الصحابية عاتكة بنت زيد زوجة الشهداء


لم تكن قصص الحب في زمن الصحابة أمرا غريبا، فكما أحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم زوجته السيدة عائشة، كانت هناك قصص حب أيضا للصحابة، وأشهرها حب الإمام علي بن أبي طالب لفاطمة الزهراء بنت النبي، وهناك من اجتمع على حبها عدد من الصحابة، وهي الصحابية الجليلة عاتكة بنت زيد والتي لقبت بـ"زوجة الشهداء".

من هي زوجة الشهداء؟

هي عاتكة بنت زيد العدوية القرشية، أخت الصحابي سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، وابنة عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأسلمت عاتكة في مكة ثم هاجرت إلى المدينة.

عرف عن عاتكة فصاحتها وبلاغتها، حيث كانت شاعرة، وحافظة للقرآن الكريم.

تزوجت أربعة من الصحابة وجميعهم استشهدوا  

"من أراد الشهادة فليتزوج من عاتكة بنت نفيل"، هكذا قيل عن عاتكة التي تزوجت من أربعة من الصحابة، واستشهدوا جميعا.

كان عبد الله بن أبي بكر أول أزواج عاتكة بنت زيد، حيث رآها وهي بصحبة شقيقها سعيد بن زيد، فملكت قلبه، فتزوجها، وذات يوم لاحظ أبو بكر الصديق أن عبد الله لم يخرج لصلاة الجمعة بسبب انشغاله بحب عاتكة، وعندما عاد أبو بكر من صلاة الجمعة نادي على ابنه وسأله يا عبد الله أصليت جماعة؟ فقال عبد الله أو صلى الناس؟ فقال أبو بكر نعم، لقد شغلتك عاتكة عن الصلاة والتجارة والمعاش يا عبد الله فطلقها".

وبالفعل طلق عبد الله زوجته عاتكة، استجابة لوالده، ولأنه أدرك مدى تقصيره في العبادات والواجبات، ولكن لم تنته القصة بذلك، فعبد الله كان متعلقا بها، وعندما سمعه أبو بكر يوما يقول شعرا يعبر به عن حزنه بسبب طلاق عاتكة، فطلب منه أن يردها، ولم يكذب عبد الله خبرا فذهب إليها فرحا وردها، وعاشا حياة سعيدة سويا حتى استشهد عبد الله بعد أن رمي بسهم في الطائف.

رثت عاتكة أول شهيد من أزواجها قائلة "فلله عينـا من رأى مثـله فتـى.. أكر وأحمى في الهياج وأصبرا.. إذا شـرعت فيـه الأسنة خاضها .. إلى الموت حتى يترك الرمح أحمرا".

وبعد استشهاد عبد الله بن أبي بكر تزوجت عائكة من ابن عمها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولكنه استشهد حيث اغتاله في المسجد أبو لؤلؤة المجوسي ويقال له فيروز النهاوندي، فرثته زوجته عاتكة قائلة "وفجعني فيروز لا در دره.. بتالي الكتاب في الظلام منيب".

وبعد استشهاد عمر بن الخطاب تزوجت عاتكة من الزبير بن العوام ولكنه استشهد أيضا حيث قتله رجل اسمه عمرو بن جرموز غدرا وهو يصلي في نهاية موقعة الجمل، فرثته عاتكة قائلة "غدر ابن جرموز بفارس بهمـة .. يوم اللقا و كان غير معـرد .. شلـت يمينك إن قتلت لمسلما ..حلت عليك عقوبة المستشـهد".

وبعد استشهاد الزبير وانقضاء عدتها تقدم لخطبتها علي بن أبي طالب ولكنها قالت له "إني لا أضن بك يا بن عم رسول الله عن القتل"، فرجع علي عن طلبه، ثم تزوجها الحسين بن علي بن أبي طالب، حتى قتل في كربلاء فرثته ولعنت قاتله قائلة "وحسيناً فلا نسيت حسينا .. أقصــدته أسنة الأعــداء.. غــادروه بكربلاء صريعاً .. جادت المزن في ذرى كربلاء".

وفاتها

توفيت عاتكة في عام 40 هجرية، في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان، بعد أن تزوجت أربعة من الصحابة ثم استشهدوا جميعا وكان آخرهم الحسين بن علي بن أبي طالب.