طوَّر باحثون في جامعة «كامبريدج» البريطانية تطبيقاً لنظام «أندرويد» يتابع الحالة المزاجية لمستخدميه، استناداً إلى وصفهم لحالتهم النفسية، والبيانات التي ترصدها هواتفهم لاستنتاج الأسباب المؤدية لتقلب حالتهم المزاجية، وهو ما يمكن أن يفيد بشكل أكبر الأشخاص المحتاجين للمساعدة النفسية المتخصصة. ويحمل التطبيق اسم «إيموشن سينس»، أو ما يعني «تحسس العاطفة»، ويعتمد على استغلال إمكانات الهواتف الذكية في جمع الكثير من المعلومات عن المستخدمين، مثل أماكن وجودهم، ونطاق تحركاتهم، والضوضاء المحيطة، والأشخاص الذين يتواصلون معهم. ويحاول التطبيق الجمع بين بيانات الحالة المزاجية للمستخدمين، بحسب وصفهم، والتي يتم إدخالها ضمن نظام من تصميم علماء النفس المشاركين في البحث، والبيانات التي تستخلصها أدوات الاستشعار المختلفة المتاحة في الهواتف الذكية. ويأمل الباحثون بالاستعانة بكلا النوعين للتوصل لتسجيلات دقيقة عن العناصر المؤدية لتقلب الحالة المزاجية للأشخاص كالأوقات التي يقعون فيها تحت تأثير ضغوط كبيرة أو أوقات الراحة. وتتيح تجربة «إيموشن سينس» للباحثين التعرف إلى العوامل المؤثرة في تقلب الحالة النفسية للأشخاص، إلى جانب بحث إمكانات الهواتف الذكية لتتبع هذه العوامل في الحياة الواقعية. وقال الباحث في مختبر الحاسب في جامعة «كامبريدج»، الدكتور نيل لاثيا: «خلف المشهد، تجمع الهواتف الذكيـة بصورة مستمرة بيانات يمكن أن تتحول إلى أداة رئيسة للعلاج الطبي والنفسي»، مفسراً الأمر بأن «جميع الهواتف الذكيـة في الوقت الحاضر تُزود بعدد كبير من أدوات الاستشعار، يمكنها أن تكشف جوانب كثيرة من حياة مستخدميها، كدرجة نشاطهم ومدى انغماسهم في العلاقات الاجتماعية خلال فترة بعينها». وأضاف: «نأمل على المدى الطويل أن نستخلص هذه البيانات لاستخدامها، على سبيل المثال، في أغراض علاجية». ويتطلب استخدام تطبيق «تحسس العاطفة»، والمتاح مجاناً لنظام «أندرويد»، موافقة المستخدم على استغلال هذه البيانات من جانب فريق البحث. ويعمل التطبيق على إضافة أدوات الاستشعار تدريجياً خلال استخدامه، فعند فتحه للمرة الأولى تعمل إحدى أدوات الاستشعار لمدة أسبوع على جمع البيانات لمقارنتها بوصف المستخدم ذاته لحالته النفسية، وبنهاية الأسبوع الأول يستكمل المستخدم استطلاعاً مختصراً لقياس مدى رضاه عن حياته، وبعدها تعمل أداة أخرى للاستشعار حتى يتم اختبار جميع الأدوات بعد مُضي ثمانية أسابيع، وتشمل هذه الأدوات قياس العلاقات الاجتماعية للشخص بناء على عدد المكالمات والرسائل النصية التي يبعث بها، إضافة إلى موقعه ونطاق تحركاته، والمدة التي يستخدم فيها الهاتف. كما يرسل التطبيق خلال أوقات مختلفة من اليوم تنبيهاً يطلب من المستخدم تقييم حالته المزاجية من خلال ما يُسمى «إيموشن غريد» أو «شبكة العاطفة». ويتضمن التطبيق شبكة تضم محورين يراوح أولهما بين «سلبي» و«إيجابي»، والثاني بين «نشط» و«غير نشط»، ويمكن للمستخدم أن يحدد على شاشة الهاتف النقطة التي تصف شعوره بدقة، فعلى سبيل المثال، يشير تحديد نقطة قريبة من الجزء العلوي الأيمن إلى الشعور بالحيوية والنشاط. وبعدها يتلقى المستخدم التقييم النهائي بعد استطلاع يستغرق نحو دقيقتين. ويُعد تطبيق «تحسس العاطفة» جزءاً من مشروع يهدف إلى اكتشاف إمكانات الهواتف في مراقبة سلوك الناس وتغييرها للأفضل لتحسين مستوى الصحة والرفاه، ويرى فريق البحث في التطبيق، إلى جانب ما يتيحه من معلومات ثمينة للدراسة، أنه يقدم فرصة للمستخدمين لاستكشاف ذواتهم باطلاعهم على بعض العوامل المؤثرة في حالتهم المزاجية، والمقارنة بين تقييمهم وحالتهم الفعلية. واهتمت أبحاث سابقة بقياس قدرة الهواتف على مراقبة سلوك المستخدمين من خلال جمع بيانات الموقع الجغرافي وسجل المكالمات والرسائل النصية، ما يقدم صورة عن عادات الأشخاص وأنشطتهم اليومية. وعلى الرغم من وجود تطبيقات وأدوات مماثلة للهواتف الذكية تسعى إلى تحديد الحالة المزاجية والنفسية للأشخاص، إلا أن فريق البحث يرى أن تطبيق «تحسس العاطفة» يتميز بالمزج بين تقييم المستخدم نفسه لحالته المزاجية، والبيانات التي تتيحها الهواتف الذكية. وقال الأستاذ في قسم علم النفس في جامعة «كامبريدج»، جيسون رينتفرو، إن «المحاولات السابقة لتقديم برامج مماثلة ركزت على وصف المستخدمين أنفسهم لطبيعة شعورهم، واعتمد كثير منها على تصنيف الحالة المزاجية وفق الشعور بالسعادة والحزن والغضب والشعور المحايد»، مضيفاً أن «ما يميز تصميم التطبيق الجديد هو اعتماده على منهج أكثر مرونة لجمع البيانات، مما يُبيِّن تنوع الحالات المزاجية للأشخاص». وأتاح الباحثون الشيفرة، التي يعتمد عليها تطبيق «تحسس العاطفة» لجمع البيانات من الهواتف عبر موقع التطبيق على الإنترنت، ليتسنى لآخرين إجراء تجارب مماثلة، كما يعمل الفريق على تقديم نسخ من التطبيق لأنظمة التشغيل الأخرى.