معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا

أكدت الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي رزان خليفة المبارك، أن جهود القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة رسمت توجهات الدولة نحو الإستدامة من خلال إطلاقها لرؤية الإمارات لعام 2021، والتي تم وضعها لمواكبة الاتجاهات المستقبلية لسكان الإمارة والتي تتضمن الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وأضافت المبارك - في محاضرة ألقتها في معهد " مصدر للعلوم والتكنولوجيا "، بعنوان "النمو المستدام – تحقيق الرؤية" أنه من الضروري تكريس الجهود لجعل هذه الرؤية حقيقة واقعة، وذلك تماشيًا مع رؤية القيادة في توفير مستقبل مستدام وأكثر إشراقًا للمواطنين والمقيمين ".

وقالت المبارك: "من الضروري أن يتم تسليط الضوء على أهمية التنمية المستدامة لتعزيز وعي الجيل المقبل. فشبابنا هم الوحيدون القادرون على قيادة الجهود واستكمال ما بدأناه لتحقيق استراتيجيات التنمية المستدامة وفقًا لرؤية إمارة أبوظبي".

وشددّت المبارك على أهمية بناء مدن مستدامة لضمان مستقبل أكثر استدامةً بيئيًا، وخاصة أن العالم بات يعاني من محدودية الموارد الطبيعية وارتفاع التكاليف وزيادة مستوى خطورة الانبعاثات والملوثات الناجمة عن الاستهلاك البشري.

وتابعت المبارك قائلة: "إنّ كوكبنا اليوم يعاني من الأثر السلبي الناتج عن العلاقة العكسية التي تربط بين محدودية الموارد الطبيعي والاستهلاك البشري المفرط، الناجم عن الارتفاع في عدد السكان خلال العقود القليلة الماضية والذي أدى إلى تسجيل معدلات مرتفعة في الاستهلاك، حيث لعب ذلك دورًا رئيسيًا في ارتفاع نسبة التلوث والتدهور البيئي".  

وأضافت: "مع بلوغ تعداد السكان العالمي حاليًا أكثر من 7 مليارات نسمة، فنحن بحاجة إلى مساحة تعادل كوكب ونصف كوكب للحفاظ على أسلوب حياتنا، خاصة أن بعض مواردنا الطبيعية قابلة للتجدد ويمكن استرداد معدلاتها الطبيعية في حال قللنا من استهلاكنا لها، بينما بعض الموارد الأخرى غير قابلة للتجدد وهنا تكمن المشكلة الحقيقية. فالعالم اليوم يواجه عددًا من القضايا البيئية العالقة والتي يجب معالجتها واتخاذ إجراءات صارمة إزاء أي مخالفات للحد منها لضمان استدامة النمو السكاني. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان العالم سيصل إلى 9.5 مليار نسمة بحلول عام 2050، وإذا استمرت نفس معدلات الاستهلاك فسنحتاج إلى ما يعادل ثلاثة كواكب للحفاظ على نمط معيشتنا الحالية".

كما نوهت المبارك إلى أهمية بناء مدن مستدامة، حيث توقعت بعض الدراسات انتقال نحو 60 بالمئة من السكان الحاليين إلى مناطق حضرية بحلول عام 2030، ولا شك أن هذه النسبة من التحضر السريع ستضع عبئًا ثقيلًا على مواردنا الطبيعية وعلى الصحة العامة، مؤكدة أن الواقع يفرض علينا ضرورة جعل مدننا أكثر استدامة لتلائم الاحتياجات المعيشية وتتماشى مع متطلبات المستقبل.

وذكرت المبارك أنه تماشيًا مع رؤية الإمارات 2021، أطلقت إمارة أبوظبي رؤيتها الاقتصادية 2030 والرؤية البيئية لإمارة أبوظبي 2030، اللتان تكفلان نموًا اقتصاديًا مدروسًا في الدولة عبر وسائل وحلول قابلة للتطبيق ومستدامة بيئيًا.

كما أثنت المبارك على جهود القيادة الرشيدة في مواجهة وتخطي العقبات عبر إطلاق وتنفيذ العديد من المبادرات، حيث أدى الاستهلاك الكبير للطاقة والمياه في الدولة، في المناخ الصحراوي، إلى ضرورة إيجاد حلول عملية لتنويع مزيج الطاقة فيها. وبحلول عام 2021، تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة للحد من استهلاك الطاقة عبر استخدام الموارد المتجددة، وتنفيذ قوانين بناء مستدامة من خلال برنامج "استدامة".

وأكدت المبارك على ضرورة توفير العناصر التي تحقق المعيشة المستدامة وفصل الاقتصاديات عن أنماط الحياة من أجل بيئة أفضل. وأشارت أيضًا إلى أن المدن ذات الكثافة السكانية المرتفعة بإمكانها توفير فرص لإبراز الكفاءات وإطلاق الابتكارات التكنولوجية، والتي ستساعد في الحد من استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، خاصة أن المدن المستدامة يجب أن توفر لسكانها البيئة المعيشية المناسبة التي تشمل المساحات الخضراء المفتوحة، والطبيعة، وتحافظ على الموروث الثقافي والطبيعي.

واختتمت المبارك محاضرتها قائلةً: "ولأن القضية تمس بشكل مباشر سكان المدن، أصبح من الضروري أن نتيح لهم الفرصة للمساهمة في وضع وتنفيذ استراتيجيات مبتكرة لبناء مدن ذكية تحقق استدامة اجتماعية، واقتصادية، وبيئية، وحضرية في المستقبل".

وجاءت هذه المحاضرة ضمن سلسلة المحاضرات المتميزة التي يستضيفها معهد "مصدر". وكان في استقبال المبارك، الدكتور فريد موفنزاده،  رئيس معهد مصدر، وكذلك الدكتورة لمياء فواز، المديرة التنفيذية للعلاقات العامة في معهد مصدر.

وشهدت هذه المحاضرة حضور كبير من طلاب المعهد وأعضاء هيئة التدريس والموظفين وغيرهم من الجامعات الأخرى، إلى جانب نخبة من ممثلي القطاع الخاص والجهات الحكومية وغير الحكومية.

ويذكر أن سلسلة المحاضرات التي ينظمها معهد "مصدر" تستضيف عددًا من الأكاديميي وقادة الشركات والشخصيات المهتمة بالمجال البيئي، بهدف فتح قنوات التواصل فيما بينهم وتبادل الخبرات خلال الجلسات التفاعلية تماشيًا مع جهودها لدعم التنمية البشرية.