أبوظبي ــ صوت الامارات
رصدت هيئة الأوراق المالية والسلع 3 أسباب رئيسية للاستثمار في السلع كأحد أنواع الاستثمارات البديلة في الأسواق المالية، بما يسهم في تنويع المحفظة الاستثمارية وتقليل مستوى المخاطر الكلية التي يتعرض لها المستثمر، فضلاً عن زيادة مستوى العوائد.
وذكرت الهيئة، في إفادة خاصة لـ«البيان الاقتصادي» أن السلع تنقسم إلى أنواع عدة، منها منتجات الطاقة بما في ذلك النفط الخام والغاز الطبيعي، إضافة إلى المعادن وتشمل المعادن الأساسية، مثل الحديد والنحاس والرصاص والألمنيوم، والمعادن الثمينة، مثل الذهب والفضة والبلاتين.
فضلاً عن السلع المالية مثل العملات. وكذلك المنتجات الزراعية، مثل القطن والقمح والحبوب والقهوة والشاي والكاكاو بالإضافة إلى الثروة الحيوانية.
وبينت الهيئة أن من أهم مميزات الاستثمار في السلع هي توفير مصدر جديد للعوائد يختلف عن ذلك التي توفره الأسهم والسندات، وذلك لأن السلع تتأثر بالعوامل الاقتصادية بطريقة مختلفة عما تتأثر به الأسهم والسندات.
وتعتبر هذه ميزة مهمة خاصة إذا كانت العوائد على الأسهم والسندات منخفضة، مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت أن أسعار السلع تتحرك عادة في اتجاه معاكس لاتجاهات أسعار الأسهم والسندات، ولذا فإن الاستثمار في السلع جنباً إلى جنب مع الاستثمارات الأخرى، يمكن أن يعوض بعض الخسائر التي قد تحدث لتلك الاستثمارات، وذلك يساعد في التقليل من إجمالي المخاطر الاستثمارية في المحفظة الاستثمارية ويساعد أيضاً في الحد من التقلبات في حجم العوائد التي يحصل عليها المستثمر من إجمالي استثماراته من فترة إلى أخرى.
حماية
وأوضحت الهيئة أن الاستثمار في السلع يوفر أيضاً حماية ضد ارتفاع الأسعار غير المتوقع، والذي يتسبب في انخفاض قيمة العملة والنقود، وذلك لأن أسعار السلع عادة ما ترتفع مع ارتفاع مستوى الأسعار وتنخفض مع انخفاضها. ويتسبب ارتفاع الأسعار في انخفاض قيمة العملة والنقود لأن ارتفاع الأسعار يعني أن كل درهم تمتلكه الآن يمكنك من شراء أشياء أقل مما كنت تستطيع شراءه في الماضي.
وهكذا فإنك إذا قمت باستثمار مبلغ من المال في السلع وخاصة ذات الارتباط القوي منها بالنشاط الاقتصادي مثل منتجات الطاقة والمعادن فإن قيمة هذا الاستثمار ترتفع عند حدوث ارتفاع غير متوقع في الأسعار في حين أن المدخرات النقدية والعملات تنخفض قيمتها.
وذكرت الهيئة أن بعض السلع ذات الخصائص الفريدة مثل الذهب يعتبر ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات الاقتصادية أي أنه وسيلة مهمة لحماية رأس المال والمدخرات في تلك الفترات التي تنخفض فيها قيمة النقود والعملات.
طرق
وأوضحت الهيئة أن هناك طرقاً عدة للاستثمار في السلع، بعضها يعد استثماراً مباشراً في السلعة عن طريق شراء السلعة الفعلية وتخزينها، مثل شراء السبائك والمسكوكات الذهبية وتخزينها في مكان آمن في المنزل أو في خزنة في أحد البنوك، وتعتبر هذه أفضل الطرق المباشرة التي تمكن من الاستفادة الكاملة من تغير سعر السلعة. ولكن من مساوئ هذه الطريقة هي أن تكاليف النقل والتخزين والتأمين قد تكون مرتفعة.
وأشارت إلى أن الاستثمار المباشر أيضاً قد يكون عن طريق عقود السلع المستقبلية: وهي اتفاقيات شراء أو بيع في المستقبل لعدد محدد من سلعة معينة بسعر محدد وتاريخ محدد.
وتعد هذه العقود نوعاً من أنواع ما يسمى بعقود المشتقات لأن قيمتها مشتقة من أو مبنية على قيمة السلعة المتفق عليها، وتتداول هذه العقود في بورصات السلع، وهي أسواق منظمة ومشرف عليها من قبل الهيئات المختصة في الدولة، فمثلاً تشرف هيئة الأوراق المالية والسلع على بورصة دبي للذهب والسلع، وتكون هذه الاتفاقيات ذات مواصفات موحدة تقوم البورصة بتحديدها، مثل نوعية وكمية السلعة التي يغطيها كل عقد وتاريخ انتهاء العقد وكيفية تسليم السلعة، ويكون لكل عقد تاريخ انتهاء محدد.
عقود
وذكرت الهيئة أن العقود المستقبلية تعد أكثر الأدوات استخداماً للاستثمار في السلع. وتستخدم هذه العقود لأحد غرضين: إما لتمكين الأفراد والشركات الذين ينتجون أو يملكون أو يتاجرون في السلع من ضمان سعر السلعة في المستقبل لحماية أنفسهم من التقلبات غير المتوقعة في أسعار السلعة التي يبيعونها أو يشترونها.
أما الاستثمار أو المضاربة، حيث يقوم بعض الأفراد والشركات الذين يريدون الاستثمار في السلع دون الحاجة لامتلاك السلعة الفعلية فيقومون بشراء أو بيع العقود المستقبلية متأملين الحصول على أرباح ما إذا صحّت توقعاتهم بشأن ارتفاع وانخفاض أسعار هذه السلع.
ونوهت الهيئة بأن الاستثمار غير المباشر في السلع يكون عن طريق شراء أسهم الشركات التي تعمل في مجال إنتاج السلع: فعلى سبيل المثال إذا كنت ترغب في الاستثمار في منتجات الطاقة يمكنك فعل ذلك عن طريق شراء أسهم في الشركات التي تعمل في مجال التنقيب وإنتاج النفط والغاز، وإذا كنت ترغب في الاستثمار في الذهب يمكنك شراء أسهم شركات استكشاف وتشغيل مناجم الذهب.
وتعتبر هذه من أسهل الوسائل للاستثمار في السلع، حيث إن المستثمر العادي معتاد على طريقة تداول الأسهم.
ولكن لا تعتبر هذه الطريقة المثلى للاستثمار في السلع، حيث إن العلاقة بين سعر السلعة الأساسية وسعر سهم الشركة المنتجة عادة ما تكون ضعيفة لأن معظم هذه الشركات تكون لها نشاطات متنوعة وغير مقتصرة فقط على إنتاج تلك السلعة.
وأيضاً يتم الاستثمار بشكل غير مباشر في السلع عن طريق شراء أسهم صناديق السلع المتداولة في البورصة وهي صناديق استثمار تستثمر في سلعة واحدة أو مجموعة من السلع ثم تطرح أسهماً للتداول، فيقوم المستثمر بشراء أسهم الصندوق ويقوم بتداولها في البورصة مثل أسهم الشركات.
ويمثل كل سهم يشتريه المستثمر ملكية لكمية محددة من السلعة أو السلع التي يستثمر فيها الصندوق ويكون سعر سهم الصندوق تابعاً بشكل مباشر لأسعار السلع المكون منها الصندوق.
عوائد
وأشارت هيئة الأوراق المالية إلى أن مصدر العوائد الرئيسي للاستثمار في السلع هو ارتفاع سعر السلعة عن السعر الذي اشتريتها عليه أو السعر الذي اتفقت على شراء السلعة عليه في المستقبل من خلال عقد مستقبلي.
ويرتفع سعر السلعة نتيجة للتغيرات في العرض والطلب على السلعة وعوامل اقتصادية وغير اقتصادية أخرى. وعادة ما ترتفع أسعار السلع في فترات الأزمات المالية والاقتصادية، كما يتوقع الكثير من المختصين في هذا المجال أن يساعد تزايد الطلب على سلع عدة ذات كميات إنتاج محدودة سيساعد على استمرار الارتفاع في أسعار هذه السلع على المدى البعيد.
وبينت الهيئة أن هناك أنواع عوائد أخرى يمكن الحصول عليها بالاستثمار في عقود السلع المستقبلية منها: الفوائد التي يحصل عليها المستثمر على الأموال التي يقوم بوضعها جانباً لاستخدامها في الوفاء بالتزاماته المادية عند حلول تاريخ انتهاء العقود المستقبلية التي استثمر فيها، وعندما تكون أسعار السلع في انخفاض أو متوقع لها الانخفاض يمكن للمستثمر أن يحصل على عوائد عن طريق شراء عقود جديدة ذات تواريخ انتهاء أبعد عند حلول تاريخ انتهاء عقده الأصلي، حيث تكون أسعار هذه العقود الجديدة أقل من سعر عقده الأصلي.
مخاطر يحملها التقلّب في الأسعار
أوضحت هيئة الأوراق المالية والسلع أن أسعار السلع في معظم الأحيان تكون عالية التقلب بسبب عوامل عدة منها: عدم التطابق بين العرض والطلب عليها على المدى القصير؛ تأثير عوامل من الصعب التنبؤ بها مثل سوء الأحوال الجوية، الظروف السياسية، مزاج المستثمرين، تأثير تغير مستويات النشاط الاقتصادي على أسعار السلع.
وذكرت الهيئة أنه قبل اتخاذ قرار الاستثمار في السلع يجب الحصول على المشورة والمساعدة من المستشار المالي الخاص بالمستثمر أو المختصين في مجال الاستثمار في السلع، كما يجب النظر إلى الاعتبارات التالية:
1. الأهداف الاستثمارية من حيث الاحتياجات المالية كحجم الإنفاق والرغبة في زيادة حجم المدخرات، والعوائد المطلوب الحصول عليها ومستوى الربح المرغوب في الحصول عليه.
2. الاستعداد لتحمّل المخاطر الاستثمارية، أي ما هو حجم الخسائر الذي يمكن تحمله.
3. الخبرة والمعرفة، حيث إن المستثمرين الذين لا يتمتعون بالخبرة أو المعرفة الكافية بأسواق السلع والعقود المستقبلية، أو الذين لا يستطيعون الوصول إلى مستشاري الاستثمار من ذوي الخبرة والمعرفة الجيدة في هذه الأنواع من الاستثمارات فإنهم لا يُنصحون بالدخول فيها.
4. المدة الزمنية للاستثمار، إذ أن بعض استثمارات السلع لا تولد أرباحاً إلا على المدى الطويل، فإذا كان المستثمر يتوقع أن يحتاج إلى استرداد المبلغ الذي استثمره بعد مدة قصيرة لسداد أقساط قرض أو دفع إيجار منزل مثلاً، قد لا يكون الاستثمار في السلع مناسباً له.
5. السيولة: ويعني هذا سهولة الخروج من الاستثمار واسترداد الأموال في وقت سريع وبخسائر قليلة.
6. الأدوات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية: بعض أدوات الاستثمار في السلع مثل العقود المستقبلية ليست متوافقة تماماً مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
تخصيص
ذكرت هيئة الأوراق المالية والسلع أن المبلغ الذي ينصح بتخصيصه للاستثمار في السلع أو النسبة المثلى التي يجب تخصيصها من إجمالي المحفظة الاستثمارية، يعتمد على الأهداف الاستثمارية للمستثمر ومدى استعداده لتحمّل المخاطر الاستثمارية وتكوين محفظتك الاستثمارية.
ولكن الكثير من مديري المحافظ ومستشاري الاستثمار عادة ما ينصحون بتخصيص ما يتراوح بين 3% إلى 5% من حجم المحفظة الاستثمارية للسلع كنسبة متحفظة للاستفادة من ميزة التنويع التي يوفرها الاستثمار في السلع دون التعرض الكبير لمخاطرها.