واشنطن ـ يوسف مكي
أطلقت البحرية الأميركية طائرات من دون طيار بتحكم ذاتي، وهي بحجم الطائرة المقاتلة من سفينة حربية للمرة الأولى الأربعاء، وهو تطور يمكن أن يشبه نهاية فيلم "Top Gun" في المهام القتالية الجوية.
الطائرة من دون طيار "X-47B " هي الأولى من نوعها التي تم تصميمها لتجري عمليات على حاملة الطائرات، مما يسمح أن يتم استخدامها في أنحاء العالم دون الحاجة إلى إذن بالإقلاع من
المطارات في بلدان أخرى.
ويقول النقاد أن هناك مخاوف بشأن مدى شرعية ما أطلق عليه "حرب أميركا السرية بالطائرات دون طيار". تتسبب الضربات في مقتل المدنيين على نطاق واسع حول العالم وتعمل فقط من خلال رقابة محدودة.
وبصرف النظر عن قدرتها على الانطلاق من حاملات الطائرات، هناك فرق كبير آخر بين الطائرات من دون طيار والطائرة "X-47B" فهي لا تحتاج إلى أن يقودها جهاز التحكم عن بعد.
بدلاً من ذلك ، يتم التحكم بها من خلال جهاز يسمى " Control Display Unit " الذي يرسل أوامر إلى جهاز كمبيوتر على متن الطائرة وهو قادر على استخدام الذكاء الاصطناعي للتفكير لنفسه، في أوامر تصحيح المسار ورسم اتجاهات جديدة.
ستقوم الطائرات دون طيار بتحديد هدف من قبل الإنسان، على سبيل المثال إذا كان هناك هدف أو قنبلة، ستقوم بعد ذلك بتحويل طريقها إلى هناك باستخدام تكنولوجيا مثل نظام تحديد المواقع، الطيار الآلي وأجهزة الاستشعار لتفادي الاصطدام.
وحذّر النقاد من أن إدخال مثل هذه التقنيات في أنظمة الأسلحة العسكرية هو خطوة نحو تطوير "الروبوتات القاتلة".. ويقول مسؤولو البحرية إن الطائرات من دون طيار ستمنحهم قدرة الاستخبارات والمراقبة والاستهداف على مدار الأربع والعشرين ساعة.
وأقلع النموذج X-47B بنجاح صباح الأربعاء من حاملة الطائرات بالطاقة النووية " USS George H. W. Bush" في المحيط الأطلسي قبالة فيرجينيا وقامت بتنفيذ عمليات اقتراب على نحو منخفض إلى السفينة قبل أن تعود في اتجاه الأرض.
والطائرة التي تم اختبارها ، والتي تم تصميمها وبناؤها من قبل شركة "نورثروب غرومان Northrop Grumman " صانعة الأسلحة ، ليس المقصود استخدامها في العمليات، بدلاً من ذلك ، فإن الجيش يستخدم المعلومات التي تجمعها لتطوير برنامج الطائرات دون طيار.
والقوات البحرية تقوم بتشغيل طائرتين دون طيار بالفعل: الصغيرة ذات التكلفة المنخفضة ScanEagle ، والتي لا تحمل الأسلحة ؛ وطائرة Fire Scout المسلحة ، ولكن شكلها مثل طائرة الهليكوبتر.
ويستخدم كل من الجيش ووكالة المخابرات المركزية طائرات من دون طيار المسلحة " Predator بريداتور" و " Reaper ريبر" في عمليات المراقبة والضربات في أنحاء العالم. ولكن بينما يستخدمها الجيش بصورة روتينية مع القوات في أفغانستان ومناطق الحروب الأخرى ، أجرت وكالة التجسس هجمات متكررة في بلدان لا يوجد بينها وبين الولايات المتحدة حالة حرب رسمية.
وعلى مدى الأعوام الـ 11 الماضية في اليمن، تم الإبلاغ عن مقتل 333 شخصاً، بينهم 47 مدنياً، بينهم طفلان، في ضربات مؤكدة من طائرة أميركية دون طيار، وذلك وفقًا للأرقام التي جمعها مكتب الصحافة الاستقصائية Bureau of Investigative Journalism.
وقتلت 96 هجمة أخرى من الطائرات من دون طيار في البلد الواقع في الشرق الأوسط ما يقرب من 445، بينهم 50 مدنياً و10 أطفال.
وفي الصومال وعلى مدى الأعوام الستة الماضية، تم الإبلاغ عن قتل ما يصل إلى 27 شخصا بواسطة طائرات من دون طيار، وذكر أن ما يصل إلى 15 منهم كانوا من المارة المدنيين.
وفي المناطق الحدودية لباكستان، حيث نفذت الولايات المتحدة أكثر الغارات السرية بطائرات دون طيار، قتلت ما يصل إلى 3533 شخصاً، بما في ذلك 884 مدنياً "197 منهم من الأطفال" ، وقد تم الإبلاغ عن مقتلهم من قبل وكالة المخابرات المركزية عن طريق غارات بطائرات من دون طيار على مدى الأعوام التسعة الماضية مما أثار انتقادات حادة من الحكومة هناك.
وعلى الرغم من بدء هجمات الطائرات دون طيار في ظل إدارة بوش في العام 2004، إلا أن نسبتها صعدت بشكل كبير في عهد الرئيس باراك أوباما . وجادل كبير مستشاري أوباما لمكافحة الإرهاب، جون برينان، أن الولايات المتحدة لها الحق في شن هجمات من جانب واحد على الإرهابيين في أي مكان في العالم.
وقال في مؤتمر في مدرسة هارفارد للقانون العام الماضي"لأننا منخرطون في نزاع مسلح مع تنظيم القاعدة، تتخذ الولايات المتحدة الموقف القانوني وفقا للقانون الدولي، ونحن لدينا السلطة لاتخاذ إجراءات ضد القاعدة والقوات المرتبطة بها، إن الولايات المتحدة لا تنظر إلى سلطتها في استخدام القوة العسكرية ضد تنظيم القاعدة إلا في ساحات القتال "الساخنة" مثل أفغانستان.
ويمكن لطائرة "X-47B" أن تصل إلى ارتفاع أكثر من 40 ألف قدم، لديها مدى لأكثر من 2100 ميل بحري، ويمكن أن تصل إلى سرعات عالية دون سرعة الصوت، وذلك وفقاً للبحرية الأميركية، إنها مستقلة تماماً في الرحلة، وتعتمد على برامج الكمبيوتر لتقول لها إلى أين تذهب إلا إذا كان مشغل المهمة في حاجة إلى التدخل. وهذا يختلف عن الطائرات من دون طيار الأخرى المستخدمة من قبل الجيش، والتي في كثير من الأحيان يتم تجريبها من مواقع بعيدة.
وليس من الواضح بعد ما إذا كانت الطائرة من دون طيار ستكون قادرة على فتح النار دون إذن صريح من وحدة التحكم الخاصة بها. حيث تعهّد البنتاغون في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بأنه لن يستطيع أي روبوت مسلح تحديد موعد مهاجمة البشر.
وجاء هذا الوعد بينما أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تحذيراً من أن "الروبوتات القاتلة " يمكن أن تجد طريقها إلى ساحات القتال في غضون 20 عاماً، أو حتى قبل ذلك.
ودعت المجموعة لفرض حظر استباقي على تطوير واستخدام أي نظم غير مأهولة والتي تحمل الأسلحة وقادرة على تحديد أهداف دون تدخل الإنسان ومشاركته.
هذا الاحتمال ينذر بالخطر وبخاصة في ضوء تزايد المخاوف من أن العلماء يمكن أن يفقدوا السيطرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي القائم على الحاسوب. حتى أن جامعة كامبردج فتحت مركزاً للأكاديميين البارزين لدراسة التهديدات التي من المحتمل أن تواجهها البشرية إذا ما خرجت هذه الأجهزة عن السيطرة.
وقال مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش، ستيف غوس، "تُظهر اختبارات اليوم أن هناك اتجاها يتزايد نحو أن الحكم الذاتي ليس أمراً يمكن توقيفه، وبالنسبة لنا، فإن السؤال هو أين ترسم الخط الفاصل؟ ونحن نقول إنه يحتاج إلى رسم الخط عندما يكون لديك نظام مستقل تماماً يتم تسليحه ".
وأضاف "نحن نقول يجب أن تكون هناك سيطرة بشرية على قرارات ذات مغزى في ساحة المعركة بشأن من الذي يعيش ومن يموت. والذي لا ينبغي أن يترك لنظام الأسلحة نفسه ".
وحتى الآن لم يتم تجهيز الطائرة بالأجهزة العسكرية، ولكن تم تصميم مساحة واسعة لاستيعاب القنابل ومعدات المراقبة. ولعدم وجود طيار ، فليس هناك حاجة إلى وضع معدات لدعم الحياة وغيرها من الضروريات التي كان البشر يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة في الارتفاعات العالية، مما يعطيها مساحة تصل إلى قنبلتين حجم كل منهما 2000 رطل.
وقبل أن تصبح الطائرات من دون طيار أمراً مألوفًاً على الجيش يجب إثبات أنها يمكن أن تعمل في ظروف قاسية من على متن حاملة طائرات في البحر.
وتستخدم الطائرة المنجنيق لإطلاق البخار، تماماً مثل الطائرة الحربية التقليدية في البحرية، في حين أن الطائرة لم تهبط بعد على حاملة الطائرات، حيث تخطط القوات البحرية لإجراء تلك الاختبارات في وقت قريب، ويُعتبر الهبوط على حاملة الطائرات المتحركة واحدة من أصعب التحديات البحرية التي يواجهها الطيارون.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، نفّذت البحرية بنجاح هبوطاً في المحطة الجوية، حيث استخدمت "X-47B "باستخدام tailhook على متن الطائرة لاصطياد كابل وتوقفت فجأة، مثلما تفعل الطائرات عند الهبوط على الحاملات.
وفي السنة المالية للعام 2014، تُخطط القوات البحرية لإثبات أن الطائرة X-47B يمكن تزويدها بالوقود في الجو.
وتكلفة البرنامج هو 1.4 مليار دولار على مدى ثمانية أعوام وستوفر الطائرة X-47C حمولة أكبر من 10 آلاف طن وعرض 172 قدماً.