القاهرة ـ صوت الإمارات
بحب ماما أكتر م الشوكولاتة "
الجملة السابقة ، وجدتها أختي في كشكول طفلها الخاص بالتلوين ..ياسين ذي السبع سنوات و نصف الذي غالبًا لا يعبر عن مشاعره بسهولة ، بدأ يكتب مذكراته مرّة بالرسم و مرّة من خلال بعض الكلمات البسيطة .. التي تعبر أحيانًا عن غضبه من أخوته ، وواجبات المدرسة ، حزنه على فراق القط مشمش ، و تقديره لـ"ماما".. مع رغبته الدائمة في الحفاظ عليها بشكل سري بعيدًا عن اﻷنظار.
هل تتخيلين أن يبدأ طفلك في كتابة يومياته ، مذكراته أو خواطر خاصة بما يحدث له يوميًا ؟
ويا تري ماذا يمكن أن تجدين بها ،وكيف تتعاملين مع هواجس ،و أفكار طفلك المكتوبة من خلالها ؟
عندما كنت في سنّ ياسين وحتي اﻵن ، و أنا معتادة على كتابة ما أشعر به تجاه كل شئ حولي في ورقة أو كشكول سري للغاية .. وعندما اكتشفت والدتي هذا اﻷمر في المرحلة الثانوية ، تصرفت كأنها لم تعلم شيئًا، و بدأت من وقت ﻷخر في مناقشتي، و التحدث معي فيما قرأته ..
مذكرات اﻷطفال ..شئ لا يستهان به ، بجانب إحساسك بالفرحة و القلق و المفاجأة من أن طفلك الصغير بدأ يعبر عن نفسه، و يفكّر فيما يحدث حوله .. فهذه المذكرات تعطيكِ إشارات للتعامل مع طفلك، و سلوكه، باﻹضافة لتطوره العاطفي و الاجتماعي .
[ اقرأي أيضَا : كيف تتعاملين مع طفلك الحساس ؟]
وعندما سألت بعض اﻷمهات اﻷسئلة السابقة كانت إجابتهن كاﻵتي :
أول مرّة أشعر بالتقصير تجاه طفلي .. هكذا قالت مروة : أم لطفل صغير في الصف الثالث الابتدائي عندما وجدته يكتب في كشكول الواجب "يارب ماما تحبني أكتر من الشغل" مروة أم عاملة ناجحة في مجالها، ولكن كانت الجملة السابقة في كشكول طفلها كفيلة بإعادة حسابتها تجاه وقت العمل ،ووقت اﻷسرة ..دون أن تكشف لطفلها أنها علمت بسرّه الكبير في الكشكول .
أما مي : فكانت دائمًا تتعامل مع طفلها اﻷكبر باعتبارأنه اﻷخ الكبير الذي عليه مسئولية رعاية شقيقه اﻷصغر في المدرسة.. ويوم رأت ما كتبه طفلها " يارب ممكن في عيد ميلادي أخويا يكبر وأنا ﻷ" و كانت هذه العبارة كافية لتفهم أنّه ملّ من المعاملة كونه الطفل الكبير دائمًا .. وكان عليها بعد ذلك أن تتركه يعيش طفولته دون مسئوليات سابقة لسنة . [اقرأي أيضًا : متلازمة الطفل اﻷوسط ،هل سمعتِ عنها ؟]
في حالة إيمان ، طفلتها هي من شاركتها مذكراتها ..فكما تقول ، فوجئت بابنتي ذي الثماني سنوات تجري إليّ وهي تصيح "يا ماما يا ماما ربنا حققلي أمنيتي ، الجيران مشيوا خلاص".. لم أفهم في البداية عن ماذا تتحدث فقد كان جيراننا يحزمون أمتعتهم للرحيل بالفعل ، ولكنها أحضرت نوتة صغيرة ،و جعلتي اقرأ كانت قد دونت بها رغبتها في أن يذهب جيراننا بعيدًا ﻷن لديهم كلب مزعج ، يخيفها في الصباح ،و أنها لن تقول لماما ﻷن ماما تخشي الكلاب أيضًا !
وتستكمل إيمان .. انبهرت أن صغيرتي بدأت تدون مشاعرها بالكتابة ،و تأثرت كونها تخاف عليّ، و تلاحظ كل شئ خاص بيّ ربما في زحام اليوم لم ألاحظ أنا خوفها من نباح كلب الجيران ،أو انزعاجها منه صباحًا أثناء الذهاب للمدرسة .
والطريف في مذكرات شادي ذي الـ10 سنوات ، أن والدته عزة فوجئت بحب صغيرها لصديقته في النادي .. بل و فسرت سبب خسارته في سباق السباحة اﻷخير، ﻷنه تعمد أن يجعلها تسبقه لتفوز هذه المرّة ..
مشاعر مختلطة انتابت عزة ، ولكنها حفظت سر صغيرها، وبدأت تراقب تصرفاته عن كثب..ربما تحمل المذكرات تفاصيل أكثر تشويقًا.. ويظل أكثر إحساس شعرت به عزة هو أن صغيرها يكبر سريعًا ..أسرع مما تتخيل .
واﻵن .. لاحظنا أن كل اﻷمهات أشتركن في شئ واحد وهو الحفاظ على سرّ رؤية مذكرات أطفالهن ، وتغير طريقة التعامل معهم بناءً على ما قرأنه.من
احتواء الموقف، و عدم التسفيه من طفلك أو السخرية مما يكتبه، سيجعله يكتسب ثقتك، و يثق في نفسه ، بينما العكس سيجعله يبتعد عنكِ ويخفي أسراره في مكان حصين وربما سيزيد ذلك الفجوة بينكما .
شجعي طفلك على التعبير عن نفسه سواء بالرسم أو الكتابة ، اجعليه يحتفظ ببعض اﻷسرار الصغيرة .. تحدثي معه من وقت ﻷخر عما يشعر به ،و مخاوفه و أحلامه، و أصدقائه ، سيجعله ذلك شخصية مستقلة معتمدة على نفسها، و أكثر إتزانًا عندما يمرّ بمرحلة المراهقة .
راجعي سلوكك مع طفلك ، طريقة التربية المتبعة بينكما، و لا تتجاهلي أبدًا خواطره الخاصة باﻷسرة و اﻹخوة .
وأخيرًا .. عندما يصرح لكِ طفلك بمذكراته الصغيرة ، لا تفاجئيه بأنكِ عرفتِ أو اكتشفتِ ذلك من قبل .. تعاملي معه أنكِ تعرفين لأول مرة حتي لا تضعيه في موقف محرج ،و يجعله يأخذ خطوة للخلف في علاقتكما .