دبي – صوت الإمارات
انعكس النمو القوي والمتزايد الذي شهدته الودائع الحكومية في البنوك الوطنية والأجنبية خلال السنوات الثلاث الماضية ارتفاعاً في مستويات السيولة الكبيرة في البنوك، الأمر الذي دفعها إلى تخفيف تشددها في إقراض الشركات والأفراد، لتظهر آثار تلك السيولة بصورة جلية في تنافس البنوك في عروضها التمويلية للشركات والأفراد بنسب فائدة أقل خاصة خلال العام الماضي. وكشفت بيانات المصرف المركزي عن أن الودائع الحكومية في البنوك الوطنية والأجنبية ارتفعت خلال السنوات الثلاث الماضية من 188.8 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2014 إلى 212 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2017 بزيادة قيمتها 23.2 مليار درهم وبنسبة 18.9%.
كما استحوذت البنوك الحكومية على الحصة الأكبر من الودائع الحكومية حيث جذبت بنهاية ديسمبر 2017 نحو 210.1 مليارات درهم من إجمالي الودائع الحكومية في البنوك وبنسبة 99.1% بينما جذبت البنوك الأجنبية 1.9 مليار درهم بنسبة 0.9%. وشهدت الودائع الحكومية في البنوك الأجنبية زيادة ملحوظة خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث ارتفعت من 1.8 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2014 إلى 1.9 مليار درهم بنهاية 2017 بزيادة قدرها 100 مليون درهم وبنسبة ارتفاع 5.5%.
استقرار
وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط بنسبة كبيرة وصلت لأكثر من 45% خلال السنوات الثلاث الماضية إلا أن الودائع الحكومية حافظت على قوتها واستقرارها في البنوك الوطنية والأجنبية وذلك على الرغم من فترات التراجع المحدودة لها نسبياً، وتراجعت الودائع الحكومية في نهاية ديسمبر 2015 إلى 157.4 مليار درهم مقابل 188.8 مليار درهم بنهاية 2014 ، إلا أنها عادت للارتفاع مرة أخرى لتسجل في نهاية ديسمبر 2016 نحو 186.8 مليار درهم بزيادة 29.4 مليار درهم مقارنة بديسمبر 2015 ، وبنهاية نوفمبر 2017 سجلت الودائع الحكومية بالقطاع المصرفي مستوى قياسي جديد بأعلى مستوياتها في أكثر من 5 سنوات، حيث قفزت إلى 245.5 مليـــــار درهم مقابل 172.9 مليار درهم بنهاية نوفمبر 2016 ، بزيادة قدرها 72.6 مليار درهم بنمو سنوي 41.98%.
ديمومة واستقرار
ويؤكد خبراء ماليون أن الودائع الحكومية في البنوك الوطنية والأجنبية شهدت نمواً متزايداً اتسم بالاستقرار والديمومة خلال السنوات الثلاث الماضية مما شكل مؤشراً مهماً لقوة الاقتصاد الوطني، وشددوا على الدور الكبير للودائع الحكومية في زيادة السيولة بالبنوك الوطنية والأجنبية وتقوية ملاءتها المالية.
ويرجع أمجد نصر الخبير المالي زيادة الودائع الحكومية في البنوك بشكل أساسي إلى زيادة إيرادات الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيراً إلى أن هذه الزيادة لها سببان، السبب الأول هو ارتفاع أسعار النفط حيث انخفضت أسعار النفط خلال عامي 2014 و2015 وتذبذبت بين الارتفاع والانخفاض الطفيف خلال عام 2016 ، وشهدنا خلال العام الماضي بشكل واضح زيادة ملحوظة في أسعار النفط ، وتخطى عام 2017 الأسعار المنخفضة التي سادت خلال أعوام 2014 و2015 و2016، واخترقت الأسعار لأول مرة حاجز الستين والسبعين دولاراً، وبالتالي زادت إيرادات الحكومة ، وتم توجيه جزء من هذه الإيرادات إلى البنوك الوطنية والأجنبية على شكل ودائع، أما السبب الثاني فيرجع إلى زيادة إيرادات الحكومة من الجمارك ورسوم الخدمات بشكل أساسي، وتميز العام الماضي بزيادة إيرادات الحكومة بشكل كبير ولم تسجل الميزانية الصفرية عجزاً يذكر وذلك على الرغم من تزايد الإنفاق على المشاريع الجديدة خاصة مشاريع التعليم والصحة والبنية التحتية.
ويوضح أن النمو المتزايد والقوي للودائع الحكومية في البنوك الوطنية والأجنبية ظهر واضحاً في البنوك عبر توفر المزيد من السيولة لديها، مما قوى من الملاءة المالية للبنوك من ناحية كما دفعها للتوسع في تمويلات الأفراد والشركات بعد أن توفرت لها سيولة كبيرة ناتجة بشكل رئيسي عن زيادة الودائع الحكومية، وشهدنا خلال العام الماضي منافسة قوية بين البنوك لتقديم عروض تمويلية منخفضة للأفراد والشركات.
تداعيات إيجابية
شدد أمجد نصر على أن توفير البنوك تمويلات كبيرة للشركات والأفراد كانت له تداعيات إيجابية على اقتصاد الدولة، وعلى سبيل المثال لاحظنا زيادة واضحة في التمويلات العقارية للشركات والأفراد وكانت هذه الزيادة سبباً رئيسياً في استمرار تطوير المشاريع العقارية الجديدة في مختلف إمارات الدولة.
وينوه بإيجابية أخرى لزيادة الودائع الحكومية في البنوك الوطنية والأجنبية، مشيراً إلى أن توفر السيولة الكبيرة لدى البنوك مكنها من تقوية احتياطاتها المالية وزيادة مخصصاتها المالية مما أدى إلى تقوية ملاءتها المالية بشكل كبير، وأدى ذلك إلى تعزيز وتقوية القطاع المصرفي في الدولة بشكل عام.