براءة الأطفال في ظل الشهرة

يرى الأطفال باب الشهرة أمامهم مفتوحًا على مصراعيه إما بتأثير الممثلين والممثلات الصغار أو بتأثير الإعلانات أو الكثير من برامج المواهب المتنوعة التي باتت لا تحصى ولا تُعد.

وهكذا فإن الأطفال ممن يشاهدون أو ممن يشاركون يتأثرون كثيرًا بمفهوم الشهرة والمال والجمال وتنحصر الموهبة في الصوت والشكل فقط وتتراجع أهمية العلم والجد والاجتهاد أمام الغنى اليسير والشهرة السريعة.

هل شاهدت مرة برنامجًا يستضيف أحد هؤلاء النجوم الصغار، أو ربما آخر يجعل من واحدة منهم مذيعة؟ هل شاهدت كيف تتضاءل براءتهم بشدة مقارنة بغيرهم من الأطفال؟ سترين كم يشبه حديثهم أحاديث الكبار في الصوت والحركة والتقمص فتمحو كل تلك الأشياء براءة الطفولة داخل نفوسهم.

إذا فكيف تتعاملين مع طفلك الذي ينبهر باﻷضواء سواء مشاركاً فيها أو متطلعاً إليها:

بالنسبة للأطفال المشاركين في الإعلانات أو المسلسلات، ستجدين كم تؤثر الشهرة على الطفل لدرجة أنها تبعده عن دراسته، علاوة على حرمانه من أن يعيش طفولته، المتمثلة في الأحداث اليومية البسيطة، التي تمر في حياة الأطفال العاديين. وتجلب له صفات سلبية مثل التوتر والعصبية، فضلًا عن الكبر والغرور. وكثيرًا ما تؤثر في المستوى الأخلاقي إذ يتعرف على ما لا يجب أن يراه ويسمعه في هذا السن خاصة إن شارك في عمل فني يخوض في بعض المسائل الشائكة ومنها ما أثير قريبًا حول بعض المسلسلات الحديثة.
(اقرأى أيضاً: تأثير مشاهدة اﻹعلانات على اﻷطفال)

والعجيب أن أغلب الأسر التي ترتضي ذلك لأطفالها هي أسر غير محتاجة ماديًا كما قد يتصور البعض، لكنها أسر تنظر للشهرة والمال نفس النظرة الخاطئة وربما لا تضع أهمية كبرى لدورها التربوي في حياة طفلها.
(اقرأى أيضاً: كيف تغرسين قيمة القناعة فى نفوس الصغار)

الطفل في سن مبكرة غير مؤهل للتعامل مع الأضواء والشهرة واتخاذ القرار، وهكذا فإنت تضعه في مكان لا يناسبه وترغمه على اتخاذ قرارات لا تناسب عمره وتعرضه لظروف لا يتعرض لها الطفل العادي.
وتشير دراسة أجرتها جامعة كاليفورينا أن مراهقي وأطفال اليوم يميلون إلى تقدير الشهرة، والإنجازات، والثروة، أكثر من الأطفال فى العصور السابقة، بسبب البرامج التليفزيونية الشعبية، وغيرها من وسائل الإعلام.
ووضحت الدراسة مدى التحول الهائل في القيم الثقافية القائمة والتي أدت إلى وصول هذه البرامج إلى حياتنا بشكل كبير، فضلًا عن الإعلانات التي أصبحت برنامجًا يوميًا أساسيًا في التلفاز والإنترنت وأصبحت في متناول الأطفال على الدوام وبالتالي امتلكت التأثير الرهيب عليهم.
(اقرأى أيضاً: تقويم السلوك اﻷناني لدي طفلك)

ولا يختلف اثنان على أن الشهرة والنجومية تدر الأموال الطائلة لكنها بالمقابل تحرم النجوم من الحياة الطبيعية ويعاني الكبار منهم قبل الصغار من التوتر والخوف وغير ذلك. والغنى في ذاته ليس ذنبًا ولا هو أمرٌ مكروه لكن الثراء بعد الكد والجد والاجتهاد يختلف عن الثراء الناجم عن الجمال أو الصوت وحده. وإن كان البعض يستطيع التغلب على مضار الشهرة فلن يكون ذلك إلا رجلًا أو امرأة في سن ناضجة وليس طفلًا أو مراهقًا.
وعلى الأسرة أن تحمي أطفالها من مجرد تأثير هذه البرامج والتلفاز كما بينت مقالات أخرى لدرجة أن كثير من الخبراء يرون مثلًا أن التلفاز ممنوع تمامًا في أول عامين، ثم لمدة ساعة واحدة في اليوم وهكذا. 
أما الأسرة التي يعمل أبناؤها في هذا المجال فليس أقل من أن يكون هذا عملًا صيفيًا مثلًا وأن تستشير إخصائي نفسي لكيفية التعامل مع الابن المشهور وإن كان أغلب الخبراء والأطباء النفسيين لا ينصحون بذلك.