بيروت - فادي سماحة
انطلاقاً من مبدأ "الحاجة أم الاختراع"، وضع اللبناني جورج بحري تطبيقاً لمساعدة الأشخاص في حالات طارئة لا يمكنهم خلالها الوصول إلى وسيلة اتصال تمكنهم من طلب المساعدة، والنجدة . وبينما كان "بحري" يتهيأ لدخول الجامعة متحفزاً بنجاحه في الشهادة النهائية ما قبل الجامعية (البكالوريا اللبنانية)، ترامى إلى مسامعه اتصال من صديق والده يطلب منه مواكبته بالهاتف الجوال وهو في رحلة انفرادية إلى الصيد في الجبال .
جورج بحري، طالب السنة الأولى في هندسة الكمبيوتر في جامعة "البلمند"، استغرب الاتصال، وسأل والده عما يريده صديقه، ولكن كان تأثره كبيراً عندما علم بأن الصديق يحمل مشاكل صحية في القلب، لكنه يحب الصيد، والتجول في الجبال درجاً على عادته منذ مطلعه . لكنه يخشى أن يصاب بعارض صحي ولا يوجد في تلك النقطة من يمكن أن ينجده نظراً لبعدها وخلوها من الناس .
حقيقة طالما وقعت في كثير من الأحيان، فلطالما تواردت أخبار عن فقدان شخص أو أكثر في أماكن نائية، في الجبال، أو عندما تداهم الثلوج أشخاصا في أعمالهم في البراري أو البساتين النائية، وربما عندما يقوم شباب بمغامرات رياضية اثباتاً لشجاعة أو رجولة، وحتى في بعض الأحيان، حدوث غياب عن الوعي لشخص مقيم في منزل وحيدا، ربما تؤدي إلى وفاته، وفي جميع هذه الحالات وما يشابهها، لا يتمكن الشخص من طلب النجاة لأسباب مختلفة، فيؤذى، وقد تتسبب حادثة بالوفاة .
لم ينم جورج - مواليد 1996- على خبر طلب النجاة المسبقة الاحتياطية من صديق والده، وهو الطالب الطموح القادم إلى الحياة مفعماً بالأمل بتحقيق نجاحات ترفعه مستقبلاً، وتؤمن له حياة فضلى . فكر ما الذي يجب عمله عند حدوث أمر طارئ لشخص في مكان ناء، خصوصاً في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر، وهو يهم بالانخراط فيه، بعد تفكير وتمحيص وإرادة، توصل جورج إلى حل بوضع تطبيق يزود به الهاتف الجوال، يمكن أن ينقذ منقطعاً معرضاً لحادث أو مشكلة .
جورج بحري عرف بنفسه أنه من بلدة كفرشيما في جبل لبنان الجنوبي، ومن سكان مرجعيون في أقاصي الجنوب اللبناني، روى أنه وضع تطبيقاً لهواتف "الأندرويد"، أسماه "أنا لست بخير" (I am not OK)، والتطبيق يتيح للإنسان طلب المساعدة في لحظة لا يستطيع فيها صاحبه الوصول إليه . ويتابع معلقاً أنه "في بعض الأحيان، من الممكن أن يتعرض الإنسان للخطر، فيشغل الإنسان التطبيق الذي يرتكز على مفهوم بسيط وهو تحديد فترة للمنبه المتوافر في كل هاتف، ليعطي فيها إشارة أو إنذاراً، وعندما لا يكون الإنسان بحاجة إليه، يقفل المنبه في الفترات التي يمكن للإنسان فيها أن يصل للهاتف بصورة اعتيادية" .
ويواصل بحري توضيحه للفكرة: "عندما لا يقفل صاحب الهاتف الجهاز، يطلب الجهاز رقما جرى تعريفه إليه بطريقة محددة لهذا الرقم، فيقوم الهاتف، وبصورة آلية، بإرسال رسالة نصية قصيرة مسبقة التجهيز تقول: "أنا لست بخير"، ويظهر على الرسالة القصيرة الموقع الذي يكون فيه صاحب الجهاز بالاعتماد على تقنية .GPRS
وعن بداية الفكرة روى حادثة اتصال صديق والده طالباً المساعدة عند الضرورة وهو في رحلة صيد، وقال "كانت فكرتي ناجمة عن تساؤل لدي عن كيفية أن يتزود شخص بما يمكن أن يطمئنه عن نفسه من خلال الهاتف، في حال وقوعه في مشكلة، ويمكن للهاتف أن يعمل من دون تدخل صاحبه، وعند عجزه عن الوصول إليه وتشغيله" .
سبق لبحري أن اشتغل بتطوير مواقع إلكترونية وتنظيمها، ويذكر أنه بدأ يتعلم هذه التقنية منذ أن كان في نهاية المرحلة التكميلية (البروفيه)، ويقول: "التطبيق الذي وضعته هو في الأساس موقع الكتروني، يعمل وفق حساب معين، وبعد إنجازه أنزلته على "غوغل" لكي يستفيد كل محتاج منه" .
وعن مراحل العمل على التقنية، يقول: التطبيق هو أساس موقع الكتروني، بدأت به من الصفر، وكتبت الإنترفايس (Interface) أي شكل التطبيق، واستعملت التصميم (specification) المتوافر على "غوغل"، واشتغلت على أساسه .
بدأت العمل على التطبيق منذ بداية دخولي الجامعة، واستغرق العمل نحو أربعة أشهر، وكنت أقوم بالعمل عليه في أوقات فراغي، حيث لا توجد دروس ولا امتحانات . نزَّلت التطبيق مطلع العام، وأسعى إلى تطويره لأن الفكرة بسيطة، لكن هناك مجالاً واسعاً لأن تتطور .
لا يبغي بحري الربح من اختراعه، فالاختراع، كما يقول، "يفيدني بإغناء ملفي الشخصي الجامعي منذ السنة الأولى في الجامعة، وعندي مجموعة مشاريع، وبذلك يمكنني أن أجد عملاً بطريقة أسرع . ولا أهدف منه الربح، ومع ذلك وضعت عليه دعايات، لكن المردود الإعلاني قليل، خصوصاً أن الإنسان لا يحتاج إلى تشغيل التطبيق في كل وقت، إنما عند الحاجة فقط" .
ولفت إن التطبيق قد يفيد المرضى المقعدين حيث "يمكن أن يترك الهاتف المزود بالتطبيق مع المريض، في حال اضطر أهله إلى تركه وحيداً في المنزل، فيمكنهم الاطمئنان عليه" .
ويلفت بحري إلى أن "التطبيق لا يزال في بدايته، وهو يحتاج إلى تطوير، وزيادة أمور أخرى تجعله أكثر فاعلية في مختلف الحالات والأحداث الطارئة" .
وأكد إنه يسعى إلى أن يشمل التطبيق هواتف الآيفون قريباً .