القاهرة - صوت الإمارات
مع تعدد الوسائل الالكترونية وتطورها، لم يعد التلفزيون وحده مصدر قلق للأهل بشأن حياة أطفالهم وتأثرها من النواحي المختلفة. ففي أيامنا هذه أصبح الاطفال يتعاملون مع الألعاب الالكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي التي انتشرت بكثرة، ونادراً ما نراهم يلعبون مع بعضهم أو يتحدثون ويتناقشون.
وتأثير هذه الحالة التي نعيشها الآن لا تقتصر على جانب واحد في حياة الطفل كمسألة التواصل مع الآخرين التي يتم التركيز عليها، بل يضاف إليها التأثير في حالته النفسية وصحته وغيرها من الجوانب التي لا يمكن التغاضي عنها.
عن كل الآثار التي قد تنتج من إفراط الطفل في استعمال مختلف الوسائل الالكترونية المتاحة، وبشكل خاص تلك التي تطاول صحته وحالته الجسدية، تحدثت الاختصاصية في طب العائلة منى عثمان وشددت على أهمية الحد من تعامل الطفل مع هذه الوسائل تجنباً لكل ما قد ينجم عن ذلك من أضرار.
استعمال الانترنت لا يقتصر فقط على السيئات
تشير د. منى عثمان إلى أن استعمال الكومبيوتر والانترنت لا يقتصر فقط على السيئات، ولا شك أن له حسنات من الناحية التثقيفية وفوائد معينة. لكن تكمن المشكلة في الجلوس لساعات طويلة أمام الكومبيوتر والإفراط في استعماله. عندها تظهر آثاره السلبية على الحالة الجسدية والصحية للطفل.
أي آثار سلبية يمكن أن تظهر على صحة الطفل جراء استعمال الكومبيوتر والانترنت بكثرة؟
أبرز السيئات هي
زيادة الوزن الناتجة من الجلوس ساعات، طويلة أمام الكومبيوتر أو غيره من الوسائل الالكترونية من دون القيام بأي حركة.
آلام في الظهر والعنق نتيجة الجلوس في وضع غير مناسب.
مشكلات في النظر.
مشكلات في النوم والارق لأن هذه الوسائل تبقي الطفل متيقظاً .
تراجع في النتائج المدرسية عند الإفراط في استعمال هذه الوسائل لغير الاسباب الاكاديمية التثقيفية.
إضافةً إلى أخطار أخرى أهمها دخول الطفل إلى مواقع غير مناسبة لسنه، ومن هنا أهمية مراقبة الأهل الدقيقة لأطفالهم في هذه الحالة، خصوصاً قبل سن 11 سنة.
هل من الأفضل أن يمنع الاهل أطفالهم من استعمال كل الوسائل الالكترونية كلها في سن مبكرة؟
يصعب على الاهل ضبط اطفالهم ومنعهم من استعمال الوسائل الالكترونية. فالتجارب تظهر أن الطفل الذي قد يمنع من شيء قد يلجأ إليه سراً في غياب أهله، خصوصاً أن الانتشار الواسع للوسائل الالكترونية يجعل مسألة حرمان الطفل منها أكثر صعوبة.
ومن الطبيعي أن يشعر بالرغبة في استعمالها عندما تكون متاحة لأصدقائه. لذلك، الحل ليس في الحرمان بل في توعية الطفل في هذا الشأن إلى ان يصبح قادراً على اختيار ما هو مناسب له.
ففي المرحلة الاولى من الضروري أن يكون الأهل موجودين دائماً إلى جانب أطفالهم سواء أثناء مشاهدتهم التلفزيون أو الجلوس أمام الكومبيوتر أو استعمال الـ IPad وذلك حرصاً على مراقبة ما يقومون به. وفي الوقت نفسه تبرز عملية الإرشاد حتى يبلغ الطفل سناً معينة تمكنه من التمييز بين ما هو خطأ وما هو مفيد له.
متى يُعتبر الطفل مفرطاً في استعمال الوسائل الالكترونية والانترنت؟
تنصح الجمعية الأميركية لطب الاطفال أن يستخدم الأطفال من عمر سنتين إلى 18 سنة التلفزيون والوسائل الالكترونية لمدة ساعتين في اليوم حداً أقصى. وما يتخطى ذلك يعتبر إفراطاً. أما قبل سن السنتين فهي ممنوعة كلياً.
من الواضح انه إضافةً إلى التأثير السلبي في صحة الطفل وحالته الجسدية، ثمة تأثير في تعامله مع الآخرين والمجتمع. كيف نلاحظ هذه الآثار؟
من الواضح أن في هذه الأيام، لم يعد الاصدقاء يتواصلون وجهاً لوجه بل أكثر التواصل من خلال الوسائل الالكترونية مما يقلّل من العلاقات الشخصية والتواصل المباشر، فيميل الطفل إلى العزلة أكثر في هذه الحالة مفضلاً التسلية بواسطة هذه الوسائل.
وفي الوقت نفسه يؤثر ذلك في نشاطه الجسدي، ومن هنا أهمية الحد من استعمالها وأن يكون الأهل حاضرين ليشرحوا للطفل مساوئها.
يتيح الأهل أحياناً للطفل فرصة التسلية بواسطة هذه الوسائل لتمضية الوقت، ما البدائل الصحيحة والسليمة والمفيدة؟
ينصح بنشاطات ترفيهية كالموسيقى والرسم وغيرها من النشاطات الفنية المفيدة، إضافةً إلى خروج الأهل مع الأطفال لتمضية الوقت معهم. فالنشاطات التي يمارسها الطفل خارج المنزل تؤثر فيه إيجاباً من مختلف النواحي وتخفف التوتر لديه.
ماذا عن الرياضة، وكيف يمكن توجيه الطفل إليها بدلاً من استخدام الوسائل الالكترونية؟
ينصح الطفل بالمشي السريع لمدة ساعة يومياً او ممارسة اي نشاط رياضي آخر كالركض أو ركوب الدراجة أو السباحة، لأن الجلوس ساعات طويلة وعدم الحركة أمام شاشة التلفزيون او الكومبيوتر أو غيرهما يؤديان إلى زيادة الوزن مع ارتفاع معدل «اللقمشة» غير الصحية التي تزداد عادةً في هذه الحالة، كما أظهرت الدراسات. من هنا أهمية ممارسة الرياضة لمدة ساعة في اليوم.
والأهم أن ينصح الأطفال بنشاطات يمارسونها خارج المنزل ضمن فرق رياضية أو في النوادي لتمضية الوقت في ما يفيدهم جسدياً ونفسياً.
علماً ان الرياضة مفيدة في كل الحالات، لكن بالنسبة إلى من لم يمارسها سابقاً، الافضل البدء بها تدريجاً لمدة 10 دقائق أولاً، ويمكن زيادة المدة تدريجاً لتصل إلى ساعة التي ينصح بها، خصوصاً أن الضغط بمعدل زائد على الطفل لممارسة الرياضة بشكل يفوق قدراته يؤدي به إلى النفور منها. وأكثر ما يشجعه على ممارستها اختياره رياضة يحبها ويمارسها مع الاصدقاء مما يشجعه على المتابعة.
نصيحة اساسية
في حال جلوس الطفل امام شاشة التلفزيون أو الكومبيوتر يجب ان يكون ظهره مستقيماً، لأن الجلوس لفترات طويلة في وضع غير صحيح يسبب له آلاماً في الظهر. كما ينصح بالنظر مباشرةً إلى وسط الشاشة ليرتاح العنق.
لتجنب زيادة الوزن لدى الطفل في مختلف الظروف والحد من معدل «اللقمشة» غير الصحية لديه، ينصح بتجنب الأطعمة غير الصحية في المنزل والتركيز على تلك الصحية وتأمين وجبات صغيرة صحية كالفاكهة واللبن القليل الدسم والخضر. إضافةً إلى أهمية التركيز على الفطور كوجبة أساسية تعطي إحساساً بالشبع طوال اليوم وتخفف احتمالات زيادة الوزن.