شركة جوجل

لم تكن الروبوتات ذكية في البداية كما هي اليوم، فقد كان المبرمجون يبرمجونها على كل خطوة، إذا حدث كذا فعليك أيتها الآلة أن تفعلي كذا، إذ يجب علينا أن نلقنها كل شئ دون أن نترك مساحة لتصرفها الذاتي، لكن الخطوة النوعية حدثت عندما أصبحنا نعلم الروبوتات لنتركها تتصرف بنفسها فيما بعد، مثل الأطفال، ليظهر لدينا مؤخراً روبوت يملك من الذكاء ما يساوي طفلاً

في الحضانة، كما ظهر روبوت يستطيع أن يتنبأ بما كنت على وشك القيام به، قبل أن يقاطعك شئ معين، من خلال دراسة مسبقة منه لسلوكك، لكن خطوة شركة جوجل الأخيرة التي أعلنتها منذ بضعة أيام كانت الأكثر ثورية على الإطلاق !

إليك تقرير لكل ما تحتاج إلى معرفته عن النظام الجديد للذكاء الاصطناعي الأضخم والأهم في العالم:

في نوفمبر 2007، وضعت جوجل حجر الأساس للهيمنة على سوق الهواتف المحمولة بإطلاقها للـ”أندرويد”، وهو نظام تشغيل مفتوح وحر للهواتف المحمولة، لتسيطر بعد ذلك بثمانية سنوات فقط على سوق الهواتف المحمولة، بامتلاك الأندرويد لـ80 بالمئة من حصة السوق، وهي اللعبة التي يبدو أن جوجل قررت تلعبها مرة ثانية، هذه المرة مع الذكاء الاصطناعي.

فقد أعلنت جوجل عن مشروع TensorFlow ، الذي يعتبر منصة مفتوحة المصدر لتعليم الآلات، ما يعطي أي شخص لديه كمبيوتر واتصال بالإنترنت وخلفية من المعرفة في خوارزميات التعلم العميقة للآلة، القدرة على الوصول إلى أقوى وأوسع منصة لتعلم الآلات تم ابتكارها في العالم حتى الآن، تخيل أن تكون لديك القدرة على استخدام النظام الذي تستخدمه جوجل شخصياً في جميع برامجها وتطبيقاتها.

وقد تبنى هذا النظام، خمسون منتجاً من منتجات جوجل، تتضافر جميعها لأجل “التعلم الآلي العميق”، وهو تعلم الآلات باستخدام شبكات عصبونية عميقة، كي تستخدم في تطبيقات رائعة عديدة، مثل التعرف عليك وعلى أصدقائك في تطبيق الصور، لقد أصبحت جوجل شركة تعلم آلي، والآن يأخذون الشئ الذي كان يجعل خدماتهم خاصة ومميزة، ليعطوه للعالم.

“تينسور فلو” هي مكتبة من الملفات التي تسمح للباحثين وعلماء الكمبيوتر ببناء أنظمة تستطيع تفكيك البيانات، مثل الصور وتسجيلات الصوت، وتمكين الكمبيوتر من القيام بقرارات مستقبلية بناء على هذه المعلومات، وهذا هو أساس ما يسمى “بالتعلم الآلي”، أن نجعل أجهزة الكمبيوتر تفهم البيانات، ثم تستخدمها لعمل القرارات، ونظام “تينسور فلو” معقد جداً، بسبب دقته وسرعته في هضم وإخراج البيانات، وسوف يحتل بلا شك من الآن مركزاً مهماً في مجال الذكاء الاصطناعي.

إليك التفاصيل الدقيقة لكيفية عمل هذا النظام: فنظام “تينسور فلو” يستخدم رسوماً بيانية لتدفق المعلومات، ويتم تمرير البيانات ذات القيم أو الأبعاد المتعددة جنباً إلى جنب خلال الرسوم البيانية الضخمة للمعلومات، هذه البتات المعقدة من البيانات تسمى “الشادات tensors”، وتتدفق هذه الشادات من خلال رسم بياني من عقدة إلى عقدة، ومن هنا جاء الاسم الذي يعني “تدفق الشادات أو TensorFlow”.

فكرة كون هذا النظام مفتوح المصدر، يعطي الفرصة للباحثين وحتى الطلاب للعمل ببرمجية احترافية، لكن التأثير الحقيقي هو في إمكانية أي شركة للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في العالم أن تستخدمه، وتستطيع الآن أي مؤسسة أن تأخذه أياً كان حجمها، ثم تقوم بتطويعه حسب احتياجاتها الخاصة، وتستخدمه بحرية حتى لو قررت أن تنافس به شركة جوجل نفسها، لكن هذه الخطوة جعلت “جوجل” تتربع على عرش الذكاء الاصطناعي في العالم بالفعل.

وقد نال البروفيسور كريستوفر مانينغ من جامعة ستانفورد نسخة من نظام جوجل الجديد للذكاء الاصطناعي “تينسور فلو” منذ ما يزيد قليلاً على ثلاثة أشهر، وبذلك، نال تلاميذه الفرصة لتجربة استخدام هذا النظام، فبعد أن استخدمها هو بأسابيع قليلة فقط، قرر أن يدمجها في منهجه التعليمي.

وقد ربط البروفيسور هذا النظام بالأندرويد، وخدمة بريد جوجل “الجيميل”، ومع أن هناك منافسين لخدمة بريد جوجل، إلا إنه يظل الأنظف كما إنه الأكثر اتساقاً مع معظم التطبيقات، كما أضاف أنها ليست أول قاعدة بيانات عالية المستوى للتعلم العميق، لكن الأنظمة الأخرى مثل “تورش” و”ثيانو”، لديهم مجموعات صغيرة من الناس تقوم على تحديثها، وهو ما لا يقارن بالتأكيد بالعدد الضخم المتوقع الذي سيعمل على البنية التحتية لنظام جوجل الجديد مفتوح المصدر.

قــــــد يهمــــــــــك أيضًـــــا:

ابتكار "كبسولة نوم" تحمي المتشردين من برد الشتاء في ألمانيا

توصية حكومية بالمتصفح "الأكثر أمانًا" في ألمانيا و"فاير فوكس" يتصدر