دبي - صوت الإمارات
تجسد استضافة الإمارات لحوار أبوظبي للفضاء، الذي ينطلق تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يوم 5 ديسمبر الجاري ويستمر ليومين، اهتمام الدولة بقطاع الفضاء ورؤية قيادة الدولة في بناء اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار والتكنولوجيا والعلوم المتقدمة، وقادت الرؤى الاستشرافية لقيادة الإمارات والكفاءات الوطنية تقودان الدولة إلى نادي الكبار في قطاع الفضاء.
ولم يكن تحقيق الإمارات لنجاحاتها الكبيرة في قطاع الفضاء خلال السنوات القليلة الماضية، وليد صدفة أو دون عمل دؤوب ووجود خطط استشرافية، تصل في آفاقها الزمنية لمئة عام من الآن، مثل مشروع «المريخ 2117»، بل كان بسبب «رؤية وطنية» رسخها قادة الإمارات، ووُجدت لتضع الدولة في مكانتها التي تستحق بين اللاعبين الكبار عالمياً، خاصة وأن لديها من الإنجازات، ما يجعلها شريكاً مهماً للدول المتقدمة في هذا الشأن، ورغم حداثة تكوين هذا القطاع، إلا أنه يسير بخطوات متسارعة وممنهجة.
بدايات مُلهمة
وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، سبّاقاً في رؤيته التي رسخت أرضاً صلبة للنجاحات الحالية في قطاع الفضاء، وذلك حينما اجتمع مع مسؤولي رحلة أبولو 15 من وكالة ناسا في عام 1974، حيث كان الوالد المؤسس صاحب رؤية واضحة في هذا المجال، لتتوالى بعدها الأبحاث والمراكز المتخصصة بهذا الشأن، فيما كان هذا اللقاء حافزاً لتوجيه اهتمام الإمارات بالفضاء، ما أدى إلى بداية قطاع وطني لاحقاً، عبر تأسيس شركة الثريا للاتصالات في 1997، وشركة الياه للاتصالات الفضائية «ياه سات» بعد عشر سنوات في عام 2007، حيث وضع ذلك الاجتماع الأساس لما حققته الإمارات اليوم.
وعلى هذا النهج سار قادة الإمارات عبر تعزيز تعاون وشراكات الدولة ومؤسساتها في هذا القطاع، مع كثير من دول العالم المعنية وعلى كافة المستويات سواء كانت الاقتصادية أو المعرفية والبحثية، فيما مهدت تلك الجهود الطريق لتعظيم أثر «دبلوماسية الفضاء» الإماراتية، والتي انتهجها قادة الإمارات منهج عمل، والتي آتت ثمارها على مستوى تقليل تكلفة المشروعات الوطنية، فضلاً عن استقطاب الشركات العالمية المتخصصة في صناعات هذا القطاع. ومهدت «دبلوماسية الفضاء الإماراتية» التي رسختها القيادة الرشيدة نهجاً، الطريق لاستقطاب أفضل الشركات المتخصصة في هذا القطاع عالمياً وبدء مشروعاتها وخططها في الدولة، الأمر الذي يعزز تعظيم استفادة الشركات الوطنية، وزيادة خبراتها والتعاون مع هذه الشركات العالمية الموجودة على أرض الدولة.
مؤسسات وطنية
وتأكيداً لهذا النهج فقد أبرمت «وكالة الإمارات للفضاء» خلال السنوات القليلة الماضية، اتفاقات وشراكات ومذكرات تفاهم كثيرة تجاوزت في عددها المئات، حيث عقدت الوكالة لوحدها أكثر من 50 شراكة مع وكالات فضاء إقليمية ودولية، وأكثر من 30 مذكرة تفاهم واتفاقات مع جهات خارجية ومحلية خلال 6 سنوات بعد إنشائها في 2014، و في مقدمتها وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، وصولاً إلى الهندية والأوروبية وغيرها الكثير.
جهود ضخمة
وجاء فوز الإمارات مؤخراً برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، تتويجاً لمجهودات كبيرة بذلتها الدولة طوال سنوات مضت، وانعكاساً مباشراً لقوة «دبلوماسية الفضاء» الإماراتية، التي انتهجتها القيادة الرشيدة من حيث تسهيل عقد الاتفاقات الدولية، وضمان الالتزام بالمعاهدات الدولية، ومن ثمّ التأسيس لنجاح دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا والمعرفة، التي رسختها الدولة في علاقاتها الخارجية المختلفة.
وتشكل الكوادر والكفاءات الوطنية حجر أساس في وضع الإمارات ضمن الصفوف الأولى للدول المتقدمة في مجال الفضاء، حيث يقدر عدد العاملين في القطاع حالياً بأكثر من 3100 شخص بين مهندسين وعلماء وباحثين وتقنيين وخبراء ومتخصصين، كان لهم عظيم الأثر في النجاحات الكبيرة للمشروعات الإماراتية، والتي أصبحت تُنجز بأيادٍ وطنية 100%، فيما توجد 5 مراكز بحثية وبرامج جامعية في العلوم الفضائية، تسهم بتخريج الكوادر المؤهلة لقيادة القطاع نحو المزيد من التطور.
بيئة داعمة
وأصبحت الإمارات خلال سنوات قليلة، بيئة حيوية داعمة لرواد الأعمال والمشاريع الناشئة الوطنية والمحلية في قطاع الفضاء، وحاضنة نمو نوعي للعديد من الأفكار المبتكرة لتأسيس شركات محلية ناشئة، والتي أصبحت تضم أكثر من 20 مشروعاً ناشئاً باستثمارات واعدة في قطاع الفضاء والصناعات والتقنيات المرتبطة به.
وكما أسهمت مشروعات مثل مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، و«مهمة الإمارات لاستكشاف القمر»، بالإضافة إلى تصنيع الأقمار الاصطناعية، في كونها أصبحت حاضنة للكوادر الوطنية، يأتي «مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات»، المهمة الفضائية الأكبر في تاريخ دولة الإمارات، والتي تستهدف إطلاق المركبة الفضائية الأولى عربياً والرابعة عالمياً إلى حزام الكويكبات عام 2028.
قد يهمك ايضاً