الحواسيب فى مواجهة البشر

احتل الحديث عن “الثورة الصناعية الرابعة” مركز الصدارة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا الذي عقد الشهر الماضي “يناير 2016” ما ترك عند الجميع إحساس قوي بأن الوقت الذى نعيش فيه الآن  هو وقت التطور الهائل للتكنولوجيا  على الرغم من أن معظم الشخصيات الناجحة اليوم قد نجحوا بناءاً على الصفات الإنسانية المتواجدة لديهم لا بسبب الآلة بالضرورة.

و على الرغم من أن التشغيل الآلي يحسن الكفاءة التشغيلية ، وأن معظم المنظمات  تعتمد على موظفيها من أجل الإبداع مثل مصممي المنتجات الذين قاموا بعمل نماذج من الآلات ثلاثية الأبعاد ، وأيضاً على الرغم من أن البشر يمتلكون صفات تجعلهم قادرين على معرفة إتجاهات الأخرين والقدرة على الشعور ببعض أو كل من الأحاسيس مثل (يحب – يكره) وهذه الصفات التى تساعد مندوبي المبيعات على بيع السلع والخدمات الخاصة بالمنشأة، ولكن الثورة الصناعية الرابعة جعلت عمليات البيع تتم من خلال الأعتماد على برمجيات الحاسب الآلي من أجل التفاعلات البشرية، وحتى من أجل إبرام وتوقيع العقود، وأيضا التكنولوجيا لديها القدرة على جعل علاقاتنا تسير مع الناس على نحو أفضل.

الفيديو التالي يوضح مقارنة ما بين الحاسبات الآلية الضخمة وعقول البشر كي يعطى فكرة سهلة ومبسطة للقارئ حول الموضوع.

متى ظهر مفهوم الثورة الصناعية ؟

وقد ظهرت الثورة  الصناعية الأولى مع نهاية القرن ال 18 ، حيث استخدمت قوة الماء والبخار من أجل الإنتاج الميكانيكي بأشكاله المتعددة. و استخدمت الطاقة الكهربائية فى الثورة الصناعية الثانية لخلق الإنتاج الضخم. و استخدمت الإلكترونيات فى الثورة الصناعية الثالثة والتى قامت بإنتاج تكنولوجيا المعلومات مما أدى الى تحويل الإنتاج بشكل كبير الى أنظمة آلية، وأصبحت تستخدم تكنولوجيا المعلومات من أجل تحويل الإنتاج الى اشكال آلية قدر المستطاع.

أما  الثورة الصناعية الرابعة فقد قامت بناءاً على الثورة الصناعية الثالثة وقد بدأت تحدث فى منتصف القرن الماضي وأطلق عليها اسم ” الثورة الالكترونية ” وتتميز هذه الثورة بأنها طمست وكسرت جميع الخطوط الفاصلة بين جميع المجالات المادية والإلكترونية وأيضاً البيولوجية.

ومع ظهور التكنولوجيا، أصبح الأفراد يلعبون دوراً هاماً بسبب إنتشار أجهزة الهواتف الذكية وأصبح تلك الأفراد يصلون الى المعلومات بشكل أسرع، وأصبحوا يرددون “أنا أريد أن افعل هذه الأشياء بأشكال مختلفة ومتطورة”.

وظائف المستقبل

وفقاً لتقرير “المنتدى الاقتصادي العالمي” عن مستقبل الوظائف الجديدة ،فإن المهن المطلوبة اليوم لم تكن موجودة  قبل خمس سنوات ، وحوالي 65 % من أطفال المدارس الابتدائية سوف يتم توجيههم للعمل فى وظائف جديدة مختلفة تماماً.

الأعمال المكتبية ستنخفض إلى درجة أدنى أما الوظائف التى تعتمد على الحاسب الآلي والرياضيات فسيزداد الطلب عليها بشكل كبير ، وسيزداد الاعتماد على الحواسيب الكبيرة والآلات الذكية ما سيؤدي  إلى الاستغناء عن نسبة كبيرة من اليد العاملة البشرية وفي بعض الحالات قد ينتهي وجودهم داخل الشركات بالكامل كما سيزداد الطلب على وظائف تحليل البيانات بشكل كبير وذلك لازدياد كمية البيانات وتعقيدها ، وأيضاً الوظائف المتعلقة بالبرمجة والذكاء الصناعي و التعليم.

وبحلول عام 2020 فرص العمل التى ستتوفر سوف تكون مختلفة بشكل ملحوظ حتى عما هو متوفر اليوم ، وعلى المستوى الفردي فقد أصبحنا بحاجة إلى أن نصبح أكثر مرونة، وأن نتعامل مع المطالب المتغيرة والبيئات المعقدة بشكل جيد ومرن.

ومن الممكن أيضًا أنك  قد سمعت عن المرونة العصبية، والليونة الدماغية، وهي قدرة الدماغ على تغيير الحياة في جميع المراحل. وأيضاً لديها قدرة مذهلة على إعادة هيكلة نفسها من خلال تشكيل روابط جديدة بين خلايا الدماغ. كلما أصبحنا خبراء في عدة مجالات أو موضوعات ، مما سوف يؤدى الى أن المناطق المتعلقة بهذه الموضوعات في أدمغتنا سوف تؤدى الى تطوير وتنمية المهارات الخاصة بها.

ولذلك فإن التغيير ممكن، ولكن لتسريع ذلك، علينا أن نعمل على تحديد  موقع التغيرات والمواقف الجديدة  داخل عقولنا. و إن عملنا المستقبلي سوف يتطلب  الصفات ذاتها التي تجعل منا بشراً في المقام الأول.

والفيديو التالى يوضح فكرة “الثورة الصناعية الرابعة”؛ كي يعطى فكرة سهلة ومبسطة للقارئ حول الموضوع.

وإليكم الأن خمسة مهارات لمساعدتكم فى أن تزدهروا وتطوروا من أنفسكم أثناء “الثورة الصناعية الرابعة”:

1- يجب أن يكون لديك نوع من أنواع العاطفة والرغبة فى تعلم المزيد

في ظل “الثورة الالكترونية” لم يعد دور القائد هو القيادة والسيطرة بل اصبح دوره هو خلق بيئة من أجل قيادة التغيير وحل المشاكل والعمل على نشر الايجابية بين الموظفين على كافة المستويات داخل المنظمة، ولابد أن يعطي إنطباع أن الموظفين يمكنهم أن يسهموا فى تحديث وتغيير المنظمة.

2- يجب أن يكون لديك نوع من أنواع التأمل والتفكير

بيئة الأعمال اليوم معقدة بشكل كبير، الكثير من المنافسين وأصحاب الأجندات الشريرة .الأسواق المتقلبة بشكل غير طبيعي، وأيضاً هناك الكثير من التطورات التكنولوجية التى يجب مواكبتها ، ولكى تنجح سوف تحتاج إلى العمل تحت ضغط كبير، والتفكير أيضاً  على المدى الطويل من أجل الحفاظ على المؤسسة ، وكلما كان الأفراد قادرين على التأمل والتفكير  ستنمو مهاراتهم وقدرتهم على التعامل مع المواقف والتحديات.

3-  القدرة على استخدام مهارات التواصل الأجتماعي

انتشرت وسائل وسائل التواصل  الاجتماعي ،وأصبحت نسبة كبيرة من بياناتك معروضة للعلن و هذا يعني أنك لا تستطيع  أن تخفي الحقائق. يجب أن يكون لديك مهارات التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير لتتفادى الوقوع في المشاكل.

4- يجب أن يكون لديك نوع من أنواع الإبداع المتعددة

على الرغم من الاعتماد على الحواسيب بشكل كبير في التعامل مع البيانات وتنفيذ المهام إلا أن الإبداع الإنساني مهارة لا يمكن برمجتها لأنها على عكس قدرة الإنسان الآلي أو الذكاء الاصطناعي، مثل فضولنا الفطري والقدرة على الضحك لا يمكن برمجتهم أو حتى صياغتهم بشكل آلى،و لذلك حتى مع انتشار الأجهزة الذكية سوف نحتاج الى المبدعين لدفع عجلة الابتكار والتقدم . يجب العمل على إنشاء العديد من المختبرات والمعامل داخل الشركة من أجل القدرة على زيادة الأبداع لدى موظفي الشركة.

الخلاصة

الثورة الصناعية الرابعة هي عصر الأتمتة، والتواصل الدائم، والتغيير المتسارع، وعلى ذلك يجب علينا تحمل كل هذه التطورات ، والعمل على بناء قدرتنا من أجل الصمود أمام كل هذا التطوير والتقدم ، ولا بد لنا من تسليط الضوء على أنفسنا. من خلال اتخاذ نهج شامل لرفاهيتنا ، هذا هو الغرض المطلوب تحقيقه، و من أجل ذلك لابد من العمل على تحسين انتاجيتنا وصقل مهاراتنا ، وأيضاً  نحن بحاجة الى النوم بشكل جيد حتى نستطيع أن نؤدى أعمالنا بشكل جيد ، ولابد أن نحافظ على هدوء أذهاننا فى اللحظات المهمة والحاسمة، وأيضاً نحن بحاجة إلى تناول الطعام بشكل جيد لتغذية عقولنا.

وفى نهاية المطاف هل نحن في عصر الثورة الصناعية أو الإنسانية؟ و جوابي على هذا السؤال بسيط  هو أننا نعيش ثورة بمزيج من الاثنين معاً.