كوكب المريخ

لأوّل مرةٍ منذ أربعين عاماً تمكّن الباحثون في وكالة ناسا للفضاء من اكتشاف وجود اكسجين ذرّي في الغلاف الجوي لكوكب المريخ

وعَثر الباحثون على ذراتِ الأكسجين في الغلاف الجوي العُلوي للمريخ والمعروف باسم الميزوسفير (mesosphere)، ويُمكن لهذا الاكتشاف أن يُساعد علماء الفلك على تحديدِ كيفية هُروب الغازات من الكوكب الأحمر منذ فترة طويلة من الزمن.

ورغم أن مِثل هكذا اكتشاف يُعد أمراً مثيراً للغاية فيما يتعلق بفهمنا لكوكب المريخ –أو ما يُسمّى الموطن الجديد المُحتمل للبشرية– إلا أن الباحثين لم يعثُروا سوى على نصفِ كمية الأكسجين التي توقّعوا وجودها مُسبقاً، وقد يكون سبب ذلك حدوث تغيّرات عديدة في الغلاف الجوي للمريخ. 

آخر مرّة رصد فيها الباحثون وجود الأكسجين الذرّي في الغلاف الجوي للمريخ كانت أثناء بعثاتِ فايكينغ (Viking) ومارينر (Mariner) في سبعينيات القرن الماضي، وهذا يطرح السؤال التالي: ما سبب هذه الفجوة الزمنية الطويلة؟ في الواقع، السبب الرئيسي لذلك هو السماء الزرقاء في كوكبنا.

تقول باميلا ماركوم Pamela Marcum، وهي عالمة في مشروع مرصد صوفيا: "من الصعب جداً قياس الأكسجين الذرّي الموجود في الغلاف الجوي للمريخ. ومن أجل رصد موجات الأشعة ما تحت الحمراء البعيدة اللازمة لاكتشاف الأكسجين الذري، توجّب على الباحثين إجراء عمليات الرصد من ارتفاعات عالية فوق معظم أجزاء الغلاف الجوي للأرض، هذا بالإضافة إلى استخدام معداتٍ حساسةٍ للغاية مثل مقياس الطّيف الذي تطلّبه بحثنا. وبالطبع، حققنا الأمرين معاً بفضلِ مرصد صوفيا". 

وعانى الباحثون لعقودٍ طويلةٍ من مشاكل عديدة تسبّبت بها طبقات الغلاف الجوي للأرض، وذلك نظراً لأنها كثيفة ورطبة بما يكفي لكي تحرمهم من الحصول على صورٍ دقيقةٍ للكون البعيد. لذا ومن أجل تجاوز هذه المعضلة، استعان الباحثون بعددٍ من الحلول (من قبيلِ صُنعِ نجومٍ وهمية باستخدام أجهزة ليزر عملاقة)، ومن هنا أتت فكرة استخدام مرصد صوفيا. 

لمن لا يعلم، فمرصد صوفيا في الأساس هو عبارةٌ عن طائرةٍ عملاقة – طائرة نفاثة من طراز بوينغ 747SP- تحمل على متنها تلسكوباً بقُطرٍ كبيرٍ يبلغ 254 سنتم (أي 100 بوصة). تستطيع هذه الطائرة التحليق فوق معظم الغلاف الجوي للأرض وبالتالي يُمكنها التقاطُ صورٍ واضحة للغاية. 

وفي حين أن أعضاء فريق البحث لم يُقدّموا أرقاماً دقيقة حول كمية الأكسجين الذري الموجود في طبقة الميزوسفير لكوكب المريخ، إلا أنهم أدلوا بتصريح أعلنوا فيه أن الكمية كانت أقل من المتوقع. ونظراً لذلك، سيعكفُ الباحثون على استخدام مرصد صوفيا لقياس مناطق أخرى من الكوكب كي يستطيعوا الجزم بأن هذا الرقم ليس نتيجة تغيراتٍ بسيطة في الغلاف الجوي للمريخ.