واشنطن - صوت الإمارات
طرحت شركتا «مايكروسوفت» و«فيس بوك»، تصميمات مجانية جديدة لحاسبات خادمة «خارقة الأداء»، من النوع المستخدم في مراكز البيانات الكبرى للشركات والمؤسسات العملاقة وفوق العملاقة، إذ وضعت خصيصاً لجعل هذه الحاسبات مهيأة سلفاً لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والتعلم العميق، شديدة التعقيد والاتساع، وذات الحمل الفائق للبيانات والمعلومات. وتعد التصميمات الجديدة تطوراً مهماً للغاية ينقل صناعة الحاسبات الخادمة إلى طور جديد، تكون فيه التهيئة المسبقة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي معياراً أساسياً في تركيبها وتصنيعها، الأمر الذي يفسح المجال لوحدات معالجة الرسوميات لتلعب دوراً أكبر من وحدات المعالجة الرئيسة المعتادة، كما يساعد لمفهوم «فك الارتباط» أو الفصل بين مكونات الحاسب، ليحل محل مفهوم التزاوج والارتباط السائد في صناعة هذه النوعية من الحاسبات منذ عقود.
بدت تصميمات شركة «مايكروسوفت» تقليدية أكثر مقارنة مع تصميمات نظيرتها «فيس بوك»، ولا تحتاج تغييرات ضخمة في تركيبات الخوادم داخل مراكز البيانات، فالتصميم في النهاية عبارة عن وحدات معالجة مركزية، ووحدات معالجة رسوميات، إضافة إلى وحدات ذاكرة وأوعية تخزين وشبكات، جميعها في صندوق واحد، يضم لوحة رئيسة شاملة تدعم أحدث شرائح المعالجات.
وأعلنت الشركتان عن هذا التطور خلال فعاليات مؤتمر «قمة مشروع الحوسبة المفتوحة 2017» (أو سي بي 2017)، الذي عقد في مدينة سانت كلارا بولاية كاليفورنيا الأميركية، أخيراً، وتعقده سنوياً منظمة غير هادفة للربح تحمل الاسم نفسه «مشروع الحوسبة المفتوحة»، التي تعد من أكبر منظمات المصادر المفتوحة في الولايات المتحدة والعالم، وتشارك في أنشطتها شركات التقنيات الكبرى المهتمة بتطوير صناعة الحاسبات الخادمة ومراكز البيانات الكبرى.
وحسب ما قاله مسؤولو الشركتين خلال المؤتمر، فإن تصميمات شركة «فيس بوك» الجديدة، جاءت في إطار مشروع ضخم تنفذه الشركة تحت اسم «الحوض الكبير»، ويستهدف إعادة صياغة وتحديث مراكز بيانات «فيس بوك» الهائلة، فيما جاءت التصميمات التي قدمتها «مايكروسوفت» في إطار مشروع مماثل من حيث الأهداف، تنفذه الشركة تحت اسم «أوليمبوس» الذي يضع الذكاء الاصطناعي تحت تصرف محركات البحث، والذي بدأ العمل به منذ فترة، ثم أعادت الشركة صياغته وتحدثه كاملاً.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن مشاركة الشركتين في المؤتمر، فإن نقطة الانطلاق في المشروعين تكاد تكون واحدة، وتتمثل في أن الإقبال المتسارع على الخدمات المعتمدة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تولد انفجاراً مستمراً في حجم البيانات والمعلومات المطلوب توليدها وتجميعها وفهرستها ومعالجتها، جعل مراكز البيانات تحتاج إلى نوعيات مختلفة من الحاسبات الخادمة ذات القدرات غير المسبوقة. ولأن معدلات التطور في الخدمات وفي تقنيات الذكاء الاصطناعي وفي حجم المنتج من البيانات والمعلومات يفوق قدرات أي شركة على التطوير والإبداع، اختارت «مايكروسوفت» و«فيس بوك»، التوجه نحو مجتمع المصادر المفتوحة لتوسيع قاعدة المشاركة والإبداع في مجال تصميم الحاسبات الخادمة، ومن ثم طرحتا تصميماتهما الجديدة.
وذكر مسؤولو «فيس بوك»، أمام المؤتمر، بعض الإحصاءات المذهلة ذات العلاقة بشبكتها الاجتماعية، موضحين أنه في كل يوم يشاهد المستخدمون 100 مليون ساعة من الفيديو، فيما يستخدم 400 مليون شخص برنامجها للتراسل، بينما يتم تحميل أكثر من 95 مليون صورة وفيديو على «إنستغرام».
وأضافوا أن هذه الأعمال، وغيرها الكثير، تضع حملاً ثقيلاً على حاسبات «فيس بوك» الخادمة في مراكز بياناتها، ولذلك جاء مشروع «الحوض الكبير» ليبحث في تصميمات جديدة تضمن تقديم كل هذه الخدمات وغيرها بانسجام وبصورة لحظية، تستخدم فيها الحاسبات الخادمة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحسين الخدمات، التي يعد التعرف على الصور من أبرز الأمثلة عليها.
وقدم مسؤولو «فيس بوك» شرحاً لتصميمات الحاسبات الخادمة الجديدة التي تم التوصل إليها في مشروع «الحوض الكبير»، مبينين أن التصميمات الجديدة تقوم على فكرة فك الارتباط بين وحدات المعالجة والتخزين والتشبيك في الحاسبات الخادمة بمراكز البيانات، لينشأ ما يعرف بـ«الأحواض المستقلة» داخل «الحوض الكبير».
وأشاروا إلى أنه في هذه الأحواض المستقلة يمكن توسعة التخزين والمعالجة وتكبيرها بصورة أسرع وأفضل، لأنها عادة ما تكون مقيدة حينما تحشر في صندوق خادم واحد، مثلما يحدث في التصميمات السائدة اليوم.
وأفاد المسؤولون بأن التصميمات الجديدة تقود إلى حاسب خادم غير تقليدي، تطلق عليه «فيس بوك» اسم «جي بوج»، كإشارة إلى باقة وحدات معالجة الرسوميات المستخدمة فيه، التي يمكنها تقديم طاقة غير مسبوقة في مجال تقنيات تعلم الآلة.
وأوضحوا أن في هذا التصميم لا توجد وحدة معالجة مركزية عادية، بل يتم تشغيله صندوقاً أو كياناً مستقلاً، وبالتالي يحتاج إلى أن يتم توصيله بحاسب خادم منفصل، ووعاء تخزين عملاق، وهو أمر يتم من خلال ابتكار جديد لـ«فيس بوك» يعرف باسم «ممر تيوجا»، إذ يعتبر تصميم «فيس بوك» الجديد لوحدات المعالجة المركزية الثنائية مفتوحة المصدر، التي تقوم بالربط بين وحدات المعالجة الرئيسة العادية والتصميم الجديد.
إلى ذلك، قال مسؤولو «مايكروسوفت»، إن التصميمات الجديدة لحاسبتها الخادمة «الخارقة» التي توصلت إليها الشركة في إطار مشروع «أوليمبوس»، تستهدف أيضاً توفير القدرات اللازمة لاستيعاب تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإطلاق مساحات أوسع لوحدات معالجة الرسوميات. وتجسد ذلك في أن التصميمات التي عرضتها خلال المؤتمر تضمنت وحدات لتسريع معالجة الرسوميات من إنتاج شركتي «إنفيديا» و«إنجراسيس»، من طراز «إتش جي إكس 1»، وتتشابه مع المستخدمة في مشروع «فيس بوك»، لكن يمكن تكبيرها وتوسيعها لتربط 32 وحدة معالجة رسوميات معاً في تجمع عنقودي واحد.
وأوضح المسؤولون أن التصميم الجديد يحمل شيئاً تندر رؤيته في الحاسبات الخادمة، وهو العبور أو الانتقال من المعالجات المنتجة بمعمارية «إكس 86» الكاملة القدرات، إلى المعالجات المنتجة بمعمارية «إيه آر إم» المحدودة أو المتخصصة القدرات، بما يجعل الحاسب يدعم كلاً من شرائح «إنتل» أو «إيه إم دي» كاملة القدرة، وشرائح معالجات «كوالكوم سينتريك 2400» أو «كافيوم ثندر إكس 2» محددة أو متخصصة القدرة. وأضافوا أن هذا التصميم يضم منافذ تستوعب ما يزيد على ثلاثة من بطاقات «بي سي آي إكسبرس» مثل وحدات معالجة الرسوميات، وما يصل إلى ثمانية من وحدات التخزين الصلبة «إس إس دي»، وشرائح الذاكرة «دي دي آر 4»، كما يتضمن مراوح متعددة، ومخفضات حرارة، إلى جانب بطاريات متعددة لضمان استمرار الحاسب الخادم في العمل في حالات انقطاع التيار.