الروبوتات

كانت الروبوتات في بداياتها محدودة الحركة لا تستطيع تنفيذ الكثير من المهام والحركات الشبيهة بحركات الإنسان أو الحيوان، لكنها مع الزمن منحت بفضل التطور في علم الحاسوب، القدرة على تغيير هيكليتها بمفردها لمواجهة العقبات التي تعترضها وذلك على غرار الكائنات الحية وقدرتها على التكيف والتطور وفقا للبيئة التي تعيش فيها .

وسواء امتلك الروبوت رجلين أو ثلاث أرجل أو ست فحركته كلها تعتمد على العقبات التي يواجهها، وربما تكون أبسط طريقة للتغلب على عقبة ما، في القفز فوقها، وما من شك في أن امتلاك قائمتين والقيام بكثير من الأعباء والحركات أفضل الحلول، ولكن عندما تتراكم العقبات وتزداد المهمات، فلا شك في أن امتلاك ست أرجل تتناغم حركاتها فيما بينها كما هي الحال عند الحشرات، سيكون الحل الأفضل للتغلب على كل العقبات بسهولة .

وبالطبع لا يمكن للروبوتات إلا أن تعتمد على بصيرة مصمميها في اختيار عجلاتها كما هي الحال مثلا في مركبات الروفرز المريخية المعدة لتسلق المنحدرات الحادة على الكوكب الأحمر، أو في اختيار وحدات الهبوط التي تشبه الخطافات على الأراضي غير مستقرة كما هي الحال على المذنب تشوريوموف- جيراسيمنكو .

ولكن ماذا لو استفادت الروبوتات من المواهب الناجعة للتطور الحاسوبي كي تتمكن من العثور على الشكل الأنسب للتحرك في بيئة معينة؟ تلك هي الفكرة الثورية للروبوتات البلاستيكية الصغيرة، التي تم تصميمها في جامعة أوسلو .

فهذه الآلات ذات الأشكال المتواضعة التي عرضت وهي تسير على بساط الموكيت، صممت لتغير من شكلها وتكيف هياكلها حسب الضرورة إذا ما واجهتها عقبة في طريقها ولذا فهي لا تضطرب وتتوقف عن الحركة بل تحسن التصرف للعبور مثلاً إلى مكان آخر حيث تضع رجلاً هنا وأخرى هناك لتتمكن من التقدم دفعة واحدة لبلوغ مكان معين .

وبعبارة أخرى يمكن القول إن هذه الروبوتات التي تستحق أن تسمى بالمتحولات، من إنتاج المختبرات لكن وجودها اليوم بهذا الشكل المتطور سيمهد الطريق لظهور ما يسمى بالروبوتات التطورية .

يؤكد كيري جليت العضو في المجموعة المسؤولة عن تطوير الروبوتات التطورية المتحولة: نحن أمام نسخة لتطور متسارع وخيالي لروبوتات تتكيف مع بيئتها في بضع دقائق، وإنها إن شئت القول "النموذج الشبيه جداً" بالكائنات الحية .

ويضيف الباحث جليت فكرة هذه الروبوتات مستوحاة من قوانين التطور، لكن من منظور تكنولوجيا المعلومات، فالباحثون يتطلعون نحو المزيد من هذه الاستيحاءات التطورية ليضيفوا إلى هذه الروبوتات إمكانات افتراضية من التعليمات البرمجية كي تكون بمثابة "الجينات المهندسة" للكائن الحي الطبيعي والتي تكون عادة مشتركة عند عدد كبير من الأنواع، وتساهم في تحديد الخطوط العريضة للفرد كعدد ووضعية وطول الأعضاء .

ويكفي حسب الباحث جليت أن تحدث طفرات صغيرة عند الكائن الحي حتى يجد نفسه يوما بساق أطول من الأخرى أو يجد نفسه بقفص صدري أضيق . . إلخ . ويضيف الباحث أن هذه الطفرات تكسب الشخص أحياناً ميزة إنتاجية ترجحه كشخص على أهل جنسه، وبالتالي تنتقل الخاصية الجديدة لتكتسبها مع الزمن الأجيال اللاحقة .

الأمر ذاته سيحدث مع الروبوتات التطورية المقبلة من النرويج، ففي البداية، كان عدد الخطوط الافتراضية للتعليمات البرمجية قليلا وهو ما كان يسهم بالكاد في تعيين وضعية وطول "الأجزاء الستة" التي تشكل العمود الفقري للروبوتات وقدراتها الحركية، وانطلاقاً من هذه التعليمات البرمجية أو (الجينوم الحاسوبي الأساسي)، تم تطوير برنامج حاسوبي قادرعلى تمكين الروبوت من تغيير حركاته بشكل عشوائي، من خلال إضافة بعض عناصر جديدة للخطوط الافتراضية، ما أسماه الباحثون المطورون "بالطفرات الحاسوبية" التي ستكون كافية حسب رأيهم لتنويع مورفولوجية "شكل" الروبوتات من دون إحداث أي شذوذ فيها .

هذا البرنامج سيوجد حسب هؤلاء الآلاف من الروبوتات الافتراضية المختلفة لتبدأ بعدها مرحلة الاختيار او الانتخاب، فالكل يجب عليه التغلب على العقبات والوصول إلى نقطة ما تقع على بعد بضعة أمتار وعلى أرض مستوية افتراضية، ولا شك أن البعض منها سينجح أفضل من غيره في تحقيق ذلك وهذا يعني أنه تم تكييف "الجينات الحاسوبية "الكمبيوترية" كي تنجح في الاختبار . ولذلك، فإن البرنامج سيختار خطوط التعليمات البرمجية، ويمزج فيما بينها لإنتاج جيل جديد من الروبوتات المتطورة، وهكذا ستظهر إلى النور روبوتات افتراضية على مستوى عال من الأداء وتتفوق على أجيال الروبوتات التي سبقتها .

وبالطبع سيتوقف التطور الاصطناعي لهذ الروبوتات عندما يصل أداءها إلى العتبة المحددة من قبل الباحثين وبالتالي فإن عدة أشكال مورفولوجية ناجحة يمكن أن تنتج عن ذلك .