تنمية إحساس القناعة لدى طفلك


مؤخراً أصبحت أشعر بالشفقة على كلاً من الأطفال والأمهات والآباء بسبب كم المغريات التي يتعرض لها الأبناء كل يوم من منتجات تمتلىء بها أرفف السوبر ماركت أو فقرات إعلانية لمنتجات مختلفة كفيلة بإسالة لعاب أي طفل عليها، وبإرهاق ميزانية أي أسرة عادية، وكنتيجة طبيعية لذلك..

فجمل مثل «أريد لعبة مثل لعبة صديقي»، أو «أود تناول طعام من المطعم الفلاني».. أصبحت عادية ومتكررة في الكثير من المنازل، والحقيقة أن العائق المادي ليس هو المشكلة الوحيدة في ذلك، فتلبية جميع رغبات الطفل باستمرار قد ينتج عنها شخص مدلل، قدرته على تحديد الأولويات محدودة وقد يصل الأمر لشخص أناني.

ولأنكِ لا تستطيعي عزل أطفالك عما حولهم، أو منعهم من مشاهدة ما يتم إعلانه عبر شاشات التلفاز والإنترنت، فالحل هو إعطاء أبنائك كنز لا يفنى، ألا وهو «القناعة»، فغرس قيمة رائعة كـ«القناعة» في الأبناء أمر ضروري لبناء أشخاص أسوياء متصالحين مع أنفسهم والظروف المحيطة بهم.

تعالي لنرى سوياً في السطور القادمة بعض الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار لتعزيز مفهوم القناعة عند أطفالك.

أنتِ قدوة:

تذكري دائماً أن الوالدين هم القدوة الثابته أمام الأبناء طوال الوقت، ولكي ينشأوا قانوعين.. يجب أن يروا من حولهم كذلك، فلكي تطلبي منهم ألا يقارنوا أنفسهم بأقرانهم.. فيجب عليكِ أنتِ أولاً أن تتوقفي عن مقارنتهم بغيرهم، كذلك لا يمكن أن ينشأ شخص قنوع في ظل بيت دائم الشكوى سواء من الأم أو الأب، فتوقفي عن ابداء عدم رضاك عن أحوالك، حتى وإن كنتِ تحت ضغط ما، فيجب ألا يظهر ذلك أمام الأطفال. 

[اقرأي أيضا : كيف تنمين الحس الاجتماعي لدي الأطفال؟]

عززي ثقتهم بأنفسهم:

دائماً ما يكون هناك تناسباً طردياً بين مقدار الثقة بالنفس والقناعة، وذلك لأن الإنسان الغير واثق من نفسه عادة ما يبحث على مكملات لتعويض ذلك الإحساس بالنقص، مما يجعله غير راضي دائماً على ما يملك، لذا عليكِ دائماً تنمية مفهوم الذات عند أبنائك والتأكيد أن الإنسان ليس بما يملك من أشياء، ولكن بما يستطيع أن يحقق من نجاح في الحياة، سواء في الدراسة أو الرياضة أو حتى في تعامله مع الناس، فكلما كان تقدير الطفل لنفسه إيجابي سيكون أكثر قناعة.

شجعيهم على الانخراط في الأنشطة الاجتماعية:

أتذكر أنني أثناء طفولتي كانت المدرسة تنظم أنشطة لجمع الملابس والأدوات المدرسية التي لم تعد مستخدمة لدينا، ثم التبرع بها لأحد الجهات الخيرية، وفي المرحلة الإعدادية كانت هناك رحلات تنظم لزيارة دور الأيتام ومدارس المكفوفين، وأتذكر أيضا كم كان لمثل هذه الأنشطة عظيم الأثر علينا لجعلنا أشخاص إيجابيين نشعر بمن حولنا، وكذلك تقديرنا لما نملك من نعم قد يكون غيرنا لا يستطيع الحصول عليها، لذا حاولي دائماً اصطحاب أطفالك لزيارة الأطفال المرضى والفقراء، فبالإضافة لغرس قيم الخير بداخلهم، فإن رؤية أطفال مثلهم يفتقدون لما لديهم سيعزز لديهم مفهوم القناعة.