القاهرة ـ صوت الإمارات
أكد القاص والناقد المصري شريف صالح أنه لا يمكن فصل القراءة المعرفية عن القراءة الجمالية، واعتبر أن هذين المستويين غير كافيين، بل لابد من أن نصل بالقراءة إلى المستوى الثالث الذي يسميه القراءة العرفانية أو الروحية، حيث ربط ما بين مفهوم "الاستنارة" الغربي الذي يعلي من شأن الحواس والتجربة والعقل، ومفهوم "الاستنارة" الشرقي، الذي يتجلي على سبيل المثال في فلسفة "الإشراق" لدى السهروردي أو "النيرفانا" لدى البوذية، مشيرا إلى أن اسم بوذا نفسه معناه "المتيقظ"، أو "المستنير".
جاء ذلك في أمسية نظمها المكتب الثقافي المصري بالكويت برعاية السفير ياسر عاطف، تحت عنوان "آليات قراءة النص والصورة"، أدارها الروائي إبراهيم فرغلي.
في بداية اللقاء رحب الملحق الثقافي المصري نبيل بهجت بالحضور وأكد على تميز التجربة الإبداعية لشريف صالح وحصوله على العديد من الجوائز وقدرته على قراءة النصوص وتفكيكها، مشيرا إلى أننا في لحظة تاريخية تتطلب مشاركة المثقفين والمبدعين والبحث عن حلول للواقع الراهن.
بدوره قدم الروائي إبراهيم فرغلي للأمسية التي تأتي ضمن نشاط ديوان القراءة الذي يشرف عليه، مؤكدا أهمية سؤال القراءة وفتح المجال للحوار مع الكتاب والمبدعين حول تجاربهم مع القراءة.
وأشار إلى أن صالح لديه التفاتات مهمة في قراءته للنصوص أو الأفلام أو حتى تعليقاته على بعض الأحداث.
وقال صالح إنه يركز على المنهج السيميائي في القراءة لأنه يتيح له قراءة الرواية والفيلم والرقصة والموسيقى أو حتى قراءة المباني والمطاعم، لأن لكل شيء أبجدية قابلة لأن نقرأها.
ثم ميز بين ثلاثة مستويات للقراءة.. القراءة المعرفية والتي تشكل 70% من مجمل قراءات الناس، فالناس تقرأ كي تحصل على معلومة أو معرفة معينة، ووصفها بأنها قراءة سطحية تستجيب لأهداف محددة وآنية وسريعة.
بعد ذلك تطرق صالح إلى مستوى آخر أطلق عليه "القراءة الجمالية" والتي لا تنظر إلى النصوص وفقا للثنائيات المتحكمة فيها، بل باعتبارها استعارة متعددة الأطراف تجسد لنا لعبة مركبة.. هذا ما يحدث مع القارئ الذي يحاول فك وإعادة تركيب "الكون" الذي نسجه وشيده منتج النص سواء أكان رواية أو فيلما أو مسرحية.
وخلص إلى أن القراءة بكل الحواس هي قراءة تعكس نورًا وتسمو بنا.. فالفيصل ليس في قراءة مائة كتاب في العام بل قد يكفينا كتاب واحد يجعلنا نضيء من الداخل، وربما قراءة كتابين في الوقت ذاته تلهمنا فكرة ما كانت تخطر على البال لو قرأنا أحدهما فقط، وبعض الكتب قد تكون رائعة لكنها لا تساعدنا كي نتنور، هذا التنور الروحي الذي يسمو بالنفس ويعيد إلينا حالة التناغم مع الوجود وهو أسمى أنواع القراءة، وهو ما قد نحصل عليه من الكتب، أو من قراءة كتاب الوجود حولنا.
وعقب كلمة الضيف دار نقاش ثري مع الحضور حول علاقة القراءة بالوعي وكيف ندرب أولادنا على قراءة منتجة للمعرفة ونربطهم بالكتاب في ظل هجمة التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي.. وكذلك كيف نحصنهم من القراءة الرديئة والمشوهة للجماعات الإرهابية.
ورد صالح على ذلك بالتأكيد على دور المدرسة وحصص القراءة وتغيير منظومة التعليم من "التلقين"، إلى "التفاعل".