إيلون ماسك أثناء حديثه في المؤتمر

كشف رئيس سبيس إكس إيلون ماسك عن مشروعه المتمثل في نظام نقل بين الكواكب، والذي سيعمل على نقل الأشخاص إلى المريخ خلال 80 يومًا وبناء مستعمرة بشرية من مليون شخص. وأوضح في المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية في المكسيك، قائلًا "إن ما يريد تحقيقه هو جعل المريخ يبدو ممكنًا للذهاب وبدء حياة فيه، واعتقد أن الرحلات الأولى ستكون خطيرة"، مشيرًا إلى أن خطر الوفيات سيكون مرتفعًا، وأنه لن ينافس ليكون أول رجل على سطح المريخ، وأن خطر الموت سيكون مرتفعًا جدا.

وأضاف "بالتأكيد أود الذهاب إلى المدار وزيارة محطة الفضاء والذهاب إلى المريخ، لكني أريد التأكد عما إذا كان هناك شيء خاطئ بحيث تكون هناك خطة للخلافة، ويتولى المستثمرون أمر الشركة وهذا هو خوفي الأكبر"، وأوضح أن الشيء الأهم يكمن في عمل حضارة مكتفية ذاتيًا على سطح المريخ في أسرع وقت ممكن، ويختلف ذلك عن أبوللو، ويتعلق  بتقليل الأخطار الوجودية ووجود شعور هائل بالمغامرة.

وأعلن ماسك عن خطته لإنشاء أسطول مكوك فضائي ضخم يستوعب 100 شخص في المرة الواحدة وينقلهم إلى المريخ مقابل 200 ألف دولار للرحلة، محذرًا من أن التاريخ يقترح أنه سيكون هناك بعض أحداث الانقراض على الأرض، وأضاف "المسار الأول هو أن نبقى على الأرض للأبد وسيكون هناك بعض أحداث الانقراض في نهاية المطاف، ولكن ليس لدي نبوءة يوم القيامة، والمسار الآخر هو التنقل والطيران في الفضاء، وأعتقد أن البعض يرى أن هذا هو الطريق الصحيح وهذا ما نريده".

ويأمل ماسك في إنشاء مدينة مكتفية ذاتيا على سطح الكوكب الأحمر من مليون شخص، مشيرًا إلى أنه لا توجد خيارات حقيقية أخرى سوى المريخ، وأضاف "يمكن أن تنمو النباتات على سطح المريخ عن طريق ضغط الغلاف الجوي، وسيكون الأمر مرحا حيث أن الجاذبية هي ثلث ما هي عليه على الأرض"، وأفاد ماسك أن نظام النقل بين الكواكب سيستخدم صاروخ عملاق بقطر 12 متر ومكوك خاص بقطر 17 مترًا ما يجعل الصاروخ بأسره بارتفاع 122 متر، ويضم الصاروخ 49 من محركات رابتور، ويأمل ماسك في أن تطير أول مركبة اختبار في غضون 4 سنوات فقط. وتابع ماسك " زمن الرحلة منخفض يصل إلى 80 يومًا وفي المستقبل غير البعيد يمكن تخفيض زمن الرحلة إلى 30 يوما". ووعد ماسك أن تضم المركبة مطاعم وألعاب الجاذبية الصفرية للمساعدة في تحمل الرحلة. وواصل "سيكون الأمر مرحا وستحب الذهاب، نحن في حاجة إلى الذهاب في بعثات استكشافية لبناء مدينة".

وتعهد ماسك بجعل سعر الرحلة إلى المريخ بنفس سعر المنزل بقيمة 200 ألف دولار، وأضاف "نعتقد أن إمكانية تخفيض المبلغ إلى 100 ألف دولار، من الواضح أنه سيكون تحديًا لتمويل هذا، أعتقد أنه ممكنا وأن الدعم سيساعد في الأمر، والسبب الرئيسي هو أنني أحسب الأصول من أجل التمويل"، وزعم ماسك أن الكوكبين متماثلين، متابعًا " إنهما قريبان بشكل ملحوظ بعدة طرق، ونعتقد أن المريخ في وقت مبكر كان مثل الأرض، وإذا استطعنا تدفئة المريخ سيكون لدينا جو كثيف ومحيطات سائلة، وضوء شمس لائق وقليل من البرد ولكن يمكننا تدفئته، ولديه جو مفيد للغاية ما يعني إمكانية نمو النباتات على سطح المريخ عن طريق ضغط الغلاف الجوي".

وأوضح ماسك أن هذا النظام يمكن استخدامه لتوصيل البضائع أيضا قائلًا "يمكننا نقل البضائع إلى أي مكان على وجه الأرض في 45 دقيقة وتستغرق معظم الأماكن 20-25 دقيقة، وربما لو كان لدينا منصة عائمة خارج نيويورك على سبيل المثال فيمكن عبور المحيط الأطلسي في 10 دقائق، إذا سارت الأمور بشكل جيد يمكننا الذهاب إلى المريخ في غضون 10 سنوات، وسوف نبذل قصارى جهدنا"، ويتم إطلاق الصواريخ العملاقة من قاعدة كيب كانافيرال ثم إطلاق الكبسول عند المدار حيث يتم توقيف المركبة لانتظار التزود بالوقود من أجل الرحلة إلى المريخ، وستعود المركبة إلى الأرض لالتقاط خزان الوقود للمكوك وتوفير المال عند الإطلاق ثم تنطلق المركبة مرة أخرى للالتقاء مع المكوك مرة أخرى، ويتم تكرار هذه العملية من 305 مرات لإعادة ملئ خزانات الوقود وأخذ البضائع، وعند الوصول إلى المريخ وسيصنع المكوك غاز الميثان لرحلة العودة، وفي الطريق إلى المريخ تنتشر الألواح الشمسية لنشر الطاقة للمكوك وأخذه إلى الكوكب الأحمر بسرعة تزيد عن 100 ألف كيلومتر/ الساعة.

وتهبط المركبة إلى المريخ بشكل أفقي ما يسمح باستئناف الرحلة بسهولة عند جمع ما يكفي من الوقود، ويضيف ماسك " ما يوضحه الفيديو هو ما سنبنيه"، ويخطط ماسك لإرسال أساطيل من المركبات إلى الكوكب الأحمر والعودة مرة أخرى إلى الأرض، وعندما سُئل ماسك عما إذا كان يخطط لبناء مرحاض أجاب " الشيء الرئيسي عن المريخ  هو الطاقة، وأن هناك المزيد من المياه، والأمر يتعلق بالحصول على الألواح الشمسية هناك"، وبشأن أول الزوار، أكد أن الرحلات الأولى ستكون خطيرة جدا لذلك لا أقترح إرسال الأطفال ويجب أن يكون الناس على استعداد للموت، وهناك بعض المخاطر من الإشعاع لكنها ليست قاتلة، وأنت في حاجة للحماية من التوهجات الشمسية، وبمرور الوقت يمكن بناء مجال مغناطيسي اصطناعي لصرفها.

واعترف ماسك أنه ليس لديه خطط لبناء المدينة، وأوضح أن الهدف الرئيسي لشركة يبيس إكس هو بناء نظام نقل، مشيرًا إلى أنه عند بناؤه ستكون هناك فرصة هائلة لخلق شيء جديد وبناء كل شيء بداية من المصافي الحديد إلى أول بيترا، وأضاف "هدفنا هو توصيلك إلى هناك، ومن المهم أيضا إعطاء الناس خيار العودة، وستحصل على رحلة للعودة مجانا، على الأرض يمكنك الذهاب إلى أي مكان في 24 ساعة وليس هناك حدود مادية ولكن الفضاء هو هذه الحدود".

وبيّن ماسك أنه يأمل في أن يستطيع أي شخص القيام بهذه الرحلة، مضيفًا " ربما تحتاج بضعة أيام من التدريب، ولجعل هذا الشيء يعمل سيكون استثمار بقيمة 10 بليون دولار تقريبا"، وأثار ماسك فكرة السفر بين النجوم في المستقبل قائلَا " الشيء الرئيسي هو إنشاء قاعدة على سطح المريخ وهو ما يؤدي بنا إلى السفر بين النجوم"، وأشار برنامج المؤتمر إلى أن ماسك سيناقش التحديات التقنية طويلة الأجل التي تحتاج إلى حل لدعم إنشاء مدينة بشرية مكتفية ذاتيا، وتخطط شركة سبيس إكس لإرسال كبسول دراغون للبضائع إلى المريخ في وقت مبكر من عام 2018، ما يمهد الطريق لإرسال بعثات بشرية تغادر الأرض عام 2024 وتصل إلى الكوكب الأحمر العام التالي، إلا أن الخبراء يشككون في جدوى الرحلة.

ويعد الوصول إلى المريخ الذي يبعد عن الأرض بمقدار 140 مليون ميلا في المتوسط والعيش هناك عملا يتطلب انجازات هندسية وميزانية ضخمة، وأفاد جون لوغسدون المدير السابق لمعهد السياسة الفضائية في جامعة جورج واشنطن أنه " من غير المحتمل أن يستطع ماسك إحضار البشر إلى المريخ بحلول عام 2025"، مشيرًا إلى توقع ماسك الخاطئ لإطلاق صواريخ سبيس إكس في الماضي، وأنه على الشركة أن تتعاون مع وكالة الفضاء الدولية لتحمل مثل هذه المهمة، وأضاف لوغدسون "خلاصة القول هي التكلفة أنت تتحدث عن عشرات المليارات من الدولارات، وسبيس إكس ليس لديها هذا النوع من المال، وفي حين أن الجدول الزمني لماسك طموح للغاية إلا أنه من المثير وجود شخص بهذه الرؤية، ونحن متحمسون لنرى ما في ذهنه وما إذا كان يمكنه تقديم حجة مقنعة".

وصممت شركة سبيس اكس بالفعل الصاروخ فالكون الذي يمكنه إرسال البشر للكوكب الأحمر، كما أعلنت وكالة ناسا الفضائية عن خطتها لإرسال البشر إلى المريخ بحلول 2030، وأوضح جين ورنر مدير وكالة الفضاء الأوروبية في مؤتمر صحافي الأثنين أنه يمكن بناء قريه بحثيه على القمر لتكون بمثابة نقطة انطلاق لبعثات المريخ، مضيفا " يعني الذهاب للمريخ استخدام الموارد هناك وهذا ما يمكن اختباره على القمر أيضا".

وتخطط سبيس اكس لإطلاق الصاروخ بطول 70 مترًا والذي لديه قوة إقلاغ تعادل 18 طائرة بوينغ 747 في وقت لاحق هذا العام، وتعرضت سبيس اكس لانتكاسة في أول سبتمبر/ أيلول عندما انفجر صاروخ فالكون9 الصغير على منصة الإطلاق خلال اختبار في ولاية فلوريدا ودمر قمر صناعي خطط الفيسبوك لاستخدامه لتوصيل انترنت عالي السرعة لأفريقيا، إلا أن الشركة سجلت 18 إطلاق ناجح لفالكون9، ونجحت الشركة في هبوط صاروخ عمودي بنجاح 4 مرات ما يمثل انجازًا رئيسيًا لهدف الشركة في إنتاج صواريخ يمكن إعادة استخدامها بدلا من إلقاء أجزائها في المحيط عند الانطلاق، واختبرت الشركة أحد محركات رابتور التي تستخدمها لنقل رواد الفضاء إلى المريخ، ويعد محرك الصاروخ أقوى 3 مرات من محرك صاروخ فالكون9، ويمكن استخدامه لإطلاقه مركبة فضائية مأهولة من الأرض.

وأوضح ماسك أن الصاروخ يمكنه إنتاج قوة دافعة بمقدار 690 ألف lbs خلال 382 ثانية، ويأتي المحرك مدعم بغاز الميثان والأكسجين باعتباره أكثر نظافة بدلا من الكيروسين المستخدم في محركات  صاروخ فالكون9، ونشر ماسك صورة على تويتر توضح العادم المتصاعد من المحرك عند الاختبار في مرفق اختبار صاروخ مكجريغور في تكساس، وأوضحت سبيس اكس أنه يمكن الحصول على غاز الميثان من البالوعات الطبيعية على سطح المريخ للتزود بالوقود قبل بعثات العودة، وأفاد مايك في وقت سابق من هذا الشهر أن نظام النقل للمريخ الذي سيحمل رواد الفضاء إلى الكوكب الأحمر بحلول عام 2020 يمكن أن يكون له قدرات في مكان آخر من النظام الشمسي، وأطلقت سبيس اكس حاليا اسم نظام النقل بين الكواكب Interplanetary Transport System على المركبة الفضائية.

ومن المقرر أن يكشف ماسك مزيدًا من التفاصيل عن المركبة الفضائية في المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية في وقت لاحق من هذا الشهر، وعندما أعلنت سبيس اكس عن أول محرك رابتور لها عام 2010 كان من المتوقع استخدام 9 منها لرفع المركبة الثقيلة فالكون اكس إلى المدار، وتطورت خطط الشركة منذ ذلك الحين ويتوقع استخدامها كجزء من نظام النقل بين الكواكب، وتختبر الشركة أيضا طاقم مركبات دراغون2 لاستخدامها في بعثات إلى المريخ، ويأتي الاختبار بعد 3 أسابيع من فقدان سبيس اكس لأحد صواريخ فالكون9 وقمر صناعي تكلفته 200 مليون دولار كان يحمله في انفجار على منصة الإطلاق في قاعدة كيب كانافيرال الجوية في ولاية فلوريدا، وتم الكشف عن خطأ كبير في نظام تبريد الهليوم قبل لحظات من الإطلاق ما أدى إلى تحطيم منصة الإطلاق في الانفجار.