دمشق ـ نور خوَام
أعلنت منظمات دولية مدافعة عن حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير في العالم قلقها البالغ على مصير المبرمج السوري باسل خرطبيل، والذي اعتقلت القوات الحكومية السورية منذ ثلاثة أعوام، في آذار / مارس 2012.
وأثار نقل باسل مؤخرًا من سجن عدرا قلق المجتمع الدولي، حيث احتجز من ثلاثة أعوام إلى مكان غير معروف، فيما انتشرت الإشاعات بأنه حكم عليه بالإعدام سرًا أو أنه قتل بالفعل.
ويعد باسل خرطبيل (34 عامًا) مدافعًا شرسًا عن شبكة عنكبوتية حرة ومشجع ثقافة للمصادر المفتوحة في سورية، التي عانت من اضطهاد النظام للمبرمجين وأي ناشط يطالب بحرية الرأي أو حرية استخدام الانترنت، حيث لم تكن سورية تعرف عمل القرصنة على الانترنت حتى جاء باسل خرطبيل المعروف على شبكة الإنترنت باسم باسل الصدفي، مؤسس "أيكي لاب" في دمشق عام 2010.
وظلت برمجيات المصدر المفتوح للمطور الفلسطيني السوري تستخدم حتى الآن كقاعدة يمكن من خلالها تقديم البرمجيات الحرة وحركات الثقافة الحرة في بلده، وبسبب أعمال خرطبيل اكتسب الناس أدوات جديدة للتعبير عن أنفسهم والتواصل.
وشارك باسل خرطبيل، فلسطيني الأب وسوري الأم، وهو مهندس برمجيات ومطور ويب معترف به دوليًا لمساهماته في أكبر مشاريع المصادر المفتوحة كبرنامج "موزيلا فاير فوكس، ويكيبيديا وكرياتيف كومونس"، في أعمال محلية مؤسسًا بذلك "الآيكي لاب" في دمشق، وهو مكان مخصص للممارسات الفنية الرقمية وتعليم التكنولوجيات التعاونية.
ونتيجة أعماله، تم اختياره من قبل موقع "فورين بوليس سلات"، حيث حظي بالمركز 19 في ترتيب المفكرين العالميين لعام 2012، ونال أيضًا جائزة الحرية الرقمية على الرقابة عام 2013، وهي منظمة عالمية مدافعة عن حرية التعبير منذ عام 1972.
وكتبت مدير "مؤسسة الجبهة الالكترونية" جيليان سيورك، تغريدة عبر "تويتر" تشير فيها إلى قلقها على خرطبيل قائلة: "ندرك أن توقيع العرائض لن يقنع سورية أو أيًا كان، ولكنها الوسيلة الوحيدة التي نملكها في الوقت الراهن، ساعدونا لإيصال صوتنا لإنقاذ حياة باسل وضمان سلامته".
وأشارت سيورك إلى أنه تم اتخاذ إجراءات من طرف الأمم المتحدة في 2012 و2014، والمجموعة المتابعة لاعتقاله التعسفي بالدعوة إلى إطلاق سراح باسل ولم تستجب السلطات السورية لأي من المبادرات المتخذة.
وأطلقت عريضة للتوقيع عليها، مطالبة النظام بإطلاق سراح خرطبيل المحتجز دون تهمة واضحة وفي ظروف سجن لا آدمية، من قبل أصدقائه المدونين ونشطاء الإنترنت في سورية وخارجها.
وكان باسل خرطبيل وزملاؤه يعملون في دار تحرير تدعى "الأوس" على موقع "ديسكفر سورية"، والذي يقدم مجموعة معلومات ثقافية عن سورية، حيث كان باسل مديرًا تقنيًا وصديقه دينو أحمد علي مديرًا فنيًا.
وشارك باسل لأعوام عدة في مشروع طالما حلم به وهو مشروع تدمر، الغرض منه خلق زيارة وهمية للمدينة القديمة التي دمرها تنظيم داعش، كاملة الترميم بتقنية "دي 3" انطلاقًا من وثائق علمية وأثرية.
وأفاد جورج دحدوح الذي التحق بالفريق بعد بضع شهور كمسؤول تصميم: "في البداية كان باسل مكلفًا بالبرمجة فقط، ولكن ولكونه متعدد المهارات استطاع أن يتعلم استخدام برنامج مايا والتصميم بتقنية ثلاثية الأبعاد، كما أنه استطاع استخدام محرك اللعبة من أجل إعداد تصميم الزيارة الوهمية بتقنية دي 3 واشتغل مع كل من أفراد الفريق وفي كل المجالات باستثناء فريق حقوق النشر والبحوث الذي كلفت به مجموعة باحثة في المصادر التاريخية تقوم باستجواب علماء الآثار".
وقرر أعضاء حملة "#حرروا_باسل" إحياء المشروع من جديد لأنه لم يرى النور حتى الآن، وذلك بإطلاق حملة "#NEWPALMYRA" من أجل رد الاعتبار لعمل باسل.
ويدار هذا المشروع من قبل باري ثرو وهو فنان رقمي ومدير برامج لشركة "أوبسكورا"، وفكر باسل في هذا المشروع في الأساس رغبة منه في تثقيف العالم وإخباره عن آثار تلك المدينة التاريخية التي محيت على يد التنظيم المتطرف، عبر بث صور لأنواع لها قبل الزوال.
وجرى توقيف باسل عند مغادرته عمله في مدينة المزة في دمشق في 15 آذار / مارس 2012، بعد عام من ثورات الربيع العربي، من قبل رجال الفرقة 215، إحدى فرق المخابرات العسكرية.
وبعد استجوابه وتعذيبه لمدة خمسة أيام، تمت مرافقة باسل إلى منزله لتتم مصادرة كل معداته وملفاته الإلكترونية واحتجازه سرًا لمدة تسعة أشهر، ثم نقل إلى الفرقة 248 للمخابرات العسكرية ثم إلى سجن عدرا حيث قضى ثمانية أشهر من العزلة وتم تقديمه أمام المحكمة العسكرية بتاريخ 9 كانون الأول / ديسمبر 2012.
وتزوج باسل من خطيبته نورا غازي، التي خطبها قبل أيام من اعتقاله، أثناء سجنه في كانون الثاني / يناير 2013، وذكرت غازي: "أطلق علينا لقب عروس وعريس الثورة السورية".