر استقصاء المعلومات.
وفي كتابه الذي صدر أخيراً عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بعنوان "روايات وذكريات من ماضي الإمارات"؛ يقدم الباحث حمدي نصر وجبة دسمة من تجارب وذكريات الآباء والأجداد "الذين كانوا النبراس الذي أضاء أيامنا الماضية، بصعوبتها وقسوتها، ولايزال بعضهم نستمد منهم البركة، ونستشف الأصالة، ونتعلم العراقة وحب الانتماء للوطن والتمسك بكل ذرة منه؛ حباً ووفاء وعطاء وفداء"، بحسب ما يذكر في مقدمة الكتاب.
ويتضمن الكتاب الذي يضم 235 صفحة لقاءات مع العديد من الشخصيات التي تمتلك العديد من الذكريات المهمة التي ترسم الحياة قديماً، وتكشف عن كثير من الأوضاع والأحداث التي عايشها أهل المنطقة في الماضي وفي الفترة السابقة لقيام الاتحاد، إلى جانب ذكرياتهم عن قيام الاتحاد وما صاحبه من أحداث وما تلاه من جهود حثيثة للتنمية وبناء الدولة. وهي لقاءات أجراها الباحث بين عامي 1999 و2009، وحرص على أن تتنوع التجارب المذكورة في الكتاب براً وبحراً، مؤكداً على ما قاله أحدهم: "إن ما نرويه ليس للسوالف، وإنما هي تجارب ومعاناة أجداد وآباء، والقصد من الحديث عنها أن يستفيد جيل اليوم وأجيال الغد، فيحرصوا على صون النعمة العظيمة التي أنعم الله بها علينا، وصون النعم يكون أولاً بشكر المنعم، وثانياً بالحفاظ عليها، وعدم التفريط فيها والتبذير في الاستفادة منها".
في 20 حواراً مع 20 شخصية من مجالات مختلفة؛ يقدم حمدي نصر تجارب وشهادات مهمة ترسم ملامح بناء الدولة؛ من بينها لقاء مع الفريق حمد بن سهيل الخييلي، كبير المرافقين العسكريين السابق للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي نشأ وترعرع في العين، وكان مع الشيخ زايد مدة 45 عاماً مرافقاً مدنياً، ثم عسكرياً. وفي اللقاء؛ تحدث الخييلي عن العين قديماً، وعما تعلمه من قيم عن والده وفي المجالس التي كانت تعد "مدارس" لتعليم الأجيال الجديدة قيم العرب الأصيلة، مثل الكرم والشجاعة والشهامة والنخوة وغيرها. كما انتقل للحديث عن بدايته العسكرية وعمره 15 سنة، بتوجيهات من الشيخ زايد، كما أفرد جزءاً كبيراً من اللقاء للحديث عن شخصية الشيخ زايد - رحمه الله - وما كانت تتفرد به من صفات فريدة.
هناك أيضاً لقاء مع الفريق خلفان مطر بن سعيد الرميثي قائد الحرس الأميري السابق، تحدث فيه عن هموم وأعباء تأسيس الحرس، وعن الشيخ زايد الإنسان كما عرفه على مدى 33 سنة رافقه خلالها، وكان له أباً، ومعلماً، وقائداً يجمع كل الصفات الطيبة.
ولقاء آخر مع أحمد بن محمود البلوشي، شيخ قبيلة البلوش، الذي كان في الماضي سكرتيراً خاصاً للشيخ زايد عندما كان حاكماً للعين.
ويضم الكتاب لقاءات مع شخصيات مدنية أسهمت في خدمة المجتمع والنهوض به؛ منهم جمعة بخيت الدرمكي أول معلم في العين، وسيف بن غانم بن سلطان السويدي، صاحب الخبرة الطويلة في الغوص، وكان بمثابة موسوعة في عالم البحار والغوص، بالإضافة إلى شمسة بنت سلطان المري، أول امرأة تمارس الغوص في أبوظبي، وبرعت في صيد السمك بكل الطرق المتعارف عليها، ومعرفة الاتجاهات في عرض البحر بمفردها اعتماداً على النجوم، بل وتنافست مع الرجال في الغوص والتقاط المحار أيام زمان.
وتناول الكتاب لقاءات مع أصحاب الخبرة والتجارب في مجالات مختلفة في البر والبحر، مثل محمد سعيد بن حرمش، ومحمد بن خليفة بن ثاني المهيري، وعبدالله سلطان الرميثي، وعبدالله بن راشد بن حارب، وخليفة بن سيف بن قصمون، وخليفة محمد الفقاعي، وجمعة خلفان، وأحمد إبراهيم بن طاهر المحرزي، وعبدالرحمن المسلم، وثابت محمد، ومليحة عباس.