واشنطن ـ رولا عيسى
تتزايد أهمية مواقع التواصل الاجتماعي مع تنامي عدد رواد تلك المواقع، حيث باتت تلعب دورًا استراتيجيًّا أكثر من كونها وسائل ترفيهية، فاقتحمت المجال السياسي بقوة، وأصبحت محركًا لانطلاق الثورات الشعبية، ولاسيما في الشرق الأوسط، وأكبر دليل على ذلك ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا العام 2011.
ومع تنامي الأنشطة المتطرِّفة في دول الصراع السياسي والتهديدات الخطرة التي تشكّلها التنظيمات المتطرِّفة على بلدان العالم؛ أصبح من الضروري الأخذ في الاعتبار المسؤولية الاجتماعية لمواقع التواصل ودورها في انتشار أو حظر تلك الأنشطة.
وتواجه مواقع وسائل الإعلام الاجتماعي وشركات الإنترنت الأخرى مطالبات بفرض رقابة على محتواها نيابة عن الدولة؛ وجاء ذلك في أعقاب الإبلاغ عن مقتل الضابط البريطاني لي ريجبي؛ حيث ذكر أنَّ أحد قاتليه صرّح على أحد المواقع، وهو فيسبوك، برغبته في قتل الجندي دون علم الأجهزة الأمنية.
ونشرت لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية (ISC) تقريرًا يفيد بأنَّ السلطات لم تكن على علم بأنَّ أحد قاتلي مايكل أديبويل قد صرّح بنيته في القتل؛ حيث أنه كتب ذلك قبل ارتكابه الجريمه هو وشريكه المدعو مايكل أديبولاغو بنحو ستة أشهر؛ حيث أنهما في آيار/ مايو 2013 نفذا هجوم وحشي على ريجيبي في أحد الشوارع بالقرب من ثكنته العسكرية في محاولة لقطع رأسه.
وفي أعقاب تقرير ISC، ألقى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المسؤولية على عاتق شركات وسائل الإعلام الاجتماعية؛ حيث أنه من الواجب عليهم الإبلاغ عما نشرته مواقعهم في حال تحولها لوسيلة " تدبير جرائم قتل وإشاعة فوضى".
وصرّح مدير مكافحة التطرُّف العالمي السابق في المخابرات البريطانية MI6، ريتشارد باريت: "عمليًا لا يمكن رصد ملايين الرسائل يوميًا للكشف عن أيّة نيّة لإرتكاب أعمال متطرِّفة عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، إنَّ مراقبة رسائل فيسبوك من أجل رصد أيّة نوايا متطرِّفة وإبلاغ الأجهزة الأمنية بها، أمر غير عملي وغير عادل".
وأضاف رئيس مكافحة التطرُّف السابق في MI5 وMI6، باريت: "إنني لا أثق تمامًا في قدرة فيسبوك على التحقُّق من حجم المعلومات الذي قد يصلها يوميًا من خلال المواقع، كما أنه في حال فرض رقابة على شركات الإنترنت، فأنا أشفق على الأجهزة الأمنية من كم المعلومات التي ستحال إليهم للتحقيق فيها".
ولكن باريت ذكر: "من الصعب التحدث عن المسؤولية الاجتماعية لشركة متعدِّدة الجنسيات مثل فيسبوك، ما أعنيه هو أنَّ شركة فيسبوك تعمل تقريبًا في معظم بلدان العالم؛ وأنا لا أعلم هل هذه المسؤولية تختلف من المملكة المتحدة عن روسيا أو ميانمار أو أي دول أخرى؟ أعتقد إنه من المجحف تحميل المسؤولية كاملةً على فيسبوك لتحديد المسؤولية الاجتماعية في كل الظروف".
واضاف: "تم غلق 8 حسابات على وسائل الإعلام الاجتماعية والتي كان يمتكها أديبويل؛ لأنه تم الإشارة عليهم بأنها حسابات تشجع على التطرُّف، وقد تم ذلك عن طريق حسبة رياضية لا تحتاج إلى تدخل بشري".
وردًا على سؤال بشأن ضرورة إبلاغ السلطات الأمنية بمحتوى المنشورات أم لا، أكد: "أعتقد أنه من الظلم أنَّ نترك القرار للشركات وحدها، ولكن يجب أنَّ يكون هناك أساس قانوني سليم يوجههم فيما يمكن فعله وما لا يمكن فعله".
ولكنه أوضح أنه عير مقتنع تمامًا بقيمة التشريعات والاستجوابات، فما قيمة ذلك في ظل الكم الهائل من المحتويات التي سيتم فحصها، وأضاف: "إذا أراد الناس الالتفاف على قيود اتصالاتهم قد يفعلوا هذا بطريقة أكثر سهولة وهي التشفير".
وذكر مراسل "بي بي سي" خلال برنامج "راديو اليوم 4": "إنه ضربًا من الخيال إذا سلمنا أنه يمكن التعامل مع كمية المعلومات هذه؛ حيث إنَّ شركة فيسبوك لديها واحدًا وثلث مليار مستخدم على مواقعها، علاوة على نشر ما يقرب من 5 مليارات مشاركة يوميًا".
وصرّح روبيرتسون لصحيفة "غارديان": "ما يقرب من 25 مليون مستخدم للفيسبوك ينشرون 125 منشور يوميًا في المملكة المتحدة، بما في ذلك صور القطط فأنا أعتقد أنه من المستحيل للأجهزة الأمنية فحص تلك الكميات الهائلة من المنشورات التي سوف تحال نسبة منها إليهم".